دبي سبقت العالم باسلوب اعادة هيكلة شركاتها وديونها ولكنها تعرضت للهجوم بسبب المعايير المزدوجة للغرب برأي رائد البرقاوي

الاقتصاد الآن

343 مشاهدات 0


يحق للغرب ما لا يحق لغيره . . مقولة تنطبق حرفياً على الأزمة الأوروبية تجاه اليونان وحلها الذي أفضى إلى إقرار قادتها اتفاقاً يفرض على البنوك الأوروبية والعالمية والدائنين خصماً بنسبة 50% على سندات دين مترتبة على أثينا، أي شطب 100 مليار دولار .
 
تفاعلت أسواق العالم إيجاباً، وخرج الجميع سعيداً رغم الخسارة الضخمة التي تكبدتها البنوك ومؤسسات القطاع الخاص، لأن عكس ذلك يعني فقدانها أموالها كافة، فاليونان كانت على مشارف إعلان إفلاسها لأنها لا تستطيع السداد .
 
والسؤال الذي يطرح هنا مع هذا الحدث الكبير: لماذا قامت قيامة البنوك ومؤسسات المال والسياسيين في الغرب عندما قالت دبي قبل ثلاث سنوات إنها تعتزم إعادة هيكلة بعض شركاتها التي تأثرت بأزمة المال العالمية؟
 
دبي آنذاك لم تقل مطلقاً إن شركات تجارية تابعة لها غير ملتزمة بالأموال التي اقترضتها رغم أنها مخصصة لأعمال تجارية واستثمارية بحتة، لكنها تحدثت عن إعادة هيكلة فقط، وإعادة جدولة ديون بحيث يتم تأخير موعد استحقاقها إلى خمس أو ثماني سنوات مع التزامها بخدمة الدين، ومع ذلك “جن جنون” الدائنين الذين استخدموا كل الوسائل بما في ذلك الإعلام لشن حملة تحريض غير مسبوقة .
 
الحقيقة أن حكومة دبي في تعاملها مع إعادة هيكلة بعض مؤسساتها التجارية كانت أكثر من عادلة مع الدائنين، في الوقت الذي سددت فيه كامل استحقاقات السندات، ولو عاد الزمن لقلنا إن تلك المؤسسات المقرضة كان يجب أن تدفع جزءاً من الثمن الذي تحملته دبي وحدها، فعملياتها الإقراضية كانت تجارية بحتة وليست سيادية، وبالتالي غير مضمونة وتحتمل الربح والخسارة، فكما جنت البنوك في الطفرات المليارات، يفترض أن تتحمل الخسائر أيضاً في الأزمات .
 
أكثر من مرة كتبنا في هذه الزاوية أن اتفاقات إعادة جدولة ديون بعض المؤسسات في دبي ستكون مثالاً للبنوك العالمية تأمل بأن تحققه في تعاملاتها المالية في أرجاء العالم، لكن الإعلام الغربي، وبعض العربي، لم يعحبه ذلك، واستمر في التشويه، إلا أن الحقائق التي تلت اتفاق دبي، بما في ذلك متغيرات الأزمتين الأوروبية والأمريكية، تؤكد صحة الطرح .
 
وما دامت عمليات إعادة الهيكلة للجزء اليسير المتبقي من الشركات مستمرة، فإن المشرفين عليها أمامهم الآن النموذج الأوروبي للاستفادة منه، خصوصاً أن المدينين في كافة أنحاء العالم سيطالبون الآن بمعاملة مماثلة لمعاملة اليونان ويفترض منا أن نطالب بمعاملة مقاربة لها على الأقل .
 
الظروف تغيرت الآن بعد الحل الأوروبي، ولذلك فإن الشروط والاستحقاقات يفترض أنها تغيرت أيضاً، فالموقف التفاوضي بات أكثر قوة، ومن المفترض أنه يميل إلى مصلحة المدينين وليس الدائنين الذين أخذوا أكثر من حقهم في أكثر من مناسبة خلال الطفرات والأزمات .

الخليج الإماراتية

تعليقات

اكتب تعليقك