بورصة نيويورك قوة دمار اقتصادي وسياسي فالمجتمع الاميركي بفظائع قصة بلائهم الاقتصادي عبارة عن مسرحية ذات أجزاء ثلاثة ، حامد الغربللي ينقل راي اقتصادي
الاقتصاد الآنأكتوبر 28, 2011, 12:27 م 639 مشاهدات 0
انتفاضة سلمية ضخمة في نيويورك؟ يا للهول! أكاد لا أصدق، فخلال الأجيال الماضية تحقق «الحلم الأميركي» المنشود للكثير من الأميركان والمهاجرين في بلاد الابتكارات والاختراعات والفرص. واليوم تتمركز المظاهرات وتجمعات المعتصمين في الحدائق العامة لمنهاتن بالقرب من بورصة نيويورك، أرقى حي للمال والأعمال في العالم. فحملة «احتلوا وول ستريت O.W.S» تعبّر عن سخط واستياء وإحباط الشباب وغيرهم المنادين بالمساواة، لما آلت إليه أوضاعهم المعيشية السيئة، رافضين استراتيجيات بلادهم الاقتصادية والمالية والاجتماعية التي لم تف بوعودها منذ اندلاع الأزمة المالية. دشنت «الحركة» حملتها الجريئة قبل شهر وهاهي تكتسب حاليا عزما وزخما شعبيين متزايدين، منتشرة في عدة مدن وجامعات أميركية ودول أخرى كثيرة. أظهر استطلاع للرأي أجرته مجلة تايم أخيرا أن %54 من انطباع الأميركان تجاه المحتجين كان ايجابيا.
أنهكت حروب العقد المنصرم الاقتصاد الأميركي تدريجيا، وزادتهم الأزمة المالية إنهاكا حين عصفت بهم سنة 2008، ولم تهدأ تبعاتها بعد. حيث فقد ملايين المواطنين الأميركان وظائفهم ومنازلهم بسبب هذه الكارثة. ولم يكن باستطاعة الطلبة استكمال جامعاتهم، ولا بوسع العائلات علاج مرضاهم وهكذا.. خسرت العائلات بيوتها، والمتقاعدين رواتبهم ومدخرات حياتهم، وانكمش الاقتصاد في أسوأ ركود منذ الثلاثينات. وكان تحرير الاقتصاد deregulation من قبل المسؤولين بمنزلة الرخصة لسرقة الأميركان.
وفي مقاله الأخير، ناقش العالم الاقتصادي والكاتب الشهير د. كروغمان أوضاع متظاهري حركة «احتلوا وول ستريت»، إذ يرى أن اتهام المتظاهرين لبورصة نيويورك كقوة دمار اقتصادي وسياسي، إنما هي صحيحة تماما. يذكر الكاتب المجتمع الاميركي بفظائع قصة بلائهم الاقتصادي، واصفا إياها بمسرحية ذات أجزاء ثلاثة. يمثل جزؤها الأول استغلال مديري البنوك تحرير الاقتصاد الأميركي ليغدقوا على أنفسهم المبالغ السخية وينفخوا بفقاقيع ضخمة عن طريق عمليات إقراض متهورة. انفجرت الفقاقيع بالمشهد الثاني للمسرحية عندما تدخلت الحكومة وأنقذت مديري البنوك بشروط قليلة ميسّرة من أموال دافعي الضرائب الذين قاسوا (ويقاسون) الأمرّين من عواقب ذنوب هؤلاء المديرين. أظهر المديرون في سيناريو المشهد الثالث امتنانهم للساسة الذين أنقذوهم bailout، بل ووعدوهم بخفض ضرائبهم ايضا وتعرية التنظيمات الخفيفة التي طبقت عليهم بعد الأزمة. بتقديمه لهذا التاريخ الموجز، يتعجب «كروغمان» كيف للإنسان ألا يصفق لهؤلاء المتظاهرين بعد اتخاذهم لهذا الموقف؟ يستغرب الكاتب كذلك من بعض محطات التلفزيون التي استهزأت من المتظاهرين ومن جديتهم ليذكرنا كما من المسؤولين السابقين الذين أكدوا للمجتمع الأميركي أن الفقاعة الإسكانية لن تحدث وأن «غرينسبان» كان حكيما وأن العجز في الميزانية سيسبب صعودا كبيرا في معدل الفائدة. يضيف الكاتب أن ما يلبسه المتظاهرون من ملابس رثة وما يحملونه من شعارات غريبة (كقولهم «احتلوا واشنطن DC» وأخرى تصف البنوك بالسرطان) تدين الاستهلاكية، لا يشعره بالانزعاج أكثر من نظر المتنفذين المتألقين قليلي الحكمة الذين يدينون غناهم للضمانات الحكومية (والذين وصفهم الرئيس أوباما يوما بالقطط السمان). انتهى مقال كروغمان.
في رأيي المتواضع أنه لو ركزت الحكومة الأميركية على بناء وتطوير البنية التحتية infrastrastructure لخلقت العديد من الوظائف الضرورية لمعظم العاطلين عن العمل.
***
لماذا لا يتبنى حزب الرئيس أوباما الديموقراطي هذه «الحركة» الصاعدة ويطلق عليها اسم «حزب القهوة الأميركية» American Coffee Party لتصبح ندا لــ«حزب الشاي» الجمهوري المتعجرف؟
ما الرأي الاقتصادي والإنساني لــ«صندوق النقد» والبنك الدولي وعولمتهما بهذه «الحملة» الشعبية التي امتدت لجميع القارات؟
تعليقات