إن تكاثر الإضرابات هذه الأيام هو نتاج طبيعي لفوضى الرواتب والأجور لموظفي الدولة براي الدكتور يعقوب الشراح

الاقتصاد الآن

738 مشاهدات 0


أسم الكاتب: د.يعقوب أحمد الشراح

حالة الفوضى السائدة في سلم رواتب الموظفين، والتفاوت الكبير في هذه الرواتب بين الناس ممن تنطبق عليهم مواصفات التعيين نفسها في الوظائف ظاهرة تدل على غياب النظام والعدالة والتخبط وسوء ترشيد المال العام من الحكومة، فبينما نجد رواتب موظفي الدولة ممن تطبق عليهم مواصفات التوظيف مرتفعة ارتفاعا هائلاً في قطاعات مثل ديوان المحاسبة، والهيئة العامة للاستثمار، والخطوط الجوية الكويتية والعاملين في مجلس الأمة نجد تدني الرواتب لفئات التخصص نفسها في الكثير من الوزارات، ولقد تم ذلك نتيجة اقرار مفهوم الكوادر السخيف الذي أدى إلى زيادة في الرواتب وبمعدلات عالية في قطاعات معينة دون أخرى أدت إلى فجوة في رواتب العاملين في الأجهزة الحكومية كبيرة نجم عنها تذمر من القطاعات التي لا كادر لديها أو الزيادات المطلوبة.
نظرية الكوادر والزيادة في الرواتب سبب من أسباب تكاثر الإضرابات والمطالبات بحجة أن الحكومة ممثلة في جهاز الخدمة المدنية قد فرقت ولم تتعامل بعدالة بين الجهات المختلفة التي تخدم الدولة وفق طبيعة المهام التي تؤديها. وهذا التفاوت في الأجور وبدرجة لافتة جعل الشباب المتخرج يسعى للتوسط من أجل التعيين في الأجهزة ذات الرواتب العالية رغم تكدس العاملين في هذه الأجهزة، والعزوف عن العمل في الأجهزة الأخرى. كما ان هذا الواقع خلق احباطا لدى البعض أدى إلى اللامبالاة في العمل، وخلق المشاكل، وغيرها انعكس سلبا على الأداء العام للدولة بسبب التمييز في الأعمال المتشابهة والتي تتطلب مواصفات أو شروطا للتعيين واحدة، لكن رواتبها مختلفة بدرجة كبيرة.
لذلك فإن تكاثر الإضرابات هذه الأيام هو نتاج طبيعي لفوضى الرواتب والأجور لموظفي الدولة، فالناس تسعى للاضرابات ادراكا منها بأن الاضراب وسيلة ضغط على الحكومة، وان الحكومة ترضخ لهذه الضغوط بدليل أنها رضخت لغيرها مثلما حدث في اقرار الزيادة للموظفين في القطاع النفطي في الآونة الأخيرة بعد اضرابهم أو التهديد بالاضراب الذي كما قال وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء انه اضراب لو تم سيكلف الدولة خسارة يومية تصل نحو 100 مليون دينار.
هذه الفوضى التي سببها ما يسمى بـ «الكوادر» يجب أن تتوقف، وأن يراجع جهاز الخدمة المدنية الرواتب والأجور كافة في الدولة على نحو علمي من أجل معالجة مشكلات تفاوت الأجور، وقفل الباب أمام تهديد العاملين في الأجهزة المختلفة بالاضرابات التي ستستمر في كل مرة حتى بعد رفع الأجور ومرور بضع سنوات. فالاعتصامات والاضرابات عن العمل لا تخدم البلاد وتضر بلا شك بمصالح الناس، ولا بد من وضع نظام تشريعي مناسب يمنع حدوث الفوضى في الأداء وهدر المال العام، ولا يميز بين الناس في الحقوق والواجبات.

الآن-جريدة الراي

تعليقات

اكتب تعليقك