عن كتابة بن طفلة بالصحافة العراقية يكتب الخيون
زاوية الكتابكتب سبتمبر 27, 2011, 7:01 ص 1759 مشاهدات 0
بن طفلة بالصحافة العراقية
أرى خطوة الصَّديق الكاتب والأكاديمي، ووزير الإعلام الكويتي الأسبق، سعد بن طفلة في الكتابة للصَّحافة العِراقية (جريدة المدى البغدادية)؛ خطوةً جريئة في ظل تبادل إيقاظ المواجع. أقول جريئة لأنني خابر جرأة بن طفلة وثقافته وتعاليه على الضَّغائن. فالأمر لا يتعلق بميناء مبارك الكبير، بقدر ما يتعلق بمحاولة التَّطبيع بين البلدين. فهناك مِن الكويتيين مَن يتربص بخطوة بن طفلة مثلما يتربص عراقيون بأي عراقي يحاول تسهيل العلاقات والصِّلات.
الدكتور بن طفلة أحد الذين يرون أن الجوار بين البلدان خارج عن رغائب الشُّعوب، وهي الجغرافيا وما خطت وطبعت، والأجداد وما اضطروا ونزلوا مِن شواطئ ووهاد، وليس للطالبين التمادي في العِداء حيلة في الإقلاع عن المكان، ورفع الأرض وحملها إلى حيث لا جوار بين العِراق والكويت!
أمثال الصَّديق بن طفلة، وأرواحهم المنفتحة، وثقافتهم العالية، وليبراليتهم الصَّادقة يواجهون عنت المتعصبين داخل المجتمع الكويتي نفسه! فما الذي دفع به الكتابة لجمهور عراقي ومِن داخل بغداد! كنت أحد الذين شجعوا هذه الخطوة عند لقائنا الأخير بأبو ظبي، آملاً أن يُعطى الفرصة الكافية للحوار مع الجمهور العِراقي، فمهما كانت الآراء مختلفة والخطوات نحو الوئام متباعدة، بفعل الأيام الخوالي وشدتها، أرى في كتابته ما يطبع الأجواء، ويساهم في النِّسيان الإيجابي، ويطفئ مِن النَّار اللاهبة على ألسنة المعتاشين على الأزمات.
هناك ماضٍ متشابك فيه المسرات والموجعات، قد يصعب على كويتيين نسيان فاجعة الثاني مِن آب «أغسطس» 1990، وبالقدر نفسه قد يصعب على عراقيين نسيان هيمنة سفارة النِّظام السَّابق داخل الكويت، لكن لا العراقيين مسؤولون عن تلك الكارثة ولا الكويتيون مسؤولون عن تلك الهيمنة، تلك حوادث خلقتها ظروفها وتغذت بسموم مرحلتها. فكم أعمار الكويتيين والعراقيين الذين ولدوا بعد آب 1990. لقد تبدلت أجيال، فمن تلك الولادات ربما ظهر وزراء ومدراء ومعلمون ونواب برلمانات. حان الوقت أن ترحل مثل تلك الموجعات إلى متاحف التَّاريخ، لا يجب أن تستذكر عبر كلِّ أزمة وإثارة عاطفة، إنما أحداث علينا قراءتها في حدود عصرها، لا نجعلها مثلما جعلوا التَّاريخ الإسلامي مادة لتجدد النِّزاعات والارتزاق عليها.
التقيت بشخصيات كويتية، خلال انعقاد ندوة الخطة الثَّقافية بالكويت (أيار 2008)، وما كنت أعلم أنهم مِن المعتقلين ببغداد، وأقاربهم اختطفوا مِن على عتبات منازلهم، وكانوا يتحدثون عن العِراق بمودة متناهية، ولولا ما قصه عليَّ الصَّديق بن طفلة، مِن نكبات مرت على هؤلاء، ما تفوه أحدهم بشيء مِن ذلك.
أحسب أن كتابة بن طفلة، وهو أمر مستحيل في ظل السَّابقين، ووجود قلمه الحر بين الأقلام العِراقية له معنى التغاضي عن الماضي، والتعالي على الجاهلين، والتدرب على قبول الآخر. لقد ظلت العواطف ملتهبة لسنوات بُعيد غزو الكويت، وما زالت تصب كراهيةً في قلوب البعض.
لا نظن أن ما يكتبه كويتي بمواصفات بن طفلة، يريد للعِراق ولبلده الحرية والسَّعادة، سيؤثر على الساعين بالكراهية والبغضاء، فأولئك رسموا هدفاً لا يحيدهم عنه مقال أو كتاب، فمهمته صعبة، وهو يحسب حساب كلَّ حرف يكتبه، موزون بميزان الذهب، لكنه قطعاً سيساهم بترطيب الأجواء الجافة، فها هي الرَّمضاء اتسعت والمياه نراها وشلت.
تعليقات