فواز الفواز يستنجد بابن خلدون ويدعوا لتبني نموذج جديد اقتصادي الفكر والممارسة لانقاذ العرب
الاقتصاد الآنأكتوبر 11, 2011, 11:02 ص 231 مشاهدات 0
مما ذكر ابن خلدون في المقدمة أنه من حين لآخر تقوم فئة قليلة لأسباب موضوعية وغير موضوعية باغتصاب السلطة وبالتالي يصعب على العرب بناء دولة قابلة للاستمرار وقادرة على البناء المؤسساتي. سرعان ما يستتب الحكم وسرعان ما يزرع عيوب يبدأ خصومه في استغلالها. عدم القدرة على البناء المؤسساتي يهدد البيئة مرة أخرى لإعادة الكرّة مرة أخرى. مرة يأتي العصيان إقليميا ومرة أخرى من البادية على الحاضرة ومرة أخرى طبقيا، تتعدد الأنماط ولكنها في نمط واحد أكبر: عدم قدرة النخب الفاعلة على رؤيا تنموية فاعلة مقنعة للعامة وبالتالي تزعزع الشرعية.
لا بد للمراقب اليوم أن يتذكر ابن خلدون حينما يرى في مصر هدرا لما تم بناؤه في عهد السادات وجزء من عهد مبارك إلى بدء الحديث عن التوريث والتهاون مع الانتخابات والخلط بين التجارة والسياسة، وخطر خسارة مصر في سلم الإنجاز التنموي قائم وحتى في أحسن الظروف فإن مصر تحقق خسائر في ظل نمو سكاني وتزايد الأمية وحسرة الاعتماد على المساعدات الخارجية. وفي اليمن هناك دعاوى لديمقراطية القبيلة، فكان البعض المؤثر يقول إن قبيلتي أكثر ديمقراطية من قبيلتك، بينما يذكر أن صنعاء قد تكون أول عاصمة عالمية ينتهي فيها مصادر المياه الصالحة للشرب. وفي سورية نظرا لتنامي الفجوة بين القول والفعل وطغيان فئة قليلة وصلت بالبلاد إلى نقطة اللاعودة. وفي ليبيا نموذج آخر في تصادم القبيلة مع الآلة القمعية وسوء الإدارة واستباحة الموارد النفطية جعلت النظام لا يفرق بين الاستقرار لمصالح البلاد وبين الثورة التي ينادي بها إلى أن خسرها. وأخيرا في العراق الذي وصل النخر المذهبي إلى أن السجان يتعامل مع السجين على أساس مذهبي في ظل حكومة اخترعت مذهبية ديمقراطية في ظل عجز مادي وخدمي لم يشفع له الحديث عن ثاني أكبر احتياط نفطي في العالم.
بعد نحو ألف سنة ما زال تشخيص ابن خلدون هو الصحيح للدول العربية خاصة والإسلامية عموما. لم يتوقع ابن خلدون الثورة المعلوماتية والإعلامية وسيطرة الحياة الاستهلاكية التي لعلها وصلت إلى مرتبة دين جديد ولم يتوقع أيضا أن العصر اليوم اقتصادي بامتياز وأن هذه التيارات الجديدة قدمت النموذج العربي بالاستعداد لاغتصاب السلطة فرصة أقوى باستخدام هذه المنافذ والسبل الجديدة، ولكنها أيضا ومن ناحية لا تقل أهمية أعطت الحكومات المركزية قوة غير مسبوقة الأحرى بها أن تستغلها في البناء المؤسساتي لتحقيق الحكم الرشيد تدريجيا وهذا لم يحدث.
حتى مظاهر عنفوان الحضارة الجديدة من آلية الحكم المركزية والثورة الإعلامية لم تمكن النخب العربية من كسر الماضي ولم تثبت خطأ ابن خلدون في فهمه لطبيعة المزاج والنفسية العربية.
ما الحل؟
الحل في كسر النموذج الفكري واستبداله بنموذج آخر يقلل ويهذب الاستعداد الفطري بالقفز فوق الحقائق وفرز العاطفي عن العقلي والتعود على المصارحة المؤلمة أحيانا. النموذج السابق/الحالي مركزيته في الدوائر السياسية والاجتماعية؛ ولذلك حان الوقت أن يكون النموذج الجديد اقتصادي الفكر والممارسة، فالنموذج الاقتصادي هو أكثرها منطقية وقابليتها للقياس أكثر من النواحي الشكلية في السياسة والاجتماع، فالذي يصعب قياسه يصعب تثمينه.
تعليقات