هدم سور الحماية الدستورية للاقتصاد كارثة
الاقتصاد الآنسبتمبر 25, 2011, 12:19 م 188 مشاهدات 0
م. فهد داود الصباح
بدأت بودار ازمة اقتصادية جديدة تلوح بالأفق تهدد ليس الاقتصاد الوطني فحسب، انما سيكون لها مفاعيل اجتماعية وسياسية سلبية في البلاد، واذا كانت بعض التيارات السياسية خلطت بين الخاص والعام في معالجة بعض القضايا ذات الطابع الاقتصادية فهي لم تدرك المخاطر المترتبة على ذلك، وما يمكن ان تؤدي اليها في ما يتعلق بالكفيل الاساسي للاستقرار الاجتماعي للدولة، اي الدستور، وهو العقد الذي على اساسه تجري الحياة في شتى نواحيها في البلاد.
الدستور ليس عقدا سياسيا ينظم حياة المجتمع ويحدد الآليات التي تسير اموره، بل ان هذا العقد ينشئ على هامشه شريعة اقتصادية واجتماعية، تشكل صورة المجتمع بصورة غير مباشرة، وطالما ان الدولة كفلت رعاية المواطن من المهد الى اللحد، خصوصا انها تدفع نحو 56 في المئة من الميزانية العامة للدولة للرواتب، لذلك اصبحت ملزمة بالبحث الدائم عن سبل لاستمرار هذه الرعاية، واذا ارادت في لحظة التخلي عن هذا النهج استلزم ذلك البحث في اساس البنية، اي الدستور، وفي ظل الظروف التي نعيشها منذ نحو عشرين عاما بات من الصعب اعادة النظر في هذا الاساس لاسيما حين نرى بعض الذين يطالبون بدفع البلاد الي مغامرة تفكيك الدولة من خلال تكبيل السلطات الاخرى بقيود لم يلحظها الدستور، ومنها جعل السلطة التنفيذية تحت وصاية قوى الضغط الاجتماعي عبر تضخيم الدور النيابي اكثر مما حدده الدستور، فهذا يؤدي الى عرقلة كل عمل اقتصادي لان تلك القوى تستتر بممارستها الابتزاز الاقتصادي بعباءة الحقوق السياسية.
لا يعني ذلك فرض القيود على حرية الافراد المكفولة دستوريا في ممارسة دورهم السياسي، انما البحث جديا في دور كل واحد استنادا للدستور، والعمل على تصويب الممارسة وجعلها ضمن الأطر الدستورية من دون طغيانها على الحقوق الاخرى للمواطنين، ومن دون تغيير جوهر واجبات الدولة.
عندما وضع المشرع المادة 18 من الدستور، كان يهدف الى جعل تشجيع الكويتيين على بناء اقتصاد قوي وراسخ، لان كفالة الدولة لحرية الملكية الخاصة تعني منح المواطن حرية الاستثمار وبناء المؤسسات القادرة على الاستمرارية وبعث الاطمئنان في نفسه بانه غير مهدد بأي شك من الاشكال برزقه، لكن ما يجري الان في بعض المؤسسات الاقتصادية وغير الاقتصادية يقوض هذه المادة ويفرغها من مضمونها ومن خارج القانون، بل هو يتخذ صفة العرف التي تجعل اي مواطن يرزح تحت خوف ممارسة ضغط او ابتزار عليه غير دستوري وغير قانوني لكن عبر مؤسسات التحقيق والقضاء، وهذا يعني انشاء منظومة فساد جديدة لم يألفها المجتمع سابقا تساعد على رهن الاقتصاد الوطني لعوامل غير اقتصادية وغير صحية تزيد من أزماته مستقبلا، فعلى هامش هذه الممارسات بدأ العديد من اصحاب رؤوس الاموال البحث عن منافذ استثمارية خارج البلاد أو تهريب أموالهم الى الخارج ما يعني ضربا حقيقيا للجوهر الذي بني عليه الدستور رغم الحاجة لاعادة النظر اما في العمارة التشريعية او الاساس الدستوري على الصعيد الرعائي للمجتمع الا ان محاولات هدم سور الضمانات الدستورية من خلال الممارسة السياسية تعد انتحارا جماعيا اذا لم يبادر من بيدهم الحل والعقد الى معالجة هذه القضية بالسرعة اللازمة.
تعليقات