فضيحة الاختلاس الايرانية تستهدف إسقاط نظام محمود نجاد في تجاذبات داخلية بتحليل علي الفيروز

الاقتصاد الآن

817 مشاهدات 0


تكتف بظاهرة التجسس بل ضالعة في الكثير من المشكلات المالية في الداخل والخارج، فبعد فضيحة الايداعات المليونية التي من الممكن ان تكون ايران وراءها وضلوعها في قضية غسيل الاموال بالخليج، ظهرت على السطح فضيحة الاختلاس التي هزت ايران اخيراً من ضخامتها، ليصف رئيس وحدة التحقيق القضائي هذه الفضيحة بأنها من اكبر قضايا الفساد المالي في تاريخ ايران، اذ ان حقيقة الاختلاس تقدر بـ 2.6 مليار دولار، كان عن طريق نصب واحتيال من بنوك ايرانية عدة، هذا وقد اعدت «اورينت برس» تقريرها المالي بهذا الشأن والذي يتبين ان عملية الاحتيالات المزعومة في ايران يعتقد ان جذورها تعود الى عام 2007 بناء على سلسلة من القروض المصرفية، تم سحبها من مصارف عدة كان ابرزها المؤسسة المالية الايرانية المرموقة «بنك صادرات ايران»، وهي قروض مالية كانت تستخدم لشراء الشركات المخصخصة من قبل الدولة، ومن ثم استخدمت هذه الشركات في اطار الحلقة نفسها، كضمان للحصول على قروض أكبر!
لقد تداول هذا النوع من الفساد المالي بين عدد كبير من المحللين الايرانيين كسرعة البرق، بسبب ضخامة عملية الاختلاس من جهة، وكنوع من تصفية الحسابات السياسية بين الفصائل المختلفة في ايران من جهة اخرى، وبالطبع ليست هي المرة الاولى، ولكن كانت العمليات السابقة تجري وفق احجامها المالية، فلم تكن تكشف امام الملأ لانها تحت غطاء تعليمات حكومية عليا.
هناك مراقبون ينظرون الى ان توقيت الكشف عن هذه الفضيحة المالية له اهداف سياسية عدة من ضمنها كيفية التخلص من سلطة ورئاسة محمود نجاد من خلال هجوم غير مباشر عليه من قبل حلفائه الرئيسيين من التيار المحافظ الذين يريدونه خارج مقام الرئاسة، لذا يلقي المحافظون باللوم على مدير مكتبه السيد/ اسفنديار رحيم مشائي ويحملونه مسؤولية عملية الاختلاس الاخير، غير ان الرئيس محمود نجاد طالب القضاء التحقيق بدقة في هذه الفضيحة التي طالت سمعته، مشدداً على ان حكومته هي الاكثر نزاهة والاقل فساداً في تاريخ ايران، هذا وقد قامت السلطات بتجميد اصول واموال الملياردير الايراني امير منصور اريا في 12 سبتمبر الماضي، كخطوة اولى من التحقيق في عملية الاحتيال، حيث يدار حديث على ان هناك صلة وثيقة بين الملياردير الايراني منصور ومدير مكتب الرئيس الايراني وتدور الشبهات حولهما، وكان الاثنان هدفاً سهلاً لرجال الدين المتشددين فضلاً عن اعتقال العشرات من انصار الرئيس نجاد المشتبه فيهم في الاشهر القليلة الماضية، فهل توقيت الكشف عن عملية الاختلاس هذه ستظهر لنا المزيد من المتورطين من انصاره؟
ان هذه الفضيحة المالية تعكس مدى حجم مشكلة الفساد التي تواجه ايران وتكشف مدى الفساد المستشري داخل النظام الايراني الحاكم، ولكنها بالتأكيد ليست حالة انفرادية فاسدة، بل هناك اكثر من طرف متهم منغمس بعملية الاختلاس الاخير ادت الى سوء عملية التنظيم والتخطيط وبالتالي عند الانتهاء من عملية التحقيق، ستظهر لنا جلياً ان هناك الكثير من اصحاب المراكز العليا في السلطة هم متورطون حتى النخاع في الفساد المصرفي وغسيل الاموال، وقد تفاقمت هذه الظاهرة بشكل كبير منذ ان تولى الرئيس نجاد السلطة في عام 2005، ووفقاً لتقرير مكافحة الفساد الصادر عن منظمة الشفافية الدولية، وفي المؤشر السنوي عن الفساد، تراجعت ايران نحو 58 مرتبة منذ عام 2005 ووصلت الى الرقم 146 من اصل 180 بلداً!
ومن خلال هذه التجاوزات المالية والاقتصادية تعهدت السلطات الايرانية في الاونة الاخيرة بتقديم جميع المسؤولين المتورطين الى العدالة لنيل جزائهم، وبالفعل تم القبض على العديد من العاملين في البنوك الايرانية وتحويلهم الى النيابة، ولكن يبقى السؤال هنا: الى اي مدى سيذهب التحقيق في عملية الاختلاس، وهل هذا التحقيق فعلاً سيذهب الى مستوياترفيعة وقريبة من النظام الحاكم؟! من الواضح ان من كشف عن عملية الاختلاس الاخيرة اراد الضغط على الرئيس نجاد وحكومته من اجل الحصول على صك المساومة والابتزاز للحصول على ما يريد من امتيازات رفيعة في السلطة، بينما في المقابل هددت صحيفة مقربة الى الرئيس نجاد وهي صحيفة ايران بأنها ستكشف عشرات الآلاف من الوثائق المالية عن مئات المسؤولين السابقين اذا نفد صبرهم ولم يفهموا الرسالة، في حين تحدثت وسائل الاعلام الايرانية عن سلسلة قضايا الاحتيال الكبرى والفساد المستشري الذي ضرب النظام المصرفي والوكالات الحكومية في الاشهر القليلة الماضية، ففي عام 2008 شهدت البلاد قضية غش واحتيال كبرى لم تشهدها محكمة الاستئناف من قبل، حيث ادت الى سجن رجل اعمال ومستشار سابق في اللجنة الاقتصادية بالبرلمان الايراني.
لقد تعهدت حكومة الرئيس نجاد باسترداد جميع الاموال المختلسة المقدرة بنحو 2.6 مليار دولار، ولكن اوساطا مقربة من الاحداث تعتقد ان الاموال باتت على الارجح خارج البلاد رغم الضوابط المالية الصارمة المفروضة دولياً على ايران الا ان هناك مصارف صغيرة بامكانها التصرف في الاموال الى الخارج تحت رادار غسيل الاموال نعم هناك مناورات سياسية قائمة حول من سيخلف الرئيس الايراني الحالي في عام 2013، ومن المتوقع ان تشتد معركة فضائح الفساد وطيسها وسنرى المزيد من الوثائق المالية والاختلاسات والفضائح بين الرئيس نجاد ومعارضيه، في الوقت الذي نجد الحاجة الى من يتفاوض مع الدول الاعضاء في مجلس الامن الدولي حول تخفيف العقوبات المفروضة على ايران ولكل حادث حديث.

الآن-جريدة الراي

تعليقات

اكتب تعليقك