يرى بن طفلة أن أنظمة الخليج محصنة من السقوط، فكيف ولماذا؟

زاوية الكتاب

كتب 2675 مشاهدات 0


تمحور منتدى صحيفة 'الاتحاد' السنوي هذا العام على الربيع العربي ومستقبل الثورات العربية، وكان لي رأي متواضع حين طرح موضوع أنظمة الخليج العربي الوراثية، مفاده أنها محصنة على المدى المنظور من أي مطالبات 'بإسقاط النظام' مثلما حصل في الأنظمة الجمهورية العربية، وقد بنيت قناعتي على سببين أساسيين:

أولاً، يمكن للمصري الثائر أن يقارن أوضاعه الجمهورية بأوضاعه الملكية متحسراً: كان في مصر برلمان وحكومات منتخبة وأحزاب وحريات فردية وعامة ولم يكن النظام قمعيّاً مخابراتيّاً مثلما جرى بعد الانقلاب على الملك فاروق.

ويمكن للعراق أن يتوجّد على أيام الملكية الهاشمية ويحن لأيام الأحزاب والبرلمان العراقي والحكومات والنقد المباح، إذا ما قارنها بالجمهوريات التي أعقبت ثورة 14 تموز التي أطاحت العهد الملكي.

كما يمكن لمن ثار على القذافي أن يتذكر بالحنين أيام الملك السنوسي مقارنة بالعهد الديكتاتوري الدموي الذي جلبه القذافي على شعبه وبلده.

بل حتى اليمني، يمكن له أن يستذكر بالشوق مرحلة الإمامة التي كانت فيها الأمور أفضل من أيام علي عبدالله صالح.

لكن لا يوجد مواطن دولة خليجية يمكن له أن يقول إن الأوضاع في بلاده كانت أفضل مما هي عليه قبل حكم الأسرة الحاكمة في بلده، فمثلاً: يستحيل أن يقول كويتي إن الكويت كانت أكثر ديمقراطية قبل حكم آل صباح منذ ثلاثة قرون، ذلك أن الكيان السياسي الكويتي ارتبط منذ بدايته بحكم آل صباح.

ومن غير المعقول أن يقول مواطن سعودي إن المملكة العربية السعودية كانت أكثر أمناً قبل أن يحكمها آل سعود، ذلك أنها قبل حكم آل سعود كانت فوضى قبائل متناحرة تتقاتل فيما بينها وتنهب حجاجها، وتقتل من يحاول منافستها على الماء أو الكلأ. وكذلك أسرة آل نهيان التي تعاقبت على حكم أبوظبي منذ ثلاث قرون أو يزيد، ومن غير المنطقي أن يتحدث مواطن إماراتي عن أي نهضة أو وحدة أو ازدهار أو استقرار أو حتى كيان سياسي قبل مجيء الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله، الذي وحد البلاد وحولها لنموذج يحتذى به في مجالات عدة.

وهكذا، الأمر بالنسبة لباقي دول مجلس التعاون الخليجي، فلا دول أو كيانات أصلًا قبل حكم هذه الأسر التي تشكلت حولها الدول الحديثة، ما يجعل من رفع شعار 'إسقاط النظام' في أي دولة خليجية، دعوة للفوضى والدمار. الأمر الذي سماه الزميل وحيد عبدالمجيد -رئيس مركز الأهرام للترجمة والنشر- بالشرعية التاريخية للأنظمة الوراثية الخليجية.

والسبب الثاني الذي يجعل من شعار 'إسقاط النظام' أمراً غير منطقي في دول الخليج، أن أنظمتها -وعلى الرغم من عدم ديمقراطيتها- إلا أنها تتصف بإنسانيتها مقارنة مع المحيط، فالإنسان العادي قد لا ينظّر بالمقارنة، ولكنه يعي ويدرك ويتابع ما يجري في الأنظمة الجمهورية العربية المحيطة من تعذيب يطال العرض والشرف، وإمكانية أن تباد عائلة أو عشيرة بأكملها لأن أحد أبنائها عارض النظام، أو ربما قال كلمة ضده.

يلزم التأكيد هنا بأن أنظمة الخليج ليست 'مدناً فاضلة'، ومن الضرورة المطالبة بتحسين الأوضاع فيها على كافة المستويات، وحري بمثقفيها -كل من موقعه- المطالبة السلمية والدفع بتعزيز مسائل حقوق الإنسان والمشاركة السياسية والحريات العامة، وهي أمور تتفاوت هوامشها من بلد خليجي إلى آخر، لكن سنن الحياة تتطلب التغيير دوماً، فالتغيير من مؤشرات الحياة، ومن سمات التطور. في الإمارات جرت انتخابات تشريعية قبل أيام، وفي المملكة العربية السعودية أقرت حقوق للمرأة بدخولها للبرلمان، وفي عمان تغيرات حكومية وصلاحيات تشريعية للبرلمان، وفي قطر إعلان من أميرها بانتخابات مجلس الشورى العام 2013، وهكذا...وللحديث بقية..

 

الاتحاد-إيلاف

تعليقات

اكتب تعليقك