الحراك الحالي لن يحدث تغييرا في الحياة السياسية، برأى أحمد الديين مالم تكن هناك أجندة واضحة للإصلاح الديمقراطي

زاوية الكتاب

كتب 1818 مشاهدات 0


 

عالم اليوم

 

إعادة إنتاج الوضع البائس!

 

كتب أحمد الديين

 

على الرغم من أهمية الحراك السياسي الذي تشهده الكويت، وأيًّا كان السيناريو الذي ستتجه نحوه الأحداث الجارية، فإنّه في ظل غياب أجندة واضحة للإصلاح الديمقراطي، يتم التوافق على السعي لتحقيقها، لا يمكن تصوّر أن يؤدي هذا الحراك إلى إحداث تغيير ذي معنى في الحياة السياسية، حتى وإن تمت إطاحة رئيس مجلس الوزراء وتشكيل حكومة جديدة برئيس جديد، أو جرى التعجيل في حلّ مجلس الأمة وإجراء انتخابات نيابية مبكرة تطوي صفحة المجلس والحكومة غير المأسوف عليهما!

وذلك يعود إلى أكثر من سبب، أبرزها أنّ تغيير شخص رئيس مجلس الوزراء، مع أهمية وضرورة هذا التغيير، لن يؤدي إلى تغيير جدّيّ في النهج السلطوي، فهذا النهج ليس مرتبطا بشخص، وإنما مرتبط بأوضاع قائمة؛ وبموازين قوى مختلة؛ وبمراكز نفوذ متمكنة؛ وبعقلية سائدة يصعب أن تتقبّل التخلي عن الإنفراد بالقرار... وبالتالي فإنّ أقصى ما سيحدث هو استبدال شخص بشخص، فيما هذه الأوضاع وموازين القوى ومراكز النفوذ وطريقة اتخاذ القرار ستبقى على ما هي عليه، وبذلك فإنّ رئيس مجلس الوزراء الجديد لن يختلف كثيرا عن الحالي، أو لنقل سيمارس دوره في ظل استمرار الأوضاع البائسة ذاتها التي قادتنا إلى ما نحن فيه من سوء إدارة وإفساد وفساد... وبالطبع سترتفع الأصوات الداعية إلى منح هذا الرئيس الجديد فرصة من الوقت، وستتكرر الأوهام حول “الرئيس الإصلاحي”!

أما في حال حلّ مجلس الأمة الحالي وإجراء انتخابات نيابية مبكرة، فإنّ أقصى ما يمكن أن يتحقق هو اعتزال بعض النواب الحاليين الذين افتضح أمر تورّطهم في الإيداعات المليونية وعدم ترشحهم مجددا، أو ربما سقوط بعض مَنْ سيقرر ترشيح نفسه في الانتخابات عقابا وفاقا على فساده... أما الانتخابات المقبلة فلن تختلف كثيرا عن الانتخابات السابقة... فالتدخل السلطوي؛ والمال السياسي؛ والإنفاق غير المحدد بسقف على الحملات الانتخابية؛ وشراء الذمم، وتسهيلات المعاملات والخدمات، وتأثير الاستقطابات الطائفية والقبلية والفئوية على اتجاهات تصويت الناخبين، التي سبق أن أدّت إلى وصول النواب الحاليين ستقود حتما إلى فوز أمثالهم ممَنْ لا يختلفون عنهم، هذا ناهيك عن أنّ قوى الإفساد لن تعدم وسيلة لرشوة عدد من النواب الجدد بوسيلة أو بأخرى... هذا في الوقت الذي سينصرف فيه جهد القوى الشعبية عن الحراك السياسي لينغمس في خوض معركة الانتخابات وحساباتها ولعبة أصواتها، التي ستعيد إنتاج الوضع الحالي البائس مجددا، وإن كان ذلك بأسماء جديدة!

ومن هنا فإنّ قوى الحراك السياسي معنية بأن تدرك ضرورة التركيز على ما هو أبعد من مجرد اكتفائها بطرح مطلبي رحيل رئيس الحكومة وحلّ المجلس، وذلك بأن تتوافق على أجندة واضحة للإصلاح الديمقراطي تؤدي إلى إحداث تغيير على موازين القوى بحيث يتم تقييد السلطة بالضوابط الدستورية ودفعها إلى القبول بالانخراط في مشروع بناء الدولة الكويتية الحديثة الذي حاولت تعطيله، والعمل على تمهيد الأرضية نحو تحقيق تطور ديمقراطي متسق يقوم على تعددية سياسية؛ وتداول ديمقراطي للسلطة التنفيذية؛ ونظام دستوري برلماني... وغير هذا لن يكون سوى تكرار عبثي لممارسة اللعبة السخيفة ذاتها!

 

 

عالم اليوم

تعليقات

اكتب تعليقك