هيكل يعيد نشر ست مقالات موجهة للرئيس مبارك بعد مرور ربع قرن
عربي و دولييناير 13, 2008, منتصف الليل 386 مشاهدات 0
القاهرة:(الآن) ـ أعاد الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل نشر ست مقالات كان قد كتبها منذ ربع قرن.
وقال هيكل في مقدمة المقالات - التي تنشرها جريدة المصري اليوم - ان لهذه المقالات قصة حيث كتبها بأسلوب الخطابات المفتوحة، موجهة إلي الرئيس حسني مبارك، وكانت معدة لمجلة المصور.
ويقول: في تلك الأيام، فقد حدث بعد تجربة سبعة عشر عاما من العمل في الأهرام ـ رئيسا لتحريره ولمجلس إدارته ـ أن تطورات الأحوال السياسية في مصر أدت إلي ظهور واتساع خلاف يصعب الوصول فيه إلي حل وسط، أو صيغة توافق بين الرئيس أنور السادات وبيني قادتني إلى السجن ضمن اعتقالات سبتمبر 1981
وبعد خروجي- وخروجنا جميعاً - من المعتقل، شاء الرئيس الجديد- حسني مبارك- أن يكون الإفراج عنا من أحد قصور الرئاسة، وكذلك دعانا للتوجه من سجن طرة - كي نلقاه في قصر العروبة
وفي سبتمبر 1982 تفضل الأستاذ مكرم محمد أحمد'نقيب الصحفيين المصريين حاليا' وطلب مني أن أكتب للمصور رأيي في إطار مناسبات تجمعت مع بعضها: سنة من رئاسة حسني مبارك- وسنة من التحولات والتغييرات خلالها- وسنة بعد خروجنا من السجن.
وفكرت ثم اخترت - لسبب يتضح داعيه من سياق النصوص- أن أكتب ما أريد علي شكل خطابات مفتوحة موجهة إلي الرئيس حسني مبارك وكذلك بدأت الكتابة أوائل أكتوبر سنة 1982، وفرغت من ستة مقالات اخترت أن أسلمها للأستاذ مكرم مرة واحدة، مجموعة متكاملة مترابط ة- مع أوائل نوفمبر 1982.
لكنني وأنا أعرف الأستاذ مكرم وأدرك دقة التزامه المهني، وأقدر تمسكه بالأصول المرعية، رجوته ملحا ألا ينفرد في نشر هذه المقالات بقرار، فقد خشيت أن يتحمل بنشرها أكثر مما يلزمه، وأثقل مما أرضي له، وذلك أنني أستطيع- عن نفسي- قبول مخاطرة الطيران خارج السرب، لكنه- من جانبه- ليس مطالبا بنفس المخاطرة.
وتسلم الأستاذ مكرم محمد أحمد مني مجموعة المقالات الستة أوائل نوفمبر 1982، واستمع- مترددا- لما رجوته وسألته فيه من ضرورة ألا ينفرد في النشر بقرار.
ومضت ثلاثة أسابيع حتي تلقيت اتصالا تليفونيا من المستشار أسامة الباز مقترحا أن يدعو نفسه علي العشاء معي أي يوم هذا الأسبوع، وتحمست، فالرجل زميل قديم- عملنا معا سنوات طويلة سواء أثناء وجودي في الأهرام، أو عندما اسند إلي- في ظرف سياسي معين- منصب وزير الإعلام- ثم أضيف إلي منصب وزير الخارجية بالنيابة.
وبصرف النظر عن الزمالة الطويلة- فإن أسامة الباز ظل- رغم تباعد المسافات- رجلا قادرا علي إقامة علاقات واسعة، محافظاً علي جسور مفتوحة وطرق واصلة.
واتفقنا بالفعل علي موعد للعشاء مساء غد في بيتي وحين جاء ومعه قرينته يومها السفيرة مها فهمي لاحظت من أول نظرة أنه يتأبط رزمة كبيرة من الأوراق تعرفت عليها، لأنها كانت نفس الرزمة التي سلمتها (داخل مظروف) إلي الأستاذ مكرم محمد أحمد» ـ أي مجموعة المقالات التي كتبتها لالمصور.
وصحبت أسامة الباز إلي مكتبي في نفس الطابق وهو ملاصق لمسكني، كي يتخلص علي الأقل من حمولته، سواء في ذلك رزمة المقالات التي يحملها تحت إبطه أو أي طلب في شأنها ينتظر علي طرف لسانه ـ قبل أن نجلس إلي مائدة العشاء.
ولم يأخذ الموضوع مني تفكيراًيقصر أو يطول، بل صدر ردي عفوياً وطوعياً ـ مضمونه: إنني آخر من يريد أن يتسبب في إحراج من أي مقدار أو أي نوع في هذه الظروف، وبالتالي فسوف تنام هذه المقالات في درج مكتبي، حديثاً مؤجلاً إلي يوم آخر! ـ وفي خارج مصر كما في داخلها!.
وأبدي أسامة الباز دهشته قائلاً: يظهر أن الرئيس يعرفك أكثر مني، ذلك أنني حين عبرت له ـ بمعرفتي الطويلة لك ـ عن الشك في قبولك لما نطلبه منك، رد علي بقوله: اذهب وانقل عني واترك الموضوع لتقديره ـ والذي أدهشني أنك استجبت بهذه السرعة، لكنه كما قلت لك يبدو أنه يعرفك أكثر مني.
ومرت الأيام ومضت 25 سنة كاملة ـ ربع قرن ـ وإزاء إلحاح حوادث، وكذلك أصدقاء، فقد وافقت أخيراً وفي إطار هذا السياق أن أبدأ بملف يضم تلك المقالات الستة ـ التي حجبها طلب رقيق من هناك وقبول طوعي من هنا ـ منذ سنة 1982 ـ لكي تظهر وتنشر بنصوصها وعباراتها وكلماتها ـ كما كتبتها من ربع قرن ـ ثم تضع نفسها تحت النظر والفحص!
وعندما باشرت التنفيذ فقد رأيت ألا أغير شيئاً مما كتبت (لا الإطار ولا السياق ولا الوقائع ولا الآراء) ـ بالتزام أن تلك المقالات الستة نص مختوم في حينه، وهنا قيمته كبرت أو صغرت.
وتبدي لي أن مرور الأيام واختلاف الأجواء وابتعاد الحوادث ربع قرن من الزمان، يقضي بأفضلية أن يكون هناك تمهيد مختصر ومنفصل لكل مقال، قصده استعادة مناخ ما كان لحظتها، بحيث تظهر مواضع الكلام وتبين معالمه وسط زمانه.
وكذلك كتبت تمهيداً عاماً مستقلاً للملف بكامله، ثم قدمت لكل فصل فيه بإشارة محددة تلفت النظر إلي ما فيه زماناً ومكاناً.
تعليقات