مجلس الوزراء إما قد شرب «حليب السباع» أو يحاول استخدام نظرية «العصا والجزرة» .. وليد الجاسم
زاوية الكتابكتب أكتوبر 12, 2011, 12:46 ص 1259 مشاهدات 0
الوطن
العقل زينة.. يا حكومة
وليد جاسم الجاسم
مجلس الوزراء الذي اجتمع مساء أمس الأول بعدما أجّل اجتماعه يوماً انتظاراً لوصول وزير الدولة علي الراشد في رحلة العلاج ومشاركته في الاجتماع (الحمد لله على السلامة)، أطلق جملة من التصريحات في بيانه (الذي أعلن صباح أمس) توحي بأن مجلس الوزراء إما قد شرب «حليب السباع» وقرر المواجهة مع المواطنين، وإما أنه مجلس وزراء «مزدوج المعايير»، وإما أنه مجلس يحاول استخدام نظرية «العصا والجزرة» دونما أن يحسب حساب النهاية، ودونما إدراك أن العصا إن كانت اليوم في يده فربما تنتقل الى يد أخرى والجزرة المعلقة بالخيط ربما يأكلها مَن لم يعمل لهم حساباً.
… ماذا فعل مجلس الوزراء؟
< شكل فريقاً برئاسة وزير الداخلية لاتخاد التدابير وتسيير الأعمال التي تتعرض للتعطيل، ويحق للفريق الاستعانة بمن يراه داخل الكويت أو خارجها.
(التهديد بالاستعانة بالخارج)!
< أكد أن كل مطلب يمكن بحثه والنظر فيه ولكن وفق القنوات القانونية وبالحوار الهادي الذي يحقق العدالة والإنصاف.
(الجزرة مقابل الهدوء).
< جدد المجلس رفض كل وسائل الضغط ومحاولات فرض الأمر الواقع من خلال الإضراب عن العمل وتعريض مصالح البلاد الى الضرر (أسود ذات لَبَدٍ عظيم)!
< أكد مجلس الوزراء أنه لن ينظر في أي مطالب في ظل الإضرابات أو الامتناع عن العمل.. أو حتى التهديد بها.. (يا سلام سلِّم)!
< أعلن مجلس الوزراء عن (الارتياح والانشكاح) للإجراءات التي اتخذها اللواء المنصوري في الإطفاء بتحريك دعاوى جزائية بحق من شاركوا في الشغب، واتخاذه إجراءات إدارية (تأديبية) بحق من شاركوا في الشغب.
(العصا واضحة هنا بتعميم أسلوب المنصوري على باقي إدارات الدولة).
ما لا يفهمه مجلس الوزراء أنه بهذا الأسلوب إنما يعزز نظرية (عيال العبدة.. والحرّة) في تعامله مع مواطنيه الذين يفترض به أن يعاملهم بعدالة ومساواة.
إن رسالة الإضراب.. أو لنقل رسالة (اضرب وخذ ما شئت) الدولة هي التي عممتها وفرضت فهمها على المواطنين عندما اصطكت أسنان مجلس الوزراء ببعضها ذعراً وسمعنا صوت ركبه تتراقع ببعضها خوفاً من إضراب العاملين في القطاع النفطي، ومن ثم تم (الانبطاح السريع) الذي مارسه المجلس بإقراره للقطاع ما يشاء.
وبناء على هذا المسلك فهم الناس أن من يرد تحقيق مطالبه فعليه أن يضرب عن العمل، ولا يمكن أن نلومهم في هذا الاستنتاج المنطقي.
ولكن.. عندما يفعل مجلس الوزراء ما فعله مع (عيال النفط)، ونجده يفعل العكس تماماً مع (عيال الحكومة) الآخرين بل ويهدد بالاستعانة بالخارج واستبدال الموظفين ومقاضاتهم ومجازاتهم بعقوبات إدارية، وحتى عدم النظر في مطالبهم إن هددوا مجرد تهديد بالإضراب فهو يعزز فكرة جديدة أسوأ بكثير من فكرة (إضرب وخذ ما شئت)، حيث إن الدولة بهذا السلوك تعزز فكرة أن عيال النفط هم (عيال الحرة)، وغيرهم ليسوا إلا (عيال العبدة)، مع احترامنا لجميع خلق الله ومعرفتنا بأننا جميعاً عبيد الله، لكنه مَثل كويتي لاذع ومتعارف عليه، وأعتذر لاستخدامه لكنني وجدته أوضح جملة قصيرة صادمة تختزل الأمر كله.
إن (عيال الجمارك) عندما أضربوا إنما استجابوا للرسالة الخاطئة التي تلقوها من مجلس الوزراء، وحاولوا أن يزيلوا الغشاوة و(الغمص) عن عين المجلس ليرى أن (عيال الجمارك) ليسوا أقل أهمية من (عيال النفط)، وأن البلاد تتعرض للشلل وارتفاع الأسعار واضطراب حركة السفر إن هم أضربوا عن العمل، وبالتالي فهم أيضاً مهمون ولا يجب أن تتجاهلهم الدولة.
لقد حاول (عيال الجمارك) أن يبيّنوا لمجلس الوزراء أن ما فعله مع (عيال النفط) ويفعل عكسه الآن مع (عيال الجهات الحكومية الأخرى) إنما يعكس احتقاراً للغالبية العظمى من الموظفين وتمييزاً في المعاملة دونما مبررات، وجهلاً بأهمية العديد من قطاعات الدولة التي ربما يكون أبناؤها فعلاً يعانون الظلم.
هذا شرح مستفيض نسبياً ونوجهه الى السادة أعضاء مجلس الوزراء آملين أن يكون قد أزال الغشاوة عن أعينهم وأعاد السكينة الى قلوبهم، وأن يعيدوا (جزرتهم) الى الثلاجة، ويكسروا (عصاتهم) التي لا يجب أن ترفع في وجه أبنائهم.
ختاماً نقول..
العقل زينة!
وليد جاسم الجاسم
تعليقات