الحكومة تتحمل المسؤلية الاكبر في الإضرابات لانها ميزت موظفين وجهات عن غيرهم هكذا يرى احمد عيسى

الاقتصاد الآن

275 مشاهدات 0


تتحمل الحكومة المسؤولية الأكبر، فهي من كرست مبادئ الرضوخ وتضييع الهيبة، ووضعت نفسها في موقع تستحقه، فميزت موظفين وجهات على غيرهم، وأضافت الترضيات الوظيفية على فاتورة استمالة النواب، فكرّت منها السبحة وبات من المتعذر عليها احتواء فوران إقرار زيادات الموظفين المالية.

لا يمكن وصف ما يجري في البلاد من احتجاجات وإضرابات إلا أنه “ابتزاز نقابي” لتحقيق مكاسب مالية لموظفي الدولة على حساب المال العام مقابل تراخ حكومي.
فقيادة النقابات العمالية لما اصطلح على تسميته “قطار الإضرابات” هو في واقعه مساس باقتصاد الدولة وتعطيل متعمد لمرافقها ومصالح المواطنين؛ بهدف الضغط على الحكومة لإقرار زيادات مالية بمسميات مختلفة، تضاف إلى رواتبهم، ومعها مطالبات عينية لا تقل قيمة عنها.
أتفهم وجود فروق بين رواتب موظفي الجهات الحكومية تحتاج إلى معالجة جذرية، ومثلها تباين المسميات والمهام الموكلة لحملة نفس المؤهل والدرجة الوظيفية بين جهة حكومية وأخرى، وما يستلزمه ذلك من تحركات جادة لمقاربتها، لكن ما علاقة مراجعي تلك الجهات بذلك التباين؟ وما دوافع تعطيل موظفي الدولة لمصالح المراجعين بسبب خلافهم مع الحكومة، وكأنهم يعاقبونهم بجريرة غيرهم؟
في بقية دول العالم تتحرك النقابات بتدرج، تبدأ برفع مطالبها وتنتهي بالإضراب الشامل، ولم يحدث أن رفعت أي نقابة في العالم المتحضر جملة مطالب وألحقتها على الفور بإضراب شامل دون أن يسبقه اعتصام وإضراب متدرج لمدد محددة ومعلنة سلفا، لإتاحة المجال للتفاوض مع أرباب العمل، وبحث هذه المطالبات بما من شأنه تحقيق المطالب، فسياسة لي الذراع والعناد لا تؤكد مشروعية المطالبات العمالية بقدر ما تبين جهل وتهور رافعيها، خاصة متى ما تعلق الأمر بمصلحة البلاد والمواطنين، ناهيك عن أن مشاركة الموظفين بهذه التحركات تتعارض مع المادة 26 من الدستور الناصة على أن “الوظائف العامة خدمة وطنية تناط بالقائمين بها ويستهدف موظفو الدولة في أداء وظائفهم المصلحة العامة”.
الحكومة بدورها تتحمل المسؤولية الأكبر، فهي من كرست مبادئ الرضوخ وتضييع الهيبة، ووضعت نفسها في موقع تستحقه، فميزت موظفين وجهات على غيرهم، وأضافت الترضيات الوظيفية على فاتورة استمالة النواب، فكرّت منها السبحة وبات من المتعذر عليها احتواء فوران إقرار زيادات الموظفين المالية.
كتبت في نوفمبر 2007 بهذه الزاوية تعليقا على إضراب موظفي الطيران المدني ما يلي: “الإضراب عن العمل حق مشروع للعامل، يلجأ إليه متى ما تأكد من مشروعية مطالبته، ثم تعذر مفاوضاته مع رب العمل، وتصعيده بالتدريج قبل أن ينتهي إليه، وعادة ما تتخذ النقابات العمالية هذا التحرك لتحسين ظروف عمل منتسبيها، ولكن لأننا نعيش في مجتمع ريعي تشرف عليه حكومة أبوية، فإن الصورة لدينا معكوسة، إذ تدور المطالبات حول زيادات مالية وميزات وظيفية، لأن موظفينا بكل بساطة لا يعملون، ويتقاضون رواتب نظير عدم عملهم، ويريدون ميزات وزيادات، وتدعمهم في ذلك فرق داخل الحكومة والمجلس”، وكالعادة منذ ذلك الوقت حتى اليوم لم يتغير أي شيء يذكر.

جريدة الجريدة

تعليقات

اكتب تعليقك