هل تسقط ايران من الداخل ؟

عربي و دولي

550 مشاهدات 0


لا أجد تفسيراً أكثر واقعية لتراجع حدة لغة التهديد الأمريكي لطهران، وتراجع فرص شن حرب عليها، من حقيقة أن السقوط والانهيار الإيراني من الداخل بات وشيكاً.

 التوجه الأمريكي اليوم في التعامل مع أزمة إيران النووية، يسير باتجاه مغاير لفكرة المواجهة العسكرية من خلال سعي العالم لفرض عزلة دولية على طهران، استنادا إلى عدة مبررات، من بينها أن المنطقة لن تحتمل أي حرب جديدة، حتى لو كانت على شكل توجيه ضربات محدودة.

 كما أن مزاج الرأي العام الأمريكي، وهو مؤشر مهم في سياسات البيت الأبيض، يشير بوضوح إلى عدم رضا أغلب الأمريكيين عن فكرة المواجهة العسكرية.

 وفي المقابل، فليس أسوأ على الإطلاق بالنسبة لعامة الشعب الإيراني، أكثر من تعرض بلادهم لضربة عسكرية تشنها تل أبيب، مدفوعة بالتحرشات الأميركية.

 العزلة والعقوبات الاقتصادية وسياسة تجفيف منابع القوة لنظام الملالي، هو السياسة الأكثر حضورا لدى واشنطن هذه الأيام للتعاطي مع إيران.

 لكن ثمة معطيات على الأرض، قد تساعد واشنطن في إحكام خطتها، فنجاد الذي حاول فك عزلته الدولية بزيارة واشنطن نفسها، فشل في الوفاء بالوعود التي قطعها لشعبه إبان حملته الانتخابية الرئاسية،

 واستطلاعات الرأي في طهران، أوضحت مؤخرا أن 61% من الإيرانيين أعربوا عن عدم رضاهم عن أداء حكومة محمود أحمدي نجاد الحالية، وهو ما يبدو أن واشنطن ستستثمر فيه على نحو جيد.

 إلى جانب ذلك كله، ثمة أحداث أخيرة في طهران تدعو إلى طرح أسئلة حول التماسك الداخلي في هذه الدولة. ومن أهم هذه الأحداث انتخاب الرئيس الأسبق 'علي أكبر رافسنجاني'، في الرابع من سبتمبر الماضي لشغل منصب رئيس مجلس الخبراء بأغلبية 41 صوتاً مقابل 33 صوتاً لمنافسه على شغل المنصب «أحمد جنتي».

  ومن المعروف أن 'جنتي' حليف وثيق للرئيس 'محمود أحمدي نجاد'، وهو ما يعني أن نتيجة تلك الانتخابات تعتبر هزيمة للرئيس. من الناحية النظرية، يمتلك 'مجلس الخبراء'، سلطة هائلة على اعتبار أنه الهيئة التي تنتخب المرشد الأعلى، وهي التي تستطيع عزله من الناحية القانونية.

 من التغييرات الأخرى المهمة تعيين 'محمد علي جعفري'، رئيسا جديدا لـ'الحرس الثوري' خلفاً ليحيى صفوي، وهو تعيين يرجع كما قيل إلى القلق بشأن التهديدات الجديدة الموجهة للنظام من قبل الولايات المتحدة، لكن 'جعفري' في حقيقة الأمر حليف سابق في الماضي لرفسنجاني، والأمر يعني أن ثمة تحجيم واضح لحضور نجاد.

 من بين المؤشرات الأخرى على وجود انقسام في وجهات النظر في إيران، ذلك الإفراج المفاجئ عن هالة أصفاندياري (67 عاماً) الأستاذة الأميركية - الإيرانية، التي تم سجنها في مايو 2007م، بتهمة التآمر لقلب نظام الحكم.. والإفراج عن اصفانديازي بهذه السهولة، يشير إلى وجود اختلافات وتباينات إستراتيجية جوهرية داخل النظام الإيراني.

 الموضوع الوحيد الذي يمكن أن يوحد القيادة في إيران، هو إقدام الولايات المتحدة على شن هجوم عسكري مباشر على إيران، ويبدو أن واشنطن لن تعطي هذه الفرصة لنظام الملالي، وستراهن على إسقاطه من الداخل حتى لو اخذ هذا الأمر وقتاً طويلا.


 

تحليل - كتب - طارق ديلواني

تعليقات

اكتب تعليقك