الربعي: يعلن انتحار العرب
زاوية الكتابكتب يونيو 16, 2007, 8:49 ص 550 مشاهدات 0
هل يستطيع احد أن يوقف أمة كاملة قررت
الانتحار وهي بكامل وعيها، وإقناعها باختيار الحياة بديلا عن الموت. والحوار بديلا
للسيارات المفخخة؟! نعتقد أن الوقت قد أصبح متأخرا مع الأسف.. فعملية الانتحار
الجماعي تسير بنجاح ضمن الخطة المحددة وبكفاءة عالية لم تتعود عليها الثقافة
العربية! في العراق تقوم قوى الانتحار بتفجير مرقد الإمامين العسكريين في سامراء
وهو عمل له دلالته الرمزية الخطيرة، فتقوم قوى انتحارية أخرى بتفجير ثلاثة مساجد
للسنة في بغداد، وذلك كله بهدف جر البسطاء إلى أتون حرب طائفية انتحارية يعلم
الجميع انه لن ينجو منها أحد ولن ينتصر فيها أحد! وفي لبنان تقوم قوى التطرف
والانتحار، وبدعم إقليمي واضح، بتأكيد مبدأ ديموقراطي جديد في الحياة السياسية،
ولأول مرة في تاريخ الأنظمة الديموقراطية يتم تغيير موازنة الأقلية والأغلبية
البرلمانية بواسطة قتل أعضاء البرلمان وتفجير سياراتهم في عمليات انتحارية تستهدف
وقف المحكمة الدولية، وبلا شك فإن القوى الانتحارية التي لطخت يدها بدماء الحريري
لن تتردد في تلطيخ يدها بدماء آخرين، بعد أن اقتربت ساعة الحقيقة، وأصبحت إمكانية
كشف الأوراق حقيقة ماثلة. وفي فلسطين يصنع الفلسطينيون انجازا انتحاريا غير مسبوق.
ويتفننون في ايذاء أنفسهم وقضيتهم، وها هي الحرب الأهلية في غزة قد بدأت بكفاءة
عالية. وبعد أن حلف الفلسطينيون في مكة نكثوا حلفهم، وبعد أن التزموا في لقاءات
القاهرة عادوا عن التزاماتهم، وينسى الفلسطينيون أن الجيل العربي الذي ضحى من اجل
فلسطين بآلاف الشهداء العرب، وبعد أن ضحى جيل كامل بالتنمية والاستقرار من اجل
فلسطين، فإن الجيل العربي الجديد لن يرى في الفلسطينيين سوى نموذج للفوضى
والاقتتال، ولا نعتقد أن أحدا سيتحمس لقضية لا يتحمس لها أهلها، ولن يضحي احد من
اجل قضية يتقاتل أهلها كالذئاب في وقت يحاول فيه المجتمع الدولي والدول العربية
إيجاد حلول سياسية وإنسانية لمأساة الفلسطينيين، ولا شك أن ما يفعله بعض
الفلسطينيين في مخيمات اللاجئين في لبنان هو نموذج لعقلية العبث والاستهتار
والجنون! أمة تنتحر بكامل وعيها، شعوبها تعيش الفقر والبطالة، تأكل ما يزرعه
الآخرون، وتلبس ما يحيكه الآخرون، وتستهلك ما ينتجه الآخرون، فأي أمة هذه يقودها
الرعاع والمتطرفون والانتحاريون ويجلس بقية أفرادها في مقاعد المتفرجين يشاهدون
مباراة الموت بدم بارد. د. أحمد الربعي
القبس
تعليقات