عدنان الموسوى يوضح أسس المخاوف المستقبلية من اثار التغير المناخي والتحول الى الوقود الحيوي ويحذر من كارثة مجاعة عالمية

الاقتصاد الآن

659 مشاهدات 0


إن الانهيار المالي والاقتصادي الذي حدث العام 2008، هو جزء بسيط نسبياً وصغير من سلسلة الاحداث التي قد يتعرض لها كوكب الأرض، بسبب التغيرات المناخية والجفاف، وتصحر الارض ونزوح السكان هربا من الفيضانات ويقدر الكاتبان أسامة بدير و سامي محمود :«أن العالم يتجه الآن نحو «نقطة فاصلة» يمكن أن تلقى بالدول الفقيرة فى العالم ومواطنيها الأكثر فقراً فى هاوية سحيقة، سيعانى نتيجة لها مئات الملايين من البشر من سوء التغذية وندرة المياه والتهديدات الإيكولوجية eوالخسائر الهائلة في الأرواح».

وفيما يتعلق بتغير المناخ، يضيف الكاتبان بأن «تغير المناخ يرجع إلى زيادة غازات الدفيئة، مثل: غازات ثاني أكسيد الكربون والميثان، وأكسيد النتروز التي تبثها صناعات الدول الثقيلة، وكذلك حرق الوقود الاحفري (النفط) مما يؤدي إلى حدوث تغيرات مناخية كثيرة تتمثل في ارتفاع درجة الحرارة، واختلاف معدلات سقوط الأمطار، واحتمال زيادة الفيضانات، والعواصف وارتفاع مستوى سطح البحر، وتعرض مناطق كثيرة للغرق، بالإضافة إلى تعرض مساحات من الأراضي للجفاف مع نقص إنتاج المحاصيل مما يؤدي إلى آثار اجتماعية واقتصادية خطيرة.أهمها ارتفاع أسعار المحاصيل الغذائية، نتيجة لزيادة الطلب عليها وتبرز الزراعة بوصفها القطاع الأشد تضررا بالتغيرات المناخية وتواجه البلدان النامية أشد اخطار هذه الظاهرة لإعتمادها القوي على الزراعة الى جانب قلة الموارد والبدائل المتاحة في متناولها لمواجهة أضرار التغيرات المناخية». ويضيف الكاتبان «تسهم الزراعة بنحو نصف الانبعاثات العالمية من اثنين من أقوى غازات الدفيئة غاز ثاني ثانى أكسيد الكربون - أكسيد النتروز والميثان ولكن ارتفاع الحرارة درجة مئوية واحدة للقمح والذرة ودرجتان مئويتان بالنسبة للأرز، يمكن أن يخفض بشدة من غلة هذه المحاصيل، أما إرتفاع الحرارة أكثر من 3 درجات مئوية، فسيوقع خسائر في غلة المحاصيل في كل مكان وبشدة في المناطق المدارية».

اما ارتفاع درجات الحرارة بشكل عام فسيؤدى إلى عوامل أخرى مثل: حالات الجفاف الأكثر حدة، والفيضانات، اما زيادة تغير درجات الحرارة، فسيوقع خسائر في إنتاجية المحاصيل والماشية.وفيبعض البلدان النامية، ستلحق أضرارا بالزراعة بسبب الفيضانات وتملح (زيادة درجة ملوحة) المياه السطحية وخزانات المياه الجوفية مع ارتفاع مستوى سطح البحر. اما الأحوال المناخية الشديدة التطرف فستعرّض محصول الأرز للخطر، علماً بأنه الغذاء الرئيسى لأكثر من نصف سكان العالم. أما الأضرار الأخرى فيلخصها الكاتبان في التالي :

- عدد السكان المتزايد عالميا ربما لا يمكن الجهود المبذولة للتكيف بصورة ملائمة مع التغيرات البيئية الناجمة عن ارتفاع درجات حرارة الكرة الأرضية.

- ويقدر عدد الأشخاص الذين سيعانون من سوء التغذية فى العالم بنحو 830 مليون شخص معظمهم من صغار المزارعين والمشتغلين بالرعي وعمال المزارع.

أما تكاليف التكيف مع تغير المناخ – والتي تقدر بعشرات البلايين من الدولارات في البلدان النامية – فستتجاوز بكثير الموارد المتاحة لها. وطبقاً لبيانات منظمة الفاو، تحتاج البلدان المتضررةً وخصوصاً في إفريقيا ما مجموعه 1.7مليار دولار أميركي على الأقل للبدء بإنعاش نظمها الزراعية من جهة اخرى هناك حاجة أيضا إلى بلايين الدولارات لتغطية التكاليف الاستثمارية للانتقال إلى اقتصاد ذي انبعاثات كربونية أقل.

ويخلص الكاتبان إلى النتيجة الآتية:

إن الانهيار المالي والاقتصادي الذي حدث فى العام 2008، هو جزء بسيط نسبياً وصغير من سلسلة الاحداث التي قد يتعرض لها كوكب الأرض،بسبب التغيرات المناخية والفيضانات ونزوح السكان ويقدر الكاتبان أن العالم يتجه الآن نحو «نقطة فاصلة» يمكن أن تلقى بالدول الأكثر فقراً فى العالم ومواطنيها الأكثر فقراً فى هاوية سحيقة، سيعانى نتيجة لها مئات الملايين من البشر من سوء التغذية وندرة المياه والتهديدات الإيكولوجية والخسائر الهائلة في الأرواح.

ان ما شهدته دول الشرق الأوسط واوروبا لاحقاً من اضطرابات وتغييرات سياسية بدءاً بتونس ومصر وليبيا واليمن من هذا العام هى ترجمة حقيقية للرؤية التى وضعها الكاتبان العام 2009 كإرتفاع أسعار المواد الغذائية والتى بلغت ذروتها في العام 2007 ثم تبعتها فى العام 2008 الأزمة المالية والاقتصادية التى ضربت الولايات المتحدة الاميركية وامتدت آثارها الى اوروبا ومن ثم الى دول آسيا باعتبار أن الولايات المتحدة القاطرة التى تجر الاقتصاد العالمي.

ولكن لو رجعنا الى الوراء سنجد أن الدول النفطية وفي الثلاثين عاماً الماضية اهدرت جزء كبير من استثماراتها في حروب الخليج الاولى والثانية والثالثة، فقد بلغت خسائر 8 أعوام من الحرب الإيرانية العراقية قرابة 200 مليار دولاراً للطرفين بسعر الثمانينات من القرن الماضي نصف هذا المبلغ كان بالإمكان توظيفه لجعل السودان والعراق دولتين زراعيتين واعدتين.

هذا التراجع جعل العالم العربى يعانى من «فجوة غدائية تتراوح بين 11و13 مليار دولار إذ يستورد العرب 45 في المئة من احتياجاتهم من الحبوب 67 في المئة من حجم استهلاك السكر، بالإضافة إلى51 في المئة من الزيوت، و 30 في المئة من الألبان، كما تشير إحصاءات العام2000». كما تبلغ حصة الوطن العربي 7.8 مليارات دولار بنسبة 1 في المئة من الاستثمارات العالمية البالغة 780 مليار دولار في مجال الزراعة كما تشير احصائات نفس العام أما الفوائد النفطية في الالفية 2000 الى 2007فقد استثمرت بعض دول الخليج جزء منها فى الاراضى الزراعية فى السودان وقد شهدنا في السنوات الاخيرة نمو وتهافت دول اخرى كالصين والولايات المتحدة الاميركية على إبرام عقود اراضى زراعية في شمال السودان واخرى بلغت مساحتها 26400 كيلو متر مربع في جنوب السودان بين 2007 و2010، اما اكبر الصفقات فهى لشركة العين للحياة البرية اذ بلغت مساحة الارض المؤجرة 22800 كيلو متر مربع، اما الجزء الاكبر من عائدات البترول فقد وظفت فى الاستثمارات العقارية حتى أصبحت دبي واجهة الشرق الأوسط في الهندسة المعمارية الحديثة كما شيدت المدن الحديثة لتستقطب أنماط معينة من المستثمرين وكأننا نتهيأ لاستقبال هجرة عالمية ، في المقابل تراجع الاستثمار في المشاريع الزراعية في الوطن العربي كمصر والعراق وسورية بأستثناء السودان لاحقا أما صغر مساحة الأراضي الزراعية القائمة في بعض دول الخليج فقد جرى التعويض عن هذا الشح لاحقا بإستئجار أراضى زراعية في السودان كما اسلفت وهو ليس بالحل الامثل ولكنه سيخفف بلا شك من املائات وتبعية سياسية موردي الغذاء ، وارتهان إرادة الدول العربية لقوى خارجية ، تستنزف أموالها في استيراد الغذاء.

النزاعات السياسية والقرصنة البحرية ...التحدي المرتقب

ولكن الخوف أن تجد هذه الدول نفسها مستقبلاً مرهونة بشروط البلد المؤجر (بكسر الجيم)الذي تعصف به النزاعات السياسية والانقسامات الجغرافية وما سيمليه عليها هذا الأمر في ظل تصاعد تلك النزاعات والقرصنة البحرية التي تبرز بين الحين والآخر في حوض باب المندب ومحيطة وهو التحدي الآخر الذي ان لم يعالج بحزم سيضاعف فاتورة الشحن والتأمين والتأخير فى تسليم الشحنات وفى النتيجة سيقلل من فرص السودان كدولة (جاذبة) للاستثمار الخارجى ويرفع من قيمة الكلفة النهائية للمستثمر الخارجى ..اما المحزن فى الامر، ففى الوقت الذى تتهافت فية دول الخليج وغيرها لتأمين حاجاتها من السلع الغدائية من السودان تسعى بعض الدول المتقدمة لاستثمارالاراض فى السودان و بعض دول افريقيا ولكن لانتاج محاصيل للوقود الحيوى وهذا نذير شؤم للدول المنتجة للنفط والدول الزراعية الفقيرة على حد سواء فقراركهذا سيجعل السودان ودول افريقيا الفقيرة مناجم لانتاج الطاقة الحيوية مما سيفاقم بشدة من أزمة الصراع بين الطاقة والغداء.

التحدي الأكبر ولادة (اوبك) جديدة

أما الخوف الأكبر الذي يواجه الدول المنتجة للنفط فهو حلول الجيل الثاني من الطاقة النظيفة محل الوقود الأحفوري (النفط) مستقبلاً ولتفادى فرط الاستخدام نتيجة لزيادة الطلب على هذه الطاقة الجديدة ليس ببعيد توجه بعض المصانع العملاقة إلى إنتاج آلات محسنة تعمل بثلثين بل ربما نصف الكمية من الوقود الذى تعمل به الآلات الحالية وذلك لتخفيف العبء الاستهلاكى في الطاقة النظيفة وهذ أمر وارد بشدة لأنه الحل الأمثل في المستقبل المنظور فالعالم لا يملك حلولا أخرى لإيقاف ارتفاع درجة حرارة الأرض ولن يضحي بمستقبل البشرية في توفير نمو اقتصادي غادر عصبة (النفط)، فهذا النمو لن يصمد أمام الأعاصير والفيضانات وتشريد آلاف البشر والمجاعات وانتشارغاز ثاني أكسيد الكربون بكثافة في الفضاء فالأزمات الاقتصادية وإن توالت يتعافى بعدها الاقتصاد في دورات كر وفر.

أما الكوارث الطبيعية الناتجة عن فرط استخدام الوقود الاحفورى (النفط)، فالحلول قد لاحت بوضوحفي الافق فرجاحة التوسع فى انتاج الوقود الحيوى من المخلفات الزراعية والحيوانية سيضاعف من شعبية هذة الطاقة بسبب تناغمها مع سلامة البيئة وليس ببعيد أن نسمع فى السنوات القادمة عن ولادة (اوبك) جديدة للدول المنتجة والمصدرة ولكن ليس للنفط بل للوقود الحيوي الجديد الذى ستتصدره دولا جديدة على رأسها الولايات المتحدةالامريكية والبرازيل والهند والصين مما سيفاقم من مشاكل الدول الفقيرة للتكيف مع الوضع الجديد مع زيادة في عدد السكان فسيضع العالم امام سونامى مدمر لا يعرف الحدود الجغرافية إسمه «ثورة كوكب الجياع»

صحيفة الوسط البحرينية

تعليقات

اكتب تعليقك