حسن العيسي ينتقد من يؤصلون قداسة منصب رئيس الوزراء في أبناء الأسرة
زاوية الكتابكتب أكتوبر 2, 2011, 12:54 ص 1773 مشاهدات 0
الجريدة
من تريد رئيساً للوزراء؟
حسن العيسى
ببساطة وعفوية، صرح النائب عبدالرحمن العنجري لجريدة “الكويتية” بأنه يرغب في أن يكون رئيساً لمجلس الوزراء… وهذا حق مشروع لكل مواطن ومواطنة. دستورياً لم يقل العنجري غير حقيقة مشروعة، فلا دستور الدولة ولا أي قانون آخر يفرض أن يكون رئيس الوزراء من العائلة المالكة، لكن العرف السياسي “فَرض” منذ بدء العمل بالدستور أن يكون رئيس الوزراء هو ذاته ولي العهد والحاكم القادم، حتى تم الفصل بين ولاية العهد ورئاسة مجلس الوزراء بعد أن ساءت الحالة الصحية للشيخ سعد. تلك حكاية عُرف انتهى، لتستقر مكانه قاعدة عرفية جديدة، والتي تفصل بين منصب ولاية العهد ورئاسة مجلس الوزراء، وتلك أقرب إلى الممارسة الدستورية، فالجمع بين المنصبين يضفي حصانة أدبية أو “أخلاقية” على منصب “رئيس مجلس الوزراء” ليس لها أي أساس من الدستور، وتتباعد تماماً عن الحكم الديمقراطي. وإذا كان الدستور قد أجاز مساءلة رئيس مجلس الوزراء واستجوابه وبالتالي طرح “عدم التعاون مع الحكومة” فإن ظلال هيبة المشيخة استمر سلطانها ممتداً إلى منصب “رئاسة مجلس الوزراء” ولو تغيرت أسماء الأشخاص الشيوخ في هذا المنصب، أو تنازع أصحاب تلك الأسماء على هذا المنصب كي يسوى لبعضهم الطريق للحكم فيما بعد.
استمرار السلطان النفسي بحكر منصب رئاسة مجلس الوزراء في ذرية مبارك جعل كثيراً من الأفراد والنخب وقاعدة عريضة من الناس يتصورون أن مجرد طرح فكرة “شعبية ” رئاسة الوزراء هي من المحرمات، وسمعت مرات عديدة مثل ذلك الجدل الفارغ حين يسقط صاحبه مثل هذا السؤال الاتهامي للآخر: “من تريد أن يكون رئيسا للوزراء؟ أحمد السعدون أو مسلم البراك… أو… أو…”. في اتهام يضج بنبرة التهكم واستصغار الآخر الذي يجادل والنائب أو الشخص المعارض لسياسة سمو رئيس مجلس الوزراء!
لا يوجد هنا استبداد في الحكم، ولكن في رأيي، نرى ما هو أسوأ منه، حين تتأصل قداسة المنصب في نفوس أفراد أو نخب يفترض أنها تقرأ، وتعي الواقع المتغير، ثم تراهم يحاضرونك عن الديمقراطية والحريات، وهناك نقدهم الأبدي في الدواوين والمجالس الخاصة (وتشرههم) على سياسة الحكومة، وإدارة الدولة. هؤلاء يختزلون الدولة في الفرد، ويتناسون تماماً مبدأ حكم القانون والمؤسسات، وأن الدولة لا يرتبط بقاؤها وديمومتها بأشخاص معينين، وإنما بإرادة أهلها وتوافقهم. جزء كبير من مصيبتنا في هؤلاء من مثقفي النفط، وكارثتنا في هؤلاء المتعالين أشباه الحداثيين، حين ينتقدون الروح القبلية وهم أسوأ العنصريين القبليين، ويمارسون قبليتهم وعنصريتهم متصورين أنهم وحدهم أهل الديرة والبقية دخلاء عليها، بينما هم الدخلاء على روح المواطنة ومبدأ المساواة.. كم أتمنى صمتهم.
تعليقات