منصور الجمري يرى ان هناك فرص حقيقية لإحداث تطورات إيجابية وذات مغزى لتعميق مسيرة الانتقال نحو الديمقراطية
الاقتصاد الآنأكتوبر 16, 2011, 11:44 ص 426 مشاهدات 0
تناقلت الأنباء أمس ما ذكره تقرير صادر عن المجموعة الاستشارية Geopolicity من أن الانتفاضات الشعبية التي اجتاحت المنطقة العربية هذا العام كلفت البلدان الأشد تضرراً أكثر من 55 مليار دولار، ولكن الدول المنتجة للنفط استفادت من ارتفاع أسعار الخام بسبب الاضطرابات. وكانت أسعار النفط قد قفزت من نحو 90 دولاراً للبرميل في مطلع العام 2011 إلى نحو 130 دولاراً في مايو/ أيار ثم تراجعت إلى نحو 113 دولاراً في الوقت الراهن. وقد ارتفعت إيرادات السعودية بنسبة 25 قي المئة، بينما ارتفعت إيرادات الإمارات بنسبة 31 في المئة.
التحليل أظهر أن البلدان التي شهدت المواجهات الأكثر دموية وهي ليبيا وسورية تحملت العبء الاقتصادي الأكبر، تليها مصر وتونس والبحرين واليمن. وقد خسرت هذه الدول 20.6 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي.
البحرين لوحدها فقدت أكثر من مليار دولار بسبب الاضطرابات، ولكن سعر النفط المرتفع ساعد على تخفيف الأثر الاقتصادي، وقد انخفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2.77 في المئة، في حين ارتفعت النفقات العامة بنحو 2.1 مليار دولار.
التقرير أشار إلى أن عدداً من الدول النفطية سارعت إلى إنفاق مليارات الدولارات من أجل منع امتداد آثار الانتفاضات إليها، ولكن التقرير يشير إلى أن هذا لا يُعتبر حلاً ناجحاً، وطرح أفكاراً للأمم المتحدة، ولمجموعة الدول الـ 20 وللجامعة العربية، ومجلس التعاون الخليجي لكيفية التعامل مع فترة تشهد اضطرابات إقليمية هي الأكبر منذ خمسينات القرن الماضي، مشيراً إلى أن المَخرَج يكمن في دفع عملية الإصلاح في داخل الدول التي شهدت انتفاضات، كما ينبغي الإسراع في إصلاحات في الدول الأخرى التي تعتبر أوضاعها مؤهلة للالتحاق بالربيع العربي، وأن كل ذلك يحتاج إلى تنسيق مع الجهات الدولية التي يلزمها أن تساند الإصلاحات.
الإصلاحات المطلوبة في أي بلد لا تتوقف عند إطلاق سراح السجناء السياسيين، وإرجاع المفصولين وإفساح المجال لعودة المنفيين وإيقاف العمل بإجراءات الطوارئ (بمختلف مسمياتها المبتكرة)، وإنما أيضاً تتطلب مضاعفة الجهود للسير نحو ديمقراطية حقيقية لا رجعة عنها، وهذا هو الذي يؤهل البلدان للتصدي للتحديات الخطيرة التي تواجهها على المديين المتوسط والبعيد.
إن من الواضح أن استخدام القوة يحقق الأمن على المدى القريب، ولكن تحقيق الاستقرار السياسي لا يتم إلا عبر الحل السياسي المعتمد على ضمان الحقوق الأساسية وسيادة القانون العادل على الجميع.
إننا نمُرُّ بفترة حاسمة من تاريخنا، وهناك فرص حقيقية لإحداث تطورات إيجابية وذات مغزى لتعميق مسيرة الانتقال نحو الديمقراطية، والصعود بحالة حقوق الإنسان على أرض الواقع، وليس فقط من خلال البيانات والتصريحات.
ومن دون شك، فإن كل هذه الخطوات المطلوبة تحتاج إلى حوار فاعل ومنتج بين الأطراف التي تبحث عن حل حقيقي بعيداً عن المزايدة والمراوغة، وتحقيق المصالحة السياسية مع الفئات المتضررة من استمرار الأوضاع بشكل ينافي الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. فكم هو جميل لو تحولت أخبارنا من تلك التي تتحدث عن مواجهات وسقوط قتلى واحتمال وفاة أشخاص داخل السجن، إلى أخبار إيجابية تزيل القلق وتبعث التفاؤل بمستقبل أفضل
تعليقات