مؤكدا أنه ليس الأخير، محمد مساعد الدوسري يستخلص العبر من تجمع الأربعاء

زاوية الكتاب

كتب 1722 مشاهدات 0


 

 

 

عالم اليوم

 

غربال

تجاهل الشعب له كلفته العالية

في مشهد غير مسبوق، توافدت الجماهير على ساحة الإرادة بأعداد كبيرة يوم الأربعاء الماضي لتقول كلمتها تجاه ما يجري على الساحة السياسية، ولتعلن رفضها للرشى المليونية والفساد الذي ضرب المؤسسة التشريعية، وتطالب برحيل رئيس الوزراء على خلفية التراجع الذي تشهده البلاد في كل مرافقها وسياساتها، وهو مشهد له دلالاته الكثيرة التي تستوجب أخذ العبر منه وتقييمه لمعرفة مستقبل البلاد.

أولى العبر المستخلصة من التجمع هو أن الشعب أعلن عن نيته الاستمرار في الخروج وإعلان الرفض لكل سياسة خاطئة تقوم بها أي سلطة في البلاد، مهما كانت الأسماء أو الأحجام، علماً أن هذا التجمع هو نواة لتجمعات أخرى في المستقبل القريب، إذ إن من يعتقد بانتهاء هذه التجمعات بعد ما جرى يوم الأربعاء الماضي هو مخطئ، فلا يزال الحراك الشبابي مستمر، ولا تزال الجماهير مستعدة للنزول متى ما صدر النداء بحضورها، فالأجواء العامة التي تخيم على البلاد تفيد بوجود غضب مستعر لدى الجماهير ورغبة بالتغيير لا تتوقف حتى تحقيق المطالب.

ثاني العبر المستخلصة من التجمع هو إمكانية توحد القوى السياسية متى ما شعرت بالخطر الذي يتعرض له الوطن، خاصة إذا ما ترفعت عن سياسات تحقيق المصالح الخاصة، ولعل ما جرى من مقاطعة للنائب عادل الصرعاوي يحمل دلالة على أن الشعب لم يعد يغفر لأحد ما يقدمه من أداء سيئ في المجلس، وهذه علامة من علامات النضج لا المراهقة، إذ لا يمكن تناسي ما تتخذه التيارات السياسية من مواقف مخزية في حق الشعب تحت ذريعة التعاون، فهذه تعتبر “قرصة إذن” لبعض التيارات التي يجب أن تحترم الشارع ورغباته وآماله، إلا أن ذلك لا يمنع في النهاية ترك الباب مواربا لمن يريد العودة عن خطئه والانضمام مجددا لركب الشعب وتطلعاته.

ثالث هذه العبر هو التجاهل التام من قبل الحكومة واصحاب القرار لما يجري في البلاد من تظاهرات واعتصامات وإضرابات، فخروج هذه الأعداد الكبيرة دليل أن التجاهل سياسة فاشلة لا تنفع، ستزيد من غضب الشعب ومطالبه في التغيير لا كما يعتقد أصحاب القرار بأنهم بسياسة التجاهل يستطيعون تسيير الأمور من خلال عدم اتخاذ أي أفعال أو ردود أفعال من شأنها تلمس الضعف فيهم، بل أن التجاهل هو ما يؤدي إلى زيادة الغضب والمطالب وهو أكثر كلفة من اتخاذ قرارات لمعالجة الخلل في إدارة الدولة واختيار الشخصيات المناسبة لتسيير البلاد.

إن الاستمرار في سياسة تجاهل الشعب وعدم تلمس احتياجاته ومعرفة حجم غضبه هو قفز للمجهول، والمطالبات التي يمكن تلبيتها واحتواؤها الآن قد لا تكون كذلك بعد فترة أخرى من التجاهل وعدم الرد على مطالب الشعب، إذ إن الشعوب تمتلك ذكاء جمعي تستطيع من خلاله زيادة الضغط واتخاذ أدوات أكثر شدة وتصعيدا إن لم تجد من يساير رغباتها وتطلعاتها، وعلى ذلك فإن كلفة حل الأمور الآن في الكويت المتمثلة بتغيير الحكومة برئيسها وحل المجلس واتخاذ إجراءات إصلاحية عاجلة، هل كلفة بسيطة إذا ما قورنت بطلبات قد تكتسب الشرعية الشعبية في المستقبل القريب نظرا لاستمرار سياسة التجاهل.

 

عالم اليوم

تعليقات

اكتب تعليقك