احتلوا وول ستريت'.. من أميركا للعالم
الاقتصاد الآنأكتوبر 17, 2011, 8:19 م 377 مشاهدات 0
حشد السبت، أول يوم عالمي 'للغاضبين' من أوروبا إلى الولايات المتحدة مرورا بتشيلي، مئات الآلاف من الأشخاص، وتخللته أعمال عنف في روما واعتقال العشرات في نيويورك.
وتحت شعار 'يا شعوب العالم انهضوا'، 'انزل إلى الشارع، اصنع عالما جديدا'، تظاهر 'الغاضبون' في أكثر من 1500 مدينة، بينها مائة مدينة أميركية على الأقل بحسب موقع 'احتلال وول ستريت دوت أورغ'، وذلك احتجاجا على الوضع الاقتصادي الهش الناشئ من الأزمة العالمية وسلطة رؤوس الأموال.
وإذا كانت الانتفاضات والثورات بدأت تنتقل كالعدوى وتنتشر كالفطر في العالم، فإن الفضل في ذلك قد يعود إلى شباب 'الربيع العربي' الذين ثاروا على 'أكثر الأنظمة العربية بطشا ودكتاتورية'، وأسقطوا ثلاثة منها حتى الآن.
ويبدو أن 'الربيع' الذي تحول إلى صيف في بعض أوروبا ها هو يصبح خريفا يجتاح الولايات المتحدة وأوروبا وحتى بعض أميركا اللاتينية.
وفي خضم ذلك، برزت حركة أطلقت على نفسها 'احتلوا وول ستريت'، هذه الحركة التي فرضت نفسها على الإعلام الأميركي بعدما تجاهلها لعدة أسابيع، بدأت تتمدد فوق الجغرافيا الأميركية، فضلا عن تلقيها دعما ومساعدات مادية وعينية.
99 بالمائة
بدأت الحركة -التي ليست لديها قيادة وتأخذ قراراتها بالتوافق- من مواقع التواصل الاجتماعي، حيث دعي على موقع 'تويتر' في يوليو/تموز الماضي لمسيرة واعتصام أمام بورصة نيويورك، على غرار تحركات مشابهة قام بها المحتجون في دول 'الربيع العربي'.
وتقول الحركة المنظمة لحملة الاحتجاجات في موقعها الإلكتروني إن 'العامل المشترك الذي يجمع بيننا، هو أننا نمثل 99 %، ولن نتسامح مع جشع وفساد الواحد في المائة'، من الذين يملكون المال ويتحكمون في رقاب الناس من خلال نفوذهم في الميادين الحكومية وفي المؤسسات المالية، والذين يتحملون مسؤولية الأزمة التي يعانيها الاقتصاد.
ولتعريف الجمهور العالمي والعربي أكثر بها أصدرت الحركة صحيفة تحت عنوان 'أوكيوبايد وول ستريت جورنال' (صحيفة وول ستريت المحتل)، وطالبوا بترجمة عربية للصحيفة وللبيان الأساسي.
واللافت أن اسم صحيفتهم يأتي على غرار اسم صحيفة 'وول ستريت جورنال' اليمينية المؤيدة لتوجهات رجال المال والأعمال، والتي هزئت من أولئك 'الذين يكافحون ديناصورات الاقتصاد الأميركي ويحبون ستيف جوبز في الوقت عينه'، في إشارة إلى أن الكثيرين من المتظاهرين اعتبروه 'خسارة كبيرة عند نعيه على الموقع الإلكتروني للمتظاهرين'.
وضمت الصحيفة -التي تمول وتوزع ذاتيا، وهي عبارة عن أربع صفحات ملونة- عموداً يحدد فيه المحتجون 5 خطوات لدعم حركتهم، هي احتلال وول ستريت، وجلب الماء والطعام، والاستعداد للمبيت، ونشر الدعوة لاحتلال وول ستريت، وتبرع للحركة، وتابع أخبار الحركة، وعلم نفسك.
ساحة الاحتجاج :
وحول المحتجون ساحة 'زوكوتي بارك' في نيويورك (معقل تجمعهم الرئيسي) إلى مكان للعيش على أحسن وجه، سواء أكانوا سيبيتون فيه أو سيغادرونه في وقت متأخر للعودة صباحاً، كما تنقسم الساحة إلى مراكز ومجموعات عمل، وهي تضمّ مركزاً طبياً ومكتبة ومطبخاً، كما توجد نقطة وحيدة حيث يتم توليد الكهرباء، وهناك تتمركز وسائل الإعلام والناشطون الذين يستخدمون حواسيبهم.
ويقول المحتجون -الذين أظهروا قوتهم في الحشد الكبير الذي خرج في ساحة تايمز سكوير، وتلقوا دعما معنويا من المظاهرات التي عمت أوروبا- إنهم جمعوا نحو ثلاثمائة ألف دولار كتبرعات، ناهيك عن مؤن كافية للبقاء والمبيت لعدة أشهر.
ومن بين المساعدات العينية التي تلقوها: وسائد وبطانيات وأكياس للنوم، ووجبات غذائية، ولوازم طبية وصحية، ناهيك عن نظارات سباحة (لحماية المتظاهرين من هجمات الشرطة برذاذ الفلفل).
ولكن هؤلاء المتظاهرين تعلموا أيضا من إخفاقات الثورات العربية بشأن التأخير في تشكيل كيانات تضمهم وتعبر عن رأيهم، فقام 'محتلو وول ستريت' بعقد جمعيات عامة لتدارس الخطوات المقبلة، وانتخاب أعضاء منهم ليمثلوهم عند طرح مطالبهم.
السياسة حاضرة :
وهذا التحرك 'المنظم' دخل في صلب الحملة الرئاسية الأميركية، وبدأت التحليلات عن أين ستصب هذه الحملة: في خانة الجمهوريين أم الديمقراطيين؟، الأمر الذي دفع الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى القول إن 'زعماء حركة الحقوق المدنية يريدون منا أن نتحدى التجاوزات في وول ستريت من دون تشويه سمعة الذين يعملون هناك'.
ورغم اعتقال مئات المحتجين في أنحاء مختلفة من أميركا، فإن مظاهرات 'يوم الغضب' أنعشت الحركة، وقال أحد منظمي الحركة 'حركتنا في تصاعد، المحتجون في ازدياد، وكل هذا دون عنف أو أي مظاهر سلبية'.
وكما جرت العادة في الاحتجاجات الشعبية التي غزت العالم، لا بد من استغلال سياسي، حيث لم تغب الأحزاب عن المشهد، فإحدى أعضاء 'حزب الشاي' قالت 'إننا في قلب الحركة ونريد تحقيق النجاح'، مضيفة 'إننا نريد تجاوز الحراك العاطفي التلقائي واستثماره في التركيز على تغيير الحكومة'.
ويشير أحد المحتجين إلى أن الحركة كسبت معركة 'العلاقات العامة'، ومهما ظهر من 'تباينات' بين المحتجين 'فإننا نستطيع التغلب عليها وحلها في سبيل تحقيق هدف أسمى'.
ونبقى نتساءل مع الكاتب في مجلة 'نيويوركر' الأميركية هندريك هرتزبرغ بشأن ما سيكون عليه مستقبلها؟ ومن يديرها؟ وهل ستحتفظ بقدرتها على الإبهار أم أنها ستتلاشى؟ وهل ستشعل النيران وتحقق مرادها أم أنها ستشتعل بنارها؟ وهل ستصب في نهاية المطاف في مصلحة الديمقراطيين أم الجمهوريين؟ وفي النهاية، 'ما معنى ذلك كلّه؟'.
تعليقات