أبل المغرد المفقود
زاوية الكتابكتب سبتمبر 26, 2011, 9:21 ص 6470 مشاهدات 0
ضباع في عرين السباع
يأسر الإنسان حول العالم العديد من الطيور اللطيفة والجميلة ليرعاها ويستمتع بها ، ولكن في هذا العصر بدأت تؤسر هذه العصافير في أقفاص من حديد ،ومن حولها حرس مقنعون ، ولم يكتفي بذلك حتى وضع الأصفاد ، والرؤوس تغطت بغطاءٍ كأنها أشباح سود، كل ذلك ليضمن البقاء والحياة في هذه الأرض الدنية ،وذلك عن طريق قتل هذه العصافير المغردة التي تهز عرشه و أركانه .
لقد كان هذا العصفور يغرد على الأغصان مع باقي العصافير ، مردداً ترانيماً وأهازيجاً معبره لما يدور في خاطره من آلام وآهات وحسرات في قلبه الصغير كما يفعل باقي أقرانه ، ولكنه أقل منهم تغريداً احتراماً منه للنائمين، حتى سقطت عيون الماكرين والخبيثين عليه، فتحبلوا له كيداً متربصين به السوء والبغضاء، وجاء ذلك اليوم الذي ألقوا بشباكهم الماكرة عليه فاصطادوه وكان من الجاهلين، فحسب هذا العصفور أنه من الناجين، وأن لديه من السباع ما يجعله من المستبسلين؛ الذين لو وددت إلى بعضهم بفزعة لفزعوا لك ولم تكن من النادمين ، فهام العصفور في السجن وهو محزون ( كيف ذلك وكنت من الناصرين المنتصرين؟!) فأصبح العصفور من الهائمين، يشتكي لمن هو عن يمينه وعن يساره ولكن ليس هناك من السامعين، إلا ثلة من عباد الله المصلحين، فراح الصياد ينوي به كيداً متربصاً به سوء الماكرين، يبحث في نقاله وإيميله وداره بكل دهاءٍ عن شك ليس بيقين، فلم يجد إلا أن يدس الوهم وهو ليس بسليم، فقال الصياد بعد إلحاح وحث مرير: (إن هذا العصفور ليبغي الفتنة والتفرقة فيما بيننا يا قوم إنه أشرٌ ملوم، حتى ولو لم يقضي القضاء به فهو من المتهمين).
دعا العصفور في غياهب السجن : ( يا رب أنجدني من هذا الظالم الجبار وأنا أكون لك من الشاكرين) فاستجاب له ربه فكشف له ولمن معه مكره وهو حسيب، فطالبوا معتصمين بأن يفك عنه القيد ويكون من المحررين، فأشعلوا له على عدد مكوثه في السجن مائة شمعة وهو في القفص الحديد، وراح الناس يستوعبون ما جرى لهذا العصفور من ظلامة هذا الصياد ، فاستنكر من استنكر ، ونادى من نادى ، واستبسل من استبسل، وأتى يوم الحكم الموعود من بعد طول انتظار وتأجيل ومجهود، وهم في الخارج محتشدين، بشعارات وتنديد بحبس المسجون، وبعد ما يناهز عن ساعتين من الحقائق وكشف الأباطيل، لم يكن الناتج هو المطلوب.
ومازال للأسف رجال لا يفقهون بأن هذا العصفور ليس إلا كبش فداء لعصافيرٍ آخرين، هم وأتباعهم سيستهدفون
نائب الامين العام لتجمع شباب السيف
د. محمد اسماعيل عبدالرضا
تعليقات