أحمد العبيدلي يدعو لتطوير برنامج الأسر المنتجة حيث كانت في السابق تشكل تأثيرا في النشاط الاقتصادي للدولة
الاقتصاد الآنأكتوبر 20, 2011, 11:12 ص 432 مشاهدات 0
يوماً بعد يوم يتأصل برنامج الأسر المنتجة ويتحول من ظاهرة فولكلورية إلى نشاط اقتصادي ينفتح على كل الاحتمالات الجدية. ويرتكز هذا النجاح جليا على تقليد مديد ومتجذر في التربة البحرينية.
حين دلفت إلى معرض هذا العام وتعرفت على وجوه باتت مألوفة لدي تذكرت بعض وجوه أخرى مارست الإنتاج في عقود خوال وامتهنت المهن وحققت دخلاً عاشت منه وارتقت بأحوالها. في حيّنا (فريج العلي) قرب خزان المياه السابق بالمحرق، كان الإنتاج في البيت وبقربه طبيعياٌّ، ويدخل ضمن مكونات الاقتصاد البسيط الذي عايش أيام الغوص وتلاها.
لم تتجاوز بيوت فريج العلي وتوابعه المائة عدداً ومع ذلك كان يعج بالنشاط المنزلي، فكان هناك أحمد الشروقي وأخوه يعملان في صناعة القراقير، وكانت البراحة القريبة وسط الحي بمثابة مكان الإنتاج الرئيس. وكان عيسى بن صقر الشيراوي يستخدم بقعة أخرى لصناعة الجص. وكانت المطوعة مريم تمارس التعليم في بيتها أيضاً. وعمل عبدول نجارا للحي واشتهر بصناعة القباقيب. وكانت أم علي تمارس صناعة الفلفل وتستخدم أوراق الجرائد لعمل مطويات تقوم مقام أدوات التعليب الحديثة. وعلى مقربة من الحي كان علي يحتفظ بمجموعة أبقار ويبيع الحليب من داره. وكنت أعرف أسماء بائعات وصانعات أخريات يصنعن النخي والباقلاء والكباب والسمبوسة الحلوة وخبز رقاق رمضان. وكادت صناعة البخور أن تكون صناعة منزلية. ثم هناك صف بائعات أمام مدرسة الهداية وصف آخر أمام مدرسة خديجة الكبرى للبنات كنا نعرفهن بالاسم ويدرس أبنهاؤهن وبناتهن معنا في المدارس. كلهن قمن بأدوار عظيمة وحققن استقلالاً مادياٌّ وكرامة لأنفسهن، وطورن مستويات حياتهن وعائلاتهن، وتركن بصمة على تاريخ طفولة رجال وسيدات البحرين المعاصرين.
كانت كل تلك النسوة محتاجات إلى العمل كما هي حاجة أي فرد آخر في مجتمع الغوص والمجتمع الذي تلاه. وبينما كان المرتبطون بالغوص أو بالتجارة يمارسون العمل على السفن وفي المغاصات وفي أسواق المنامة والمحرق وفي دوائر الحكومة القليلة القائمة حينها كانت تلك النسوة - وأحياناً الرجال - يمارسن الأعمال كأسر منتجة من المنازل. وهذا ما يعطي التجربة البحرينية أبعاداً تعزز إمكانيات نجاح متعاظم.
وبالطبع كل شيء يتطور، والمهم هو العمل الجاد لتأهيل الجيل الجديد من العاملات والعاملين على تنافسية مستويات إنتاج السوق المحلية أولاً، ثم الخليجية والعالمية لاحقاً لمن يود من الأسر المشاركة ولمن يمتلك منتوجاً يجذب مستهلكين عالميين. ويتطلب الأمر إيجاد دورات وبرامج محلية وفي مؤسسات دولية معترف بها يلتحق بها أفراد الأسر المنتجة لتطوير الأعمال والانتقال بها من مراحل ما قبل السوق مرورا باقتصادات متناهية الصغر واستشرافا لقيام مؤسسات صغيرة ومتوسطة. وهناك دولتان مهمتان في هذا الاتجاه هما: اليابان، لمعرفة الدور الكبير الذي تلعبه المؤسسات الصغيرة ضمن سلسلة التصنيع اليابانية، وتايلاند لتلمس شدة التنافسية الدولية للأسر المحلية المنتجة كما تبرز وسط أسواقها اليومية والأسبوعية
تعليقات