هل ترفع 'بورسلي' يدها عن هيئة سوق المال؟
الاقتصاد الآنأحكام الدستورية اشترطت سلطة الوزير على الهيئات العامة المستقلة كي لا تنفلت حدود المساءلة أمام مجلس الأمة
سبتمبر 24, 2011, 1:57 م 134 مشاهدات 0
خص الزميل عبداللطيف راضي بدراسة عن حدود سلطة الوزير على الهيئات العامة المستقله ذات الشخصية الاعتبارية، وذلك على خلفية التنازع حول ذلك بين وزير التجارة والصناعة الدكتورة أماني بورسلي ومجلس مفوضي هيئة سوق المال، والذي يتمسك باستقلاليته عن توجيهها للقرارات التي يتخذها وإشرافها عليه في تطبيق القانون 7 لسنة 2010م، وفيما يلي نص الدراسة:
دراسة من إعداد الباحث عبداللطيف راضي:
نص القانون رقم 7 لسنة 2010 بشأن هيئة سوق المال على اعتبار الهيئة وفق المادة الثانية منه هيئة عامه مستقلة تتمتع بالشخصية الاعتبارية مقرونة بحسب ما ورد بنص المادة سالفة الذكر بإشراف وزير التجارة والصناعة والذي نصت المادة السادسة على اختصاصه في ترشيح المفوضين الخمسة لعضوية مجلس مفوضي الهيئة والاختصاص للوزير وفق نص المادة 11 بالاقتراح على مجلس الوزراء المرتبات والمكافآت للمفوضين ومن أن تقدم الهيئة للوزير خلال 120 يوما قبل انقضاء السنة المالية التقرير السنوي لها كما خصت المادة 30 الوزير بتحديد وتسمية الموظفين الذين يمنحون صفة الضبطية القضائية.
وبالتالي فمن خلال قراءة تلك النصوص يلاحظ وجود اختصاص إشرافي على الهيئة لوزير التجارة والصناعة جاء في صفة مطلقه دون تفصيل محدد في حين ورد تحديد لاختصاص الوزير في بعض الجوانب وعليه فإن الجدل القائم في النزاع بين وزير التجارة والصناعة الدكتورة أماني بورسلي ومجلس مفوضي الهيئة بشأن حدود الاستقلالية وحدود الإشراف يحتاج إلى تسليط الضوء على مفهوم سلطة ورقابة الوزراء على الهيئات العامة سواء ورد بها نص في قانون معين أو وفق استقرار النص والمبادئ الدستورية التي تعلو النص التشريعي والتفسيرات التي سبق حسمها في وقائع مشابهه على سند من أن المسؤولية الوزارية للوزير ترتبط بحدود السلطة التي يمارسها إضافة إلى صعوبة ترك هيئة أو جهة إدارية تابعة للسلطة التنفيذية دون رقابة تتوازى مع رقابة البرلمان للحكومة ولذلك فإن الهيئات العامة المستقلة لا يمكن أن تتحصن من الرقابة البرلمانية باستقلاليتها ولا يمكن حجب الوزير عن دوره الرقابي طالما كان مسائلا أمام ممثلي الشعب عن دوره الإشرافي ومن ذلك نستذكر ما انتهت إليه المحكمة الدستورية في الحكم 2 لسنة 1986 بتاريخ 14يونيو 1986 الفاصل في موضوع التحقيق البرلماني في عقد قرض البنك الصناعي ومؤسسة تسوية المعاملات المتعلقة بأسهم الشركات التي تمت بالأجل باعتبارها هيئة مستقلة فقد وضع الحكم الحكومة أمام مسؤولياتها وسلطتها حين أورد في حيثياته اعتبارها ملحقة بوزارة المالية ((ذلك أنه من الثابت وفقا للمادة الأولى من القانون رقم 75 /1983 أن المؤسسة المذكورة هي مؤسسة عامة ذات شخصية اعتبارية مستقلة ملحقة بوزارة المالية، وأنها أنشئت لتتولى تسوية المعاملات المسجلة وفقا للقانون رقم 75/1983 وتقييم موجودات المحالين إليها بسبب هذه المعاملات وإدارة وتصفية ومراقبة تنفيذ التسويات والتفليسات والمصالحات التي تتم وفقا لهذا القانون، وقد خولها القانون مباشرة المهام التي أسندها إليها بصفتها نائبة قانونية عن الدائنين في التسوية والصلح، وحارسة قضائية على المحالين، ومن ثم فهي مؤسسة عامة أناط بها القانون النشاط المشار إليه الذي يدخل بكل عناصره في مجال اختصاص المجلس النيابي والتشريعي والرقابي)).
كما جاء في الحكم الصادر من المحكمة الدستورية الكويتية في 9 اكتوبر 2006 برقم 9 لسنة 2004 اشتراط وجود السلطة تبعا للوزير فيما يخص الهيئات والمؤسسات العامة لكي تكون متلازمة والمسؤولية الوزارية بالقول (( إذا أسند المشرع إلى الوزير ممارسة سلطة معينة لم تكن داخلة أصلا في الأعمال الأساسية لوزارته للاضطلاع بها، فإن السلطة تتبع المسئولية، فمن ثم يتحمل الوزير المسئولية عن مباشرته لهذه السلطة وذلك في حدود صلاحياته واختصاصاتـه التي منحها له المشرع في نطـاق الدستور أي أن المسئولية تتحدد في إطار الدائرة التي يستعمل فيها سلطته، وإذ نصت المادة (133) من الدستور على أن ' ينظم القانون المؤسسات العامة وهيئات الإدارة البلدية بما يكفل لها الاستقلال في ظل توجيه الدولة ورقابتها. '، فذلك يدل على أن الدستور وإن عهد للقانون تنظيم تلك المؤسسات والهيئات وغيرها من جهات الإدارة اللامركزية بما يكفل استقلالها وتصريف شئونها وإدارة أعمالها وإصدار قراراتها ونفاذها دون الرجوع في ذلك إلى السلطة المركزية، إلا أن هذا الاستقلال لا يعني استقلالاً بلا مسئولية، فواجب الحكومة مراقبتها وتوجيهها والإشراف على كيفية إدارتها ومدى تنفيذها للقواعد والأغراض التي أنشئت من أجلها، فليس من شأن تقرير هذا الاستقلال لهذه الجهات أن يقلل من هيمنة مجلس الوزراء على شئون ومصالـح الدولة جميعاً، أو يتعارض ذلك مع مبدأ المسئولية الوزارية أو يعد هذا الاستقلال مسقطاً لهذه المسئولية فراراً منها لما في ذلك من إهدار لحق المجلس النيابي في الرقابة ومخالفة للدستور، ومن ثم يتعين إخضاع أعمال وتصرفات تلك الجهات المستقلة سالفة الذكر للتوجيه والإشراف والرقابة التي تمارسها السلطة المركزية ـ وهي مجلس الوزراء ممثلاً في الوزير المختص بهذا الشأن ـ وذلك ضماناً لحسن تنفيذ السياسة العامة للدولة، وهو مما يندرج في نطاق الوصاية الإدارية للسلطة المركزية على السلطات اللامركزية.
كما أنه من ناحية أخرى يقع على هذه الجهات واجب الالتزام بتنفيذ التوجيهات الصادرة من السلطة المركزية في الدولة وهي مجلس الوزراء الـذي يمثلـه كـل وزير بالنسبة للهيئـة أو المؤسسة التي تخضع لإشرافه أو إشراف وزارته، والذي يتولى عرض شئونها ومشاكلها على مجلس الوزراء واقتراح الحلول اللازمة لها، دون أن يعني ذلك مساساً باستقلالها أو انتقاصاً من صلاحياتها في إصدار القرارات المختصة بها قانوناً، ومؤدى ذلك أن المؤسسات العامة والهيئات العامة والإدارات المستقلة التابعة للوزير المختص أو الملحقة به أو بوزارته مسئولة أمامه مسئولية مباشرة وتخضع أعمالها وتصرفاتها لتوجيهه وإشرافه ورقابته، والوزير يمارس سلطته واختصاصه في حدود ما يقرره القانون وبالقدر الذي ينص عليه اتساعاً وضيقاً، فقد تتناول الرقابة أعمال الجهة المستقلة في ذاتها وإجراءات تنفيذها، وذلك بإخضاعها لإذن سابق من الوزير المختص أو تصديق لاحق منه أو تخويله السلطة في تعيين أعضاء مجلس إدارتها كلهم أو بعضهم أو حلوله أو وزارته محل الجهة في أداء العمل أو المشاركة في الإدارة إلى غير ذلك من الأمور، وعلى ضوء ما تقدم فإن الرقابة البرلمانية للسلطة التشريعية على أعمال السلطة التنفيذية وفقاً للدستور تخول لعضـو مجلس الأمة الحق في استجواب الوزير عن أعمال وزارته بالمعنى الواسع لتشمل الأمور التي تدخل في اختصاصاته المتعلقة بوزارته والإشراف على شئونها وتنفيذ السياسة العامة فيها، عملاً بأحكام المواد (100/1) و(101/1) و(130) من الدستور، كما يمتد حق الاستجواب إلى شمول الأعمال التي تدخل في اختصاصات الوزير في مجال التوجيه والإشراف والرقابة على المؤسسات العامة والهيئات العامة والإدارات المستقلة التابعة له أو الملحقة به أو بوزارته تطبيقاً لنص المادة (133) من الدستور.
وطبقاً للنظم الدستورية فإن السلطة توجب المسئولية وتنتجها لزوماً فهي كالظل الظليل لا تبعد عنها ولا تفارقها، فالذي يباشر السلطة يجب أن يكون مسئولاً عن مباشرتها، والذي يُساءل يجب أن يكون صاحب سلطة واختصاص بما يخوله قانوناً القدرة على القيام بإجراء أو اتخاذ تصرف معين، وعلى خلاف ذلك فإن عدم الاختصاص يؤدي إلى انعدام القدرة قانوناً على الإتيان بهذا الإجراء أو التصرف، وبالتالي فلا مسئولية بلا سلطة أو اختصاص، والاختصاصات في المجال الدستوري وإن كانت تفترق عن الاختصاصات في المجال الإداري بالنظر إلى أن مصدر الأولى هو الدستور بينما يتردد مصدر الأخيرة بين القانون واللوائح إلا أنه يجمعهما أنهما ينتسبان معاً إلى مبادئ القانون العام الذي شرع الاختصاص لوضع قواعد آمرة ملزمة للإدارة تحقيقاً للمصلحة العامة.'
كما جاء في الحكم الصادر عن الدائرة الإدارية بالمحكمة الكلية ردا على الدفع بعدم اختصاص وزير التجارة والصناعة في الدعوى التي أقيمت بطلب وقف التداول في البورصة عام 2008 بالقول 'بأن أحكام الدستور الكويتي خولت مجلس الوزراء سلطة الهيمنة والإشراف ووضع السياسة العامة التي يقوم – فيما بعد – الوزير المختص كل حسب وزارته بتنفيذها، ومن ذلك ما كان يجب على وزير التجارة والصناعة أداؤه تجاه تلك الأزمة سيما وأنه الرئيس الأعلى للسوق، الأمر الذي يكون معه اختصام المدعى عليهما الأول والثاني بصفتهما قد جاء صحيحا متوافقا مع الواقع والقانون ويفتقر الدفع المبدى أعلاه لسنده الصحيح ' .
تعليقات