المهندس فهد الصباح يتساءل متى تصبح عندنا إدارة اقتصادية رشيدة؟
الاقتصاد الآنأكتوبر 31, 2011, 9:28 ص 695 مشاهدات 0
تأخذ خطة التنمية حيزا كبيراً من الاهتمام الحكومي والسياسي في البلاد، وقد حدد سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد في الخطاب الذي القاه في حفل افتتاح دور الانعقاد الرابع للفصل التشريعي الثالث عشر لمجلس الامة، الاطار العام للهدف الاستراتيجي لهذه الخطة حين قال «هذه الخطة تعكس رؤية الدولة حتى العام 2035 الرامية الى تحويل الكويت مركزا ماليا وتجاريا عالميا، وتقوم على اضطلاع القطاع الخاص بدور قيادي في هذا الشأن، وتعزيز روح المنافسة ورفع كفاءة الانتاج»، لكن ذلك لا يتحقق الا في ظل اطار مؤسسي تؤدي فيه القطاعات عملها بشكل صحي بعيدا عن المناكفة السياسية التي تنزلق في بعض الاحيان الى العبثية، وهو ما نعيشه منذ اشهر فيما هناك الكثير من القضايا المتصلة باعادة النظر في البرامج الاقتصادية والقوانين التي لاتزال بعيدة عن البحث الجدي، سواء كان في مجلس الامة، او في اللجان والمؤسسات المعنية والوزارات المعنية، وهو ما تحتاجه الحكومة من اجل الانطلاق في خطتها التنموية التي هي في الاصل خطة لاعادة بناء الكويت على اسس عصرية مواكبة لحركة التطور التي يشهدها العالم، وتستفيد من التغييرات الاقتصادية التي تجري في العديد من الاقتصادات، سواء كان على الصعيد الاوروبي الذي يعيش حاليا ما يشبه اعادة الولادة بعد نحو 65 عاما على انتهاء الحرب العالمية الثانية، والخروج من ظلال المشاريع الكبرى التي رافقت اعادة الاعمار، وتأسست على مشروع مارشال في وقت كان فيه الاقتصاد الاميركي يتربع على عرش الازدهار وجني المكاسب جراء عدم تعرض البنية التحتية الاقتصادية الاميركية للدمار، كما حصل في اوروبا (الغربية والشرقية) والاتحاد السوفييتي، واليابان، فيما هو الان يرزح تحت عبء ديوان يكاد يصل بالاقتصاد الاول في العالم الى شفير الافلاس، ما اثر سلبا على غالبية الدول في العالم.
امام الكويت فرصة تاريخية لتكون الواحة العربية والاسيوية القادرة على انتاج نموذج اقتصادي اكثر قوة ورسوخا وتأثيرا في محيطه والشرق الاوسط ككل، ليس فقط من خلال تحويلها مركزا ماليا وتجاريا، بل عبر جعلها خزينة المنطقة، ونقطة التواصل بين الاقتصادات المحيطة التي تحتاج الى منفذ استثماري يرعى عملية تنمية الموارد بعيدا عن تأثير مراكز قوى اجتماعية تؤدي دورا معرقلا في الاقتصاد كما يجري في العديد من الدول المجاورة، بينما الهامش الديموقراطي السياسي الكويتي انتج ما يشبه الديموقراطية الاقتصادية لكنها لا تزال في مراحلها الاولى واذا خضعت للعناية تستطيع فعلا جعل الكويت سويسرا الشرق ماليا ومصرفيا، لان التنوع المصرفي هو الشرط الاول لجعلها مركزا ماليا وتجاريا عالميا، فيما الانغلاق الاستثماري الحاصل حاليا، لن يساعدها على التطور والوصول الى الهدف المنشود.
ما قاله سمو رئيس مجلس الوزراء في خطابه يعتبر قاعدة يمكن البناء عليها اذا نظر اليه باهتمام، واذا ادركت المؤسسات المعنى العميق لما يعنيه الانتقال بالاقتصاد الوطني الى مرحلة التأثير الاقليمي والعالمي، وهذا يتطلب بالدرجة الاولى اعادة النظر في سلسلة الاجراءات التي اتخذها البنك المركزي والمؤسسات المالية في البلاد، وادت الى تقييد حركة الاموال بسبب مناكفة سياسية وقصر نظر من الجهات المصرفية في القطاع الخاص التي انساقت في لعبة سياسية لن تدرك مخاطرها الا في مرحلة لاحقة، كما ان الدولة لن تستطيع توظيف الفوائض المالية بالشكل الذي يعود بالفائدة على اقتصادنا اذا لم تبادر الى تهيئة الظروف المناسبة لذلك، واهمها الخروج من دائرة الركون الى الانماط القديمة في الاستثمار، وعدم تعزيز قدرات بعض الهوامير على حساب عامة المواطنين، لان الاستمرار بالعمل في هذه الانماط يعني ان تحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري عالمي سيبقى شعارا، وهذا ما لا يريده لا سمو رئيس مجلس الوزراء ولا القيادة السياسية التي تراهن على المبادرة الفردية الوطنية في ظل رعاية ومتابعة حكومية مسؤولة ورشيدة، وذلك يساعد على تنمية الثروة الوطنية وحفظها.
الكاتب - م. فهد داود الصباح
تعليقات