مطالب بيان (16- 9) مشروعة لكن التحرك خاطئ، وتتطلب تعديلا دستوريا وإجراءات لايدرك الشباب ماهيته، برأى أحمد عيسى
زاوية الكتابكتب سبتمبر 14, 2011, 11:59 م 187 مشاهدات 0
الجريدة
(16- 9)
أحمد عيسى
من المقرر أن تستأنف اعتبارا من بعد غد الجمعة موجة التظاهرات والتجمعات الداعية إلى إسقاط الحكومة ورئيسها، التي توقفت خلال عطلة الصيف لأسباب ربطها منظموها بحرارة الطقس والعطلة البرلمانية.
مبدأ النزول إلى الشارع للمطالبة بأي أمر هو مبدأ مشروع دستوريا وقانونيا متى ما استوفت المطالبة كامل خطواتها الإجرائية دون أن تقر وفقا للإجراءات اللائحية، ومتى ما توافقت مع القانون، وهذا ليس محل نقاشي اليوم؛ لأن ما يعنيني في الموضوع هو الشق السياسي منه، وأعني فيه التجمعات السياسية وداعميها ومبادرتها الأخيرة الداعية إلى تحويل الكويت إلى إمارة دستورية.
فقد بدأت مطالبات الشباب برحيل رئيس الوزراء ثم تطورت إلى حل مجلس الأمة، وتوقفت الآن على تحويل الكويت إلى إمارة دستورية بالكامل تضم حكومة منتخبة يرأسها رئيس وزراء شعبي، لكن الملاحظ أن من يرفع هذا الشعار، وهي مجاميع تداعت لتنظيم تجمع يوم (16- 9) غير مدرك حقيقة مطالباته وآلية تحقيقها، فما نتحدث عنه تعديل دستوري جوهري يغير من شكل الدولة، وهو ما أتوقع بحسب متابعتي للتنظيمات الشبابية أنهم غير مدركين لماهيته، مما يجعل رفعه كشعار مجرد عبث ومراهقة على حساب البلد بعيدة عن الجدية.
إن تحويل الكويت إلى إمارة دستورية أمر مطلوب وتطور مهم، لكن ليس وفقا لمطالبات التجمعات السياسية لا شكلا ولا مضمونا، فمطالبات الشباب بهذا الشكل وبعيدا عن التنسيق المشترك يعد رغبة بحرف الأنظار عن مشروعية المطالبة إلى الصعود على موجة تحريك الشارع، وفرض حالة من عدم الاستقرار فيه، كما أتمنى ألا يتحول بجانب منه إلى مواجهات وصدامات مع قوى الأمن أو اتهامات وتخوين بحق من يقف ضد هذه التحركات أو يرفض مطالباتها.
الإطار المؤسسي لأي تعديل دستوري إجراء منظم بموجب المادة 174 من الدستور، ويجب أن يتم على 3 خطوات: الأولى وجوب التقاء رغبة الأمير مع ثلث أعضاء مجلس الأمة (16 نائبا على الأقل) على مبدأ التعديل، والثانية عرض الرغبة في التعديل من حيث المبدأ على مجلس الأمة، ويجب أن تحظى بموافقة أغلبية أعضاء المجلس (النصف زائد واحد) على مبدأ التعديل للشروع بمناقشة التعديل، والثالثة الشروع بمناقشة المواد محل التعديل مادة مادة، ويشترط لإقرارها التصويت بأغلبية ثلثي الأعضاء «33 عضوا على الأقل»، ولا يكون التعديل نافذا إلا بتصديق سمو الأمير عليه وإصداره، وإذا رُفض اقتراح التنقيح من حيث المبدأ أو الموضوع فلا يجوز عرضه مجددا قبل مرور سنة على الرفض.
إضافة إلى ذلك فإن المطالبة بتحويل الكويت إلى إمارة دستورية شعار أدرك تماما أن رافعيه بهذا الشكل لا يدركونه بالكامل؛ لأنه يستوجب إلى جانب التعديل الدستوري حزمة إجراءات أخرى، منها إقرار الأحزاب كخطوة أولى لتنظيم العمل السياسي، وبعدها تعديل النظام الانتخابي وتغيير الخارطة الانتخابية لتكون الكويت دائرة واحدة، ثم تضمين إجراءات تشكيل الحكومة؛ ما من شأنه تسمية زعيم الأغلبية رئيسا للحكومة، على أن تكون هذه الأغلبية هي أغلبية المقاعد النيابية التي يحصل عليها حزبه بشكل منفرد أو عبر ائتلافات تضمن له نسبة 51% من مقاعد البرلمان، مثلما هو الوضع في بقية الأنظمة الديمقراطية.
وهو ما يؤكد جهل من دفع بهذه المبادرة لأنه لا يعلم عما يتحدث، وفضّل أن يرفع شعارا عاما دون الخوض في تفاصيله فقط لرغبة بتحريك الشارع وخلق حالة من عدم الاستقرار، وهو ما يجب الانتباه إليه لأنه يكشف عدم إيمان الداعين بالديمقراطية، وعدم ارتضائهم بقواعد اللعبة التي يريدون تغييرها لتمشي مع أهوائهم فقط.
أكرر بأن المطالب مشروعة لكن التحرك خاطئ، فدستور 1962 الذي نفيء بظله جاء نتاج مجلس تأسيسي ضم جميع أطياف المجتمع، ولجنة تخصصت بوضع الدستور ارتأت بعد فيض من الاجتماعات والنقاشات الطويلة بين شخصيات وطنية بحق أن هذا الدستور هو الأساس وليس نهاية الطريق، ومن المناسب التذكير بأن الدستور الذي يطالب تجمع (16- 9) بتعديله لم يأتِ من تجمعات تعطل خلال الصيف، ولم يكتب بطريقة ارتجالية فوضوية مشابهة لما تقوم به بعض الأطراف اليوم دون أن تعي حقيقة مطالبها وآلية إجرائها.
تعليقات