يتهمها بالجهل والتخبط..وعود الحكومة حول الكوادر ليست سوى مناورة، برأى أحمد الديين

زاوية الكتاب

كتب 1331 مشاهدات 0





حكومة الإضرابات! 
 
كتب أحمد الديين
 
شهدت الكويت خلال الأسبوعين الماضيين اتساعا ملحوظا للحركة المطلبية وللاعتصامات والإضرابات العمالية... وبالطبع فإنّ الحركة النقابية العمالية لم تلجأ إلى سلاح الإضراب إلا بعدما سُدّت أمامها الطرق الأخرى لنيل مطالبها؛ ولم تجد أمامها من سبيل للضغط سوى الإضراب عن العمل، وهذا ما سبق أن حدث أخيرا مع العاملين في القطاع النفطي الذين كانوا قد حددوا يوم 18 سبتمبر موعدا لإضرابهم بعدما تكررت المماطلات الحكومية في إقرار مطلبهم في شأن زيادة الرواتب وفق الدراسة التي سبق إقرارها منذ 2010، وهي الدراسة التي كشفت أنّ معدلات رواتب العاملين في القطاع النفطي الكويتي أقل من معدلات رواتب زملائهم بالقطاع ذاته في دول مجلس التعاون الخليجي... وعندما أدركت الحكومة أنّ العاملين في القطاع النفطي جادون في قرارهم ولن يتراجعوا عن إضرابهم الذي كان سيشلّ الإنتاج النفطي حاولت مرة أخرى أن تلتف على مطلبهم حيث عاودت اتباع أسلوب المناورة عن طريق إقرار مجلس الخدمة المدنية زيادة بديلة مجتزأة سرعان ما رفضها العاملون في القطاع النفطي، وبذلك رضخت الحكومة صاغرة للمطالب العمالية التي ماطلت طويلا في تلبيتها.
وبالتأكيد فقد شجّع نجاح التحرك المطلبي للعاملين في القطاع النفطي أقساما أخرى من العاملين في القطاعين الحكومي والخاص على التحرك من أجل إقرار مطالبهم التي سبق أن تعرضت هي الأخرى للتأجيل والمماطلة أكثر من مرة، وكان من أبرز هذه التحركات اعتصام الاطفائيين، والإضراب المفتوح للقانونيين في الجهات الحكومية للمطالبة بمساواتهم مع زملائهم في الفتوى والتشريع وإدارة التحقيقات الذي يدخل اليوم أسبوعه الثاني، وغيرهما من التحركات المطلبية للعاملين في جهات مختلفة.
ومع ذلك لا تزال الحكومة تواصل عن جهل وتعنت اتباع أسلوبها الفاشل في المماطلة والتأجيل الذي أدّى إلى انطلاق هذه الموجة الجديدة من التحركات والإضرابات وسيؤدي في المستقبل القريب إلى تناميها أكثر فأكثر... فقد أعلن مجلس الوزراء في اجتماعه الاستثنائي الأخير أنّه “كلّف ديوان الخدمة المدنية ووزارة المالية والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية بانجاز دراسة شاملة مستفيضة تتناول كافة الاعتبارات القانونية والاقتصادية والاجتماعية والمهنية ذات الصلة بهذا الموضوع وذلك بالتعاون مع اللجنة الاقتصادية الاستشارية لحسم كل المطالب والمقترحات المطروحة على أساس موضوعي وعادل بما يحقق متطلبات التنمية وأهدافها ويخدم المصلحة العامة وذلك خلال مدة لا تتجاوز ثلاثة شهور من تاريخ التكليف”!
والدليل على أنّ هذا القرار الحكومي بإنجاز الدراسة الموعودة حول الكوادر بعد ثلاثة أشهر ليس سوى مناورة أخرى، أنّ هذه الدراسة قد سبق بالفعل أن تمّ الانتهاء منها منذ أكثر من ستة أشهر... فقد نشرت وسائل الإعلام في 21 مارس الماضي تصريحا لرئيس ديوان الخدمة المدنية عبدالعزيز الزبن قال فيه بالحرف الواحد “إنّ الكوادر الخاصة بالجهات الحكومية تمت دراستها وجاهزة للعرض على مجلس الخدمة المدنية”!
أما الجانب الأسوأ في البيان الصادر عن الاجتماع الاستثنائي الأخير لمجلس الوزراء حول التحركات المطلبية والإضرابات العمالية فهو وصفه لها بأنّها “ممارسات غير مسؤولة” و”مظاهر ضارة” و”مخالفة صريحة للقانون... تستوجب المساءلة والمحاسبة”، وهي أوصاف عدائية تعكس المنظور السلطوي الجاهل والمتخلف تجاه الإضراب عن العمل، الذي يمثّل في عالمنا اليوم حقّا ديمقراطيا أصيلا معترفا به للطبقة العاملة في مختلف البلدان وتقرّه الاتفاقيات الدولية.
هذا غيض من فيض من بين الشواهد الملموسة على سوء الإدارة السياسية للدولة وتخلفها وفشلها الذريع في التعامل مع المشكلات وتلبية الاستحقاقات!
 

عالم اليوم

تعليقات

اكتب تعليقك