الناتج الإجمالي الأوروبي يساوي ثلاثة أضعاف ما للصين، ونحن غير قادرين على الإبداع والإنتاج من كلمات الرئيس الفرنسي السابق يحللها عبداللطيف الزبيدي
الاقتصاد الآننوفمبر 1, 2011, 10:19 ص 1036 مشاهدات 0
الكاتب عبد اللطيف الزبيدي
ماذا وراء الأزمة المالية في أوروبا؟ فاليري جيسكار ديستان، الرئيس الفرنسي الأسبق، يشكك في حقيقة ما يجري، على طريقة شوقي: “وهذي الضجة الكبرى علاما؟” . إذا قال جيسكار فصدقوه، فإن ديغول كان يراه أكبر دماغ فرنسي في المالية والاقتصاد .
قال لإحدى القنوات الفرنسية (لوموند 26 أكتوبر): “إنني مندهش من تناول هذه المسألة بإثارة وتهييج، وبكفاءة ضعيفة نسبياً”، لماذا الذهول، يقول: “لدينا عملة فريدة . وكيف هي اليوم؟ إنها تصعد . إنها ليست في أزمة” .
المسألة في غاية الأهمية، إذا أردنا فهم ما ورائيات الأزمات . هو لم يشر بصريح العبارة إلى وجود تسييس للأزمة . ولكنه يكاد . ولكنه كأنه . فماذا يعني هذا الشك: “في مايو ويونيو الماضيين، أجريت اختبارات لكل المصارف الأوروبية، وثبت عدم وجود مشكلات جدية، وأن لديها مخزوناً . بعد ثلاثة أشهر صاروا يتحدثون عن إعادة رسملتها، فكيف يستطيع المواطنون استيعاب ذلك؟” . ويضيف: “من ناحية أخرى، ليست هذه من شؤون رؤساء الدول والحكومات، بل هي مهمة المصارف المركزية” .
لا يستطيع أحد القول إن هذا الرجل، ابن الخامسة والثمانين، يخرّف، فهو متخصص في الرياضيات والفلسفة والمالية والاقتصاد، وروائي وعضو المجمع اللغوي الفرنسي، وفي صدارة بُناة الاتحاد الأوروبي، علينا أن نتذكر ما قيل في الصيف الماضي عن استفادة ألمانيا وفرنسا، من الأزمة . فرؤوس الأموال والاستثمارات تفر من مناطق القلاقل إلى الأحضان الدافئة المطمئنة، قد يكون ذلك سبباً من أسباب الضجة الكبرى . حتى لا نذهب إلى ما هو أبعد في سوء النوايا .
ثم يطرح جيسكار هذه القضية: “ثمة موضوع مهم: هل البلدان السبعة عشر في منطقة اليورو، وهي وحدها التي تريد السير قدماً بأوروبا، ستشكل بين سنتي ثلاثين وأربعين، قوة اقتصادية ومالية في حجم الولايات المتحدة والصين؟” ويعقب: “كل الناس في هلع، ولكن الناتج الإجمالي الأوروبي يساوي ثلاثة أضعاف ما للصين، ونحن نتصرف كما لو كنا لا شيء، بلا معنى، متخبطين، غير قادرين على الإبداع والإنتاج” .
ويوصي في نهاية حديثه بضرورة “العودة إلى المفهوم الديغولي للاستراتيجية السياسية، أي النظر إلى بعيد قليلاً” .
لا شك في أن القارئ أدرك العصافير التي أردت إطعامها بحبَّة هذه الزاوية . من هنا نسأل الجامعة العربية، عما إذا كانت قد فكرت، ولو للحظة، في هذه الأمة كيف ستكون بعد ثلاثة عقود؟ ولماذا نحن نتصرف كما لو كنا لا شيء، بلا معنى، متخبطين، غير قادرين على الإبداع والإنتاج؟ وما الذي يقف وراء إنجاب أنظمة طبائع الاستبداد؟

تعليقات