المستقبل للربيع العربي رغم التحديات فالأزهار لا تذبل في الربيع هكذا يرى الوضع جمال إمام
الاقتصاد الآننوفمبر 8, 2011, 12:11 م 595 مشاهدات 0
إنها من المرات القليلة جدا، التي يستطيع العالم العربي أن يؤثر بقوة في المشهد الدولي، وأن يكون ملهما، لهذا التحول غير المسبوق، الذي نتابعه على مسرح الأحداث، حيث تعيش نحو 860 مدينة في العالم، احتجاجا عالميا مستوحى من الربيع العربي ضد هيمنة المؤسسات المالية..
باختصار، أزهر الربيع العربي..
ووجدنا 78 دولة في قلب المشهد تبحث عن حلول للأزمة المالية، التي تعصف بعشرات الدول ضد ما يسمى (بالحكومة المالية العالمية)، التي سيطرت على المؤسسات المالية من خلال مجموعة من اللوبيات، كما تصفها الاحتجاجات العالمية، واستحوذت عليها، وباتت مسؤولة برأيها عن الكساد الاقتصادي، وعن ارتفاع أسعار الغذاء العالمية، وعن شبح الانهيار الاقتصادي الذي يهدد اليونان وأسبانيا وحتى الولايات المتحدة الأمريكية.
والواقع أن روح ثورة الياسمين التونسية، وميدان التحرير في مصر، حاضرة بقوة كمحرك، لا يمكن تجاهله، يجعل أزهار الربيع العربي يانعة، لم تذبل، ولم تفقد رونقها، ولا سحرها، ليس فقط في الغرب، الذي يعترف بتأثير هذا الربيع، على ما يٌوصف بالانتفاضة العالمية ضد الرأسمالية المتوحشة، ولكن في العالم العربي نفسه، على الرغم مما يبدو، أو يعتقده البعض، بأن اللون الأخضر بدأ ينسحب من الأزهار، وسرعان ما سيموت الربيع..
ولكن نسي الواهمون، أن اللحظة الفارقة في تاريخ الشعوب، يولد معها الحلم، الذي بدأ يحلق فوق العالم ليمتد من أمريكا إلى آسيا، ومن إفريقيا إلى أوروبا، في حملة احتجاج عالمية سلمية، ضد العولمة، وذراعها الاقتصادي ( الشركات الدولية، متعددة الجنسيات، عابرة القارات، البنوك، ومؤسسات الإقراض الدولي، وغيرها )، و ذراعها الإعلامي الذي وقف، مدافعا عن مصالح هذه الشركات..
ليشمل سقف المطالب، مطالب الربيع العربي، وإن تمدد ليعبر عن إرادة دولية، تتمثل في فرض ضرائب على الشركات الغنية، وإنهاء الحروب وإعادة القوات المسلحة التي أرسلت خارج بلادها إلى أوطانها وتقليص الموازنات العسكرية، وتدعيم شبكات الأمان الاجتماعية، وتحسين مستوى الرعاية الصحية للناس جميعا، وإلغاء الدعم الذي تقرر لشركات النفط والمؤسسات المالية الكبرى، والانتقال إلى اقتصاد نظيف للطاقة، ومواجهة ظواهر التدهور البيئي، وحماية حقوق العمال بما في ذلك حق التفاوض الجماعي، وإيجاد فرص عمل جديدة ورفع مستوى الأجور، والقضاء على تأثير المال في مجال السياسة..
فهل كان الربيع العربي بعيدا عن هذه الأحلام..
الواقع أنه جاء معبرا عن المشروع العربي في النهوض والتقدم بمفهومه الواسع، والذي يتطلع معه إلى بناء المستقيل الذي يستفيد فيه، من موارده الطبيعية والبشرية ومن موقعه الجيوسياسي، وكذلك من إرثه الثقافي والحضاري، ليلعب دورا يليق بحجمه وثقله وتأثيره أيضا..
والملفت للنظر، والمثير في نفس الوقت للدهشة، أنه مازال هناك قصور في الرؤية لدى كثيرين، يحصرون الربيع العربي في قضايا بعينها، سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية، وهي إن كانت ضرورية ومهمة لتحقيق المعادلة (الديمقراطية، المواطنة، العدالة الاجتماعية)، إلا أنها نظرة ضيقة، تتجاهل الأهداف البعيدة للربيع العربي، في النهوض بالعالم العربي الذي تأخر كثيرا، وسبقته قوى إقليمية لا تملك إمكانياته وموارده (إسرائيل، اليابان، كوريا الجنوبية، سنغافورة، تركيا)..
لذلك نجد أنه من الأهمية بمكان، الانتباه إلى كل المشاريع التي تستهدف إجهاض الربيع العربي، وهي تبدو أكثر تركيزا، على مشروع النهوض في مصر، على اعتبار أنه القاطرة التي تدفع المشروع العربي نحو الأمام..
وكما ترى مجلة الإيكونوميست البريطانية، التي قدمت دراسة تفصيلية حول ثورات الربيع العربي، بحثت في مستقبلها وتأثيراتها المرتقبة علي المنطقة والعالم، فإن أحد السيناريوهات التي تناقش هذا المستقبل، يرتبط بشكل المنتج السياسي النهائي، الذي يغلب عليه الاضطرابات والمشاحنات بين مختلف القوي، من دون أن تتمكن جهة واحدة من الانفراد بالسلطة..
كما هو واضح حاليا في اليمن وليبيا وسوريا، وإن استثنت الإيكونوميست مصر وتونس..
والواقع أن المخاوف من حصار الربيع العربي، لا ترتبط فقط بإجهاض المشروع العربي على المدى البعيد، بقدر ما ترتبط أيضا بمستقبل الشرق الأوسط، وبالمخاوف الإسرائيلية من تغيير موازين القوى في المنطقة..
وهي مخاوف حقيقية عبر عنها، رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو، أثناء مراسم تنصيب الرئيس الجديد لهيئة أركان الجيش الإسرائيلي في مستهل الربيع العربي، بتأكيده
أن إسرائيل تعيش فترة من انعدام الاستقرار في الشرق الأوسط، واستخدم تعبيرا يلخص هذه المخاوف هو أن (الجيش الإسرائيلي الذي يعتبر الكفيل الوحيد لضمان مستقبلنا)..
لذلك تعمل إسرائيل على جبهتين..
الأولى توسيع ودعم الاضطرابات في مناطق مختلفة من العالم العربي.. والثانية تكديس المزيد من الأسلحة، لتوسيع الفارق في موازين القوى، حيث أعلن وزير الدفاع إيهود باراك، أن إسرائيل تتوقع الحصول على مساعدات عسكرية أخرى من الولايات المتحدة بحجم 20 مليار دولار، بسبب الأحداث الأخيرة في العالم العربي..
وهي تكشف عن حالة فزع، من قوة الربيع العربي، ومده الذي كشف عنه، الاعتذار الرسمي الإسرائيلي الذي تم تقديمه لمصر عن مقتل جنود الأمن المصريين الشهداء على الحدود، وهو اعتذار جاء تحت ضغط وقوة التغيير في مصر، وكذلك نجاح صفقة تبادل الأسرى الفلسطينيين مقابل الأسير الإسرائيلي جلعاد شاليط، وحجمها، ونزول إسرائيل على جانب كبير من شروط حماس، بدعم من مصر، لتمرير الصفقة، والذي يواكب أيضا تغيير في قواعد المفاوضات بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، بالتمسك بالذهاب إلى الأمم المتحدة لطلب العضوية الكاملة في المنظمة الدولية، رغم كل الضغوط الأمريكية ومن بينها التلويح بالفيتو.. المستقبل للربيع العربي، رغم كل التحديات، فالأزهار لا تذبل في الربيع..
تعليقات