عمر الطبطبائي يصف كُتّاب الحكومة بـ 'تجار ماء السراب'

زاوية الكتاب

كتب 1243 مشاهدات 0

عمر الطبطبائي

من بين الآراء / استكانة حبر مع كتّابهم!

«الكاتب يسرد أفكاره للملأ... فتكون كدستوره الشخصي... أي تغيير في مواقفه قد يعتبر مخالفة لدستور عقله». الأخ عبدالوهاب المفلح.

كان هذا الحوار والذي جرت أحداثه على طاولة الخيال على استكانة من الحبر بيني وبين أحد كتاب السلطة الجدد الكاتب سعود السمكة والذي اقتبست كلماته من أحد مقالاته:

ا.سعود: «المراقب للمشهد السياسي منذ فترة، سواء داخل مجلس الأمة أو على مستوى النشطاء السياسيين، يلاحظ أن هناك أزمة بالفعل».

عمر: استاذي، نحن تخطينا حدود الأزمات وبدأنا بمشهد انهيار الكويت من على خريطة العالم ومن قلوب كتاب السلطة وغيرهم!

ا.سعود: «هذه الأزمة ليست بسبب تواضع الأداء لدى الإدارة الحكومية، ولا بسبب تدني مفهوم المسؤولية لدى الجانب النيابي!».

عمر: يعني هناك اعتراف بتواضع الأداء الحكومي، وهناك اعتراف أيضا بضعف الجانب النيابي والتي أغلبيتها بيد الحكومة!

ا.سعود: «بل إن الأزمة في حقيقتها تكمن أولاً وأخيراً إما في غياب التشخيص لها».

عمر: التشخيص أوضح من وضوح الشمس، لكن هناك من يحاول غض البصر عنه خصوصاً أصحاب الطموح المتأخر أو من تخطاهم قطار العمر لكبر سنهم فأصبح من الصعب عليهم تحديد مكان كلمة الحق!

ا.سعود: «بمعنى أن مفتعلي الأزمة نجحوا في عملية خلط الأوراق لدرجة أنها أربكت قدرة بعض السياسيين النشطاء على التشخيص، سواء الذين يمارسون مهنة النيابة من النواب داخل مجلس الأمة، أو من الذين خارجه!».

عمر: بالضبط كمقالات كتّاب السلطة، فهم من يحاولون خلط الأوراق وتشتيت أذهان القراء عن التشخيص والعلة!

ا.سعود: «واما أن الجميع مستفيد من هذا الخلط».

عمر: أبدا ليس الجميع، فالبلد لن يستفيد ولا الشعب، المستفيد الحقيقي هم أصحاب المصالح المادية وتحقيق الطموح بأي ثمن لا سيما الذين يضحون بمكانتهم الاجتماعية وبمسيرة سرد أفكارهم لتخليص بعض المعاملات رغبة في الكرسي الأخضر.

ا.سعود: «وبالتالي يصدق المثل القائل «كل يدني النار صوب قرصه».

عمر: بل يصدق المثل القائل «كل يرى الناس بعين طبعه» خصوصاً في خلط الأوراق والحقائق.

ا.سعود: وهذا بكل تأكيد على حساب استقرار البلد!»

عمر: وللمرة الأولى أتفق معك بعد تغيير موقعك «من و إلى» لذلك تجب تعرية كتاب السلطة.

انتهى الحوار الخيالي ونبدأ مقالنا الواقعي...

من الطبيعي أن تكون لكل حكومة في العالم كتابها، حيث ان الحكومات في الدول المتقدمة تتشكل من الحزب الحائز على الأغلبية البرلمانية ومن الطبيعي أن يدافع كتاب الحزب عن أحزابهم، ولا تُستثنى (بضم التاء) طريقة تشكيل حكومتنا عن طريقة الدول المحترمة إلا أن الاختيار يتم عن طريق حزب الفساد وأصحاب المصالح، لذلك نرى كتابهم يحاولون جاهدين ان يوهموا الشعب بأن يرتووا من ماء السراب، فهكذا هم يكذبون... ماء السراب!

عندما نعارض حكومتنا في مقالاتنا فهذا لا يعني معارضتنا للحكم أو لأسرة الحكم كما يحاول كتابهم إيهام المجتمع، وعندما ننتقد وزيراً أو نائباً من حزبهم لا نفهم سبب قيام قيامتهم، لكن المنطق يقول إن السبب يحوم حوله كلمة «مصالح» التي تتعلق بالدينار أو بالكرسي الأخضر، تاركين هَم الوطن تحت أقدامهم! وعلى الرغم من قيام قيامتهم الا أنهم تناسوا أن لا فرق بينهم وبين نار جهنم فكلاهما يسأل «هل من مزيد»!

أغلب كتابهم يظهرون خوفهم على الكويت وفي الحقيقة أن كلماتهم يكسوها رداء المصالح فهم اتخذوا من «الطار» وسيلة في الكتابة بدلا من القلم، (وما القلم سوى ضمير حامله)، وحدهم هؤلاء وضعوا رؤوسهم تحت أقدام البلاط وحدهم لا يعرفون معنى شموخ النفس، والعزة والكرامة، ولا يعرفون معنى الوطن، فمثلهم لا ينتمي إلا لدولة المصلحة.

أغلب كتابهم لم يبق من اعمارهم أكثر مما مضى ورغم ذلك يملكون من اللياقة ما يجعلهم «يتشقلبون» من جانب لآخر، من تاجر لآخر، من شيخ لآخر، من معارضة إلى موالاة حسب المنفعة.

من المحزن أن تجار ماء السراب من كتاب لم يتفكروا بملامح وطن تبعثر من كلماتهم، وطن بحاجة إلى جهاز الأكسجين حتى يتنفس من جديد لكنهم مشغولون بالطار والسمر على جراحه، وطن يعاني من مرض الفساد الذي لن يفرق مستقبلا بين داعمي الفساد ومحاربيه لأنه سيجرف الجميع.

من السهل أن يزوروا الحقائق في مسح أخطاء أولياء مصالحهم في مقالاتهم لكن من المستحيل أن يمسحوا الحقيقة من سطور أوراقنا ومقالاتنا وعقولنا ومن المستحيل أيضا أن يمسحوا أسماءهم التي حفرت في سلة مهملات الزمن، فالتاريخ كالشاطئ تمر عليه الأحداث كالأمواج وتختفي ويبقى الشاطئ في هيبته لا ينسى تفاصيل أمواجه!

تجار ماء السراب يتغابون أحيانا ويظنون أننا لا نميز الفرق بينهم وبين المخلصين فأقلامهم كالشموع التي تذوب حتى تضيء ليالي مصالحهم الحمراء أما أقلام المخلصين فهي شموع لا تنضب ولا تذوب تنير درب الوطن بإخلاص وحب.

عزيزي القارئ، لن أصدقك اذا قلت لي إنك شربت من ماء السراب لكن حتما سأصدقك اذا قلت لي إن كتابهم ادعوا بأنهم اصطادوا سمكاً من ماء السراب!

دائرة مربعة

حتى الورقة تجرح، إن لم تكن بكلماتها ففي أطرافها!

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك