مواقف الكتل البرلمانية والحكومة عشية استجواب الشريع للصبيح

محليات وبرلمان

1108 مشاهدات 0


 يترقب الشارع الكويتي استجواب وزيرة التربية ووزيرة التعليم العالي نوريه الصبيح الذي تقدم به النائب الدكتور سعد الشريع قبيل نهاية العام الماضي، وقد  نشرت نص الاستجواب بعد تقديمه بدقائق (أنظر الرابط لنص الاستجواب http://www.alaan.cc/client/pagedetails.asp?nid=7609&cid=29 ).

 

وأتت حادثة الاعتداء الجنسي الجديدة التي سجلت اليوم في مدرسة مزعل الصلال الابتدائية للبنين  في منطقة أبوحليفة لتعقد من مهمة الوزير المستجوبة في الدفاع عن سياساتها ومواقفها .

 وفيما يلي قراءة تستعرض مواقف الكتل النيابية وموقف الحكومة وموقف بعض النواب والأقطاب البرلمانية، مستعرضين احتمالات ما قد يقود إليه الاستجواب والمواقف المختلفة منه:

 

8 يناير أو التأجيل:

 

الموعد المقرر للاستجواب هو يوم غد  الثلاثاء، ولكن من حق الوزيرة طلب التأجيل مدة أسبوعين،والقرار يرجع لارادة المجلس، وقد شاع أنها تطلب التأجيل انتظارا لانتهاء زيارة الرئيس الأمريكي جورج بوش المنتظرة في العاشر من الشهر الجاري، لكن أوساطا أخرى ترى عدم الربط بين الاستجواب والزيارة إلا أن يكون وراء الأكمة ما ورائها، بمعنى أن طلب التأجيل سيعني اتخاذ إجراءات في حال انتهاء الاستجواب وتقديم طلب طرح الثقة بعد ذلك، وهو الأمر الذي يقول مراقبون –أو ربما المهددون في هذه الحالة- بأنه سيقود إلى حل مجلس الأمة.  المؤشرات الآن كلها توحي بأن الاستجواب سيناقش في موعده غدا دون تأجيل

 

 من جانب آخر، علمت أن الوزيرة كثفت من عمل بروفات للاستجواب استعدادا للوقوف على المنصة بمعاونة مساعديها ، ووزير سابق تعرض للاستجواب في الماضي وأصبح لديه تجربة في هذا المجال.

 

مواقف الكتل البرلمانية:

 

 تعددت مواقف الكتل البرلمانية من الاستجواب بين مؤيد ورافض ومنتظر، كما حدد بعض النواب مواقفهم بين التأييد والرفض والانتظار.

 

الحركة الدستورية الإسلامية (حدس):

 

 أعلنت (حدس) أنها ستنتظر للاستماع إلى وجهة نظر الطرفين قبل أن تعلن موقفها، وهذا يحسبه مؤيدوها أنه موقف عاقل، بينما يرى خصومها أنها انتهازية واضحة، فالحركة لم تكن تنتظر في الماضي دوما، وكان موقفها معلنا بل وقياديا في أحيان سابقة.

 

يضيف خصوم الحركة أنها منزعجة جدا من الاستجوابات ومن التصعيد الذي قد يقود للحل، فهي مستفيدة من وضع الحكومة والمجلس معا ، حيث أن لها ستة نواب ، ونائب رئيس المجلس منهم، ولهم وزارتان أحداها هي المفصل الاقتصادي الذي ثبتوا قياداته فيه من كوادرهم- وهو القطاع النفطي، ومن ثم فإن (حدس)- كما يقول معارضوها- لا تريد التصعيد ولا الحل، لكنها ستحسب حسابات البيدر حتى اللحظة الأخيرة، وسيكون الاستجواب مصدرا للابتزاز الحكومي مثلما كان سابقه في انقلاب 'القيادات النفطية' لصالحهم من قبل وزيرهم - محمد العليم- الذي يدير وزارة النفط بالوكالة.

 

  التكتل الوطني والمعركة الأخيرة:

 

 من المؤكد أن  نواب التكتل دون استثناء سيقفون ضد الاستجواب مع الوزيرة، وقد أشعلوا الشارع السياسي بندوات عابها البعض عليهم، فتيارهم في الماضي كان يرى عدم اللجوء للشارع والتصعيد، وضرورة الاستماع إلى الاستجواب قبل الحكم عليه، ولكنهم هذه المرة خالفوا هذا العرف الذي طالما نادوا به ، وبدأوا ندوات مساندة الوزيرة التي أخذت طابعا مناطقيا وانتخابيا بحتا، بل انتقد بعض المراقبين اللغة التي سادت هذه الندوات والتي فاحت منها رائحة مناطقية كريهة أقرب ما تكون إلى العنصرية بين 'الحضر والبدو'. فلماذا اتخذوا هذا الموقف باللغة المرفوضة والذي فاجأ الكثيرين ممن يرون في عناصر التكتل أصواتا طالما نادت بالوحدة الوطنية وسيادة القانون وتعزيز الديمقراطية التي أحد أشكالها المسائلة السياسية عن طريق الاستجواب؟

 

  أوساط مراقبة تقول بأن التكتل ربما اتخذ هذا الموقف المتشنج دفاعا عن الحكومة التي شكلها، أو على الأقل هي تحوي وزراء محسوبين على التكتل، وراحت الشائعات تسميها حكومة 'مشاري'نسبة إلى النائب مشاري العنجري ، وعليه- كما يقول البعض- فإنهم لا بد أن يتمسكوا بحكومتهم، ولا بد أن يدفعوا بالغالي والرخيص في سبيل بقائها واستمرارها. ويرون في هذه الحكومة المعركة الأخيرة لثقة رئيس الوزراء الذي قربهم 'وأعطاهم الخيط والمخيط'  وبالتالي لا بد أن يثبتوا له أنهم قوة يحسب لها حساب، ودليلهم أنهم'أفشلوا' استجواب وزيرة التربية.

 

 أما أوساط التكتل، فإنها تدافع عن موقف تكتلهم من منطلق مبدئي ودستوري بحت، وبأنهم يحمون وزيرة 'إصلاحية في حكومة إصلاحية'، وأنهم بذلك منسجمون مع ما يقولون ويطالبون به، كما يضيفون أن الاستجواب شخصاني ولا يمت للرقابة التشريعية والدستورية بصلة.

 

معارضو الكتلة في موقفها لم يقلوا 'فئوية' في الرد عليهم، فهم يقولون أن موقف الكتلة موقف عنصري بحت دافعه المناطقية والانتخابات، وبأنه بعيد عن المبدئية متسائلين لو أن هتك الأعراض جرى في مدرسة للتلاميذ في الضاحية أو الشويخ والشامية والنزهة، هل سيكون موقف الكتلة هو نفسه؟

 

الاعتذار كافي/ موكافي؟؟

 

 مؤيدو الوزيرة من أعضاء التكتل يقولون بأنها اعتذرت حين صرحت بعدم صحة واقعة الاعتداء بناء على ما كان لديها من معلومات، وعليه فإن الاعتذار يعتبر تصرفا حضاريا مسؤولا يفترض أن يشاد به، لا أن تستجوب بسببه، وهنا يرد خصومهم:

 

الاعتذار لم يكف لأن المسئولية السياسية قائمة، والاعتذار حمل أولياء الأمور لوما ، بل كذبهم حينما قالت الوزيرة ان تلك تهيؤات طفل، وكأنما كانت الوزيرة تلوم الضحية لا الجاني على فعلته وجرمه.

 

 كما يضيفون أن الجراح اعتذر بالأمس القريب على كلمة قالها في مقابلة صحفية، وكنتم –أي أعضاء التكتل- جبهة رفض لاعتذار الجراح وطالبتم باستقالته بعد استجوابه. فلماذا لا تنتهجون نفس النهج، وتؤسسون لعرف سياسي بالمسئولية السياسية أسوة بعادل الصبيح ومعصومه المبارك، اللذان لم يصرحا بشيء يعتذران عنه، بل استقالا ترجمة للمسؤولية السياسية في مسائل أقل حساسية ولا تمس أعراض الطفولة البريئة.

 

استغلال الطفولة للانتخابات:

 

 تدفع أوساط التكتل بأن من يتنافحون للدفاع عن شرف الأطفال إنما يفعلون ذلك تكسبا، فالمفترض أن ننتظر التحقيقات وحكم المحكمة بدلا من أن نتدخل ونحكم على مسألة لا تزال منظورة أمام القضاء.

 

 فترد عليهم أوساط المعارضة للوزيرة أنها هذا جدل رخيص يدخل في النوايا ولا يستند إلى دليل، وما لم ننتصر نحن للطفولة البريئة ونحن نمثل الشعب- فمن يا ترى سينتصر لها؟ بل أنتم من تقفون هذا الموقف لأسباب انتخابية بحتة مدللين بذلك على موقف العمير والصرعاوي والطبطبائي، فالأخير يقيم الدنيا ولا يقعدها على حفلة راقصة، أو كتاب ممنوع، ولكنه يصمت كالحملان عن مسألة أعراض الطفولة وانتهاكها لأسباب انتخابية بحتة. ويضيف معارضو التكتل الوطني أن القضاء سلطة نحترمها ولم نتطرق لها، والمسؤولية السياسية نريد تكريسها كعرف مثلما فرضتموها على الجراح رغم اعتذاراته الثلاث التي لم تشفع له.

 

 التكتل الشعبي-وأيضا المعركة الأخيرة:

 

 يعاني التكتل الشعبي من تصدع أحدثه التصويت على القروض والموقف من موضوع التجنيس ، وهو التكتل الذي طالما أشير إليه بالبنان في التماسك وتبني القضايا الشعبية، وبالتالي فإن استجواب نوريه هو معركة يمكن أن تكون الأخيرة لو استمر هذا التصدع. فلو تعددت الآراء من الاستجواب، فذاك سيعني القشة التي قصمت ظهر البعير، فالالتفاف الجماهيري حول التكتل سيتلاشى إذا ما تفرقت مواقفهم من الاستجواب.

 

المعلن والمخفي:

 

كان التكتل قد أعلن على لسان ناطقه الرسمي –النائب مسلم البراك- مطالبته باستقالة نورية أو إقالتها من قبل رئيس الوزراء، وذلك بعد حادثة الاعتداء على الأطفال مباشرة، (أنظر http://www.alaan.cc/client/pagedetails.asp?nid=7617&cid=29

 

 ولكن مؤيدون للتكتل يتخوفون من أن هذا الموقف قد لا يتماسك عند التصويت على طرح الثقة لو وصل الأمر إلى ذلك.

 

 ولزعيم التكتل -النائب أحمد السعدون- خصوم كثر، يقولون عنه بأنه صامت تجاه هذه المسألة انتظارا لانجلاء غبار المعركة-كما يقولون، فقد يتم الحل دون الحاجة إلى تصويت، ومن ثم فليس من الحصافة الإعلان عن موقف مسبق من وزيرة ومجلس قد يكون في خبر كان بعد الاستجواب، وبذا لا يخسر التكتل، ولا يخسر الصبيح و'الحضر' في منطقته الانتخابية، وهو ما يفسر عدم تصريحه في هذه المسألة مبررا صمته باكتفائه بالناطق الرسمي وبضرورة التريث حتى الاستماع للاستجواب.

 

  السلف كانوا حضر وكانوا بدو!!:

 

 لعل موقف السلف يأتي في المرتبة الثانية بعد موقف التكتل الوطني من حيث الوضوح فيمن فسروا المعركة على أنها أصبحت 'حضر وبدو'. فنوابهم 'الحضر' (العمير وباقر والطبطبائي) مع الوزيرة، وعناصرهم  'البدو' ضد الوزيرة (الخنه ومفرج نهار)، وإن كان موقف الخنه مناوئا شرسا ضد الحكومة ورئيسها منذ اليوم الأول لتشكيلها.

 

  لكن الطرح الفئوي (حضر وبدو) واضح كذلك في تناول موقف السلف، وكأنما السلف الصالح كانوا 'حضر وبدو' في الماضي، وقد تجلى في مقالات كتبت عن هذا الموضوع بلا مواربة أو رمزية (انظر مثلا مقالة: عبدالله المسفر على الرابط

http://www.alaan.cc/client/pagedetails.asp?nid=7837&cid=47

 

المستقلون:

 

 لا يزال المستقلون أكثر الكتل هلامية ، حيث لا تزال تهمة الموالاة للحكومة لصيقة بهم رغم كل محاولاتهم الموسمية بالظهور بمظهر الاستقلالية، ومشكلتهم في غياب أجندتهم، وفي عدم الإيمان بمواقفهم السياسية على اعتبار أنهم نواب خدمات بالدرجة الأولى، وعليه فإن هناك من يتهمهم بالوقوف مع من يمكنه أن يستميلهم بطريقة أو بأخرى.

 

 لكن أطرافا قريبة من بعضهم تقول بأن حساباتهم ستكون انتخابية بالدرجة الأولى، فهم موقنون بأن الحل قادم لا محالة، وبالتالي لا يمكن لهم أن يتفقوا على موقف واحد لأن لكل منهم حساباته الانتخابية الخاصة في المعركة القادمة.

 

الإسلامية المستقلة- نكون أو لا نكون:

 

 مقدم الاستجواب ينتمي إلى الكتلة الإسلامية المستقلة التي أبرز نوابها عكاش والعدوة وحسين مزيد إضافة إلىجابر المحيلبي، وعليه فإنهم يرون في الاستجواب معركة كتلتهم، ومن ثم فسوف يناضلون لإنجاحها وإسقاط الوزيرة بكافة السبل، صحيح بأن للبعض منهم 'حساباتهم' الشخصية أحيانا، لكن هذه المعركة بالنسبة إليهم معركة 'كسر عظم'، فإن لم يتراصوا ويقفوا معا، فسوف يخسرون وسوف يواجهون ناخبا سينقلب عليهم في حالة حل المجلس، وخصوصا أنهم_ باستثناء حسين مزيد _  متركزون في دائرة واحدة (الخامسة)، وبالتالي فعليهم توحيد موقفهم في تأييد الاستجواب.

 

   

موقف الحكومة:

 

الطبطبائي والباص وحكومة القواطي والطل:

 

 مع بداية التلويح باستجواب الوزيرة، صرح النائب وليد الطبطبائي بتصريحات نارية ضد الحكومة بأنها 'قوطي روب' قصيرة الصلاحية، وبأن على نوريه ألا تراهن على مجلس الوزراء لأنه مجلس 'طل'، ثم صرح بالتصريح الشهير بأن رئيس الحكومة سائق باص ينزل عند أول محطة ويترك الباص بركابه.

 

 تصريح الباص استثار الحكومة وردت عليه من خلال مصدر حكومي مجهول (كالعادة)، ولكن تصريح الحكومة عكس نيتها بضرورة مساندة نورية لإثبات خطأ تصريحات الطبطبائي ضدها وضد رئيسها، وهو ما كان يرمي إليه الطبطبائي أصلا من مثل هذه التصريحات، لكي يحرجها وبالتالي ترمي بكل ثقلها لإنقاذ الوزيرة دون الوصول إلى التصويت على طرح الثقة مما سيوفر عليه حرجا انتخابيا فيما لو صوت مع أو ضد.

 

 ويبدو أن هناك من أقنع الحكومة قناعة تامة بأن الاستجواب ضعيف ولن يرقى إلى طلب العشرة بطرح الثقة، ولو نجح بطلب طرح الثقة فلن يتعدى العشرين مؤيدا لا أكثر ولا أقل، ولا تزال الحكومة حتى كتابة هذا التقرير مقتنعة بما تقوله لها مصادر حكومية (غير معروفه)، وهنا يشيع معارضو الوزيرة أن حكومة 'مشاري' أقنعت رئيس الحكومة الشيخ ناصر المحمد أن الوزيرة قوية وأن موقفها سليم، وأن سيناريو الجراح وأحمد العبدالله والحميضي لن يتكرر بأي حال من الأحوال.

 

 لكن الحسابات الحكومية كانت دائما خاطئة، فلا يزال الكل يستذكر استجواب أحمد العبدالله وحسابات اللحظة الأخيرة وانقلاب الاخوان (حدس) على وعودهم، وبالتالي فإن أطرافا أخرى تنصح الحكومة بعدم المراهنة على ضعف الاستجواب، فأجواء الاستجوابات دوما تتجاوز المحاور والردود وتدخل فيها قضايا اللحظات الأخيرة وضغوطها ونكوص أصحاب الوعود على وعودهم.

 

 

 

الشريع: مفصلية الاستجواب في مسيرته النيابية:

 

 لم يكن النائب الدكتور سعد الشريع قطبا برلمانيا، ولم يعرف بمشاكسته للحكومة ولا بقيادته للمعارضة في الأوساط البرلمانية، وهو جديد نسبيا على الساحة، ولم يكن معروفا قبل انتخابات 2006 في الوسط السياسي، وهذه لا تعني بأي حال من الأحوال حرمانه أو التقليل من حقه في ممارسة دوره التشريعي والرقابي، وهو شخصية هادئة، لكن أوساطا قريبة منه تقول 'احذروا ثورة الحليم'، فالرجل مستاء أشد الاستياء من ردة الفعل النيابية من بعض زملائه لما يراه محاولة منعه من ممارسة حقه في الاستجواب، وهو يدرك –بلا شك- أن معركة الاستجواب هذه ستكون نتيجتها حاسمة لحياته البرلمانية: فإما أن ينتصر فيها ويبلي بلاء دستوريا يرفعه للنجومية الشعبية، وإما أن يفشل ويتلاشى في طي النسيان مثل نواب سبقوه وتناساهم التاريخ.

  

 

خاتمة:

 

 هذا استعراض للساحة السياسية والنيابية من مسألة استجواب وزيرة التربية والتعليم العالي السيدة نوريه الصبيح، والذي نظن بأنه قد شق في لحمة الوحدة الوطنية كثيرا قبل أن تقف الوزيرة على المنصة، وساده لغة 'أنتم ونحن' بين النواب، وعابه الحديث المعلن عن 'الحضر والبدو' محدثا شرخا لا يعرف مداه في المستقبل.

 

 والتحليل هنا استعراض أيضا حاولنا فيه بكل موضوعية وتجرد أن ننقل ما رصدناه في على الساحة من مواقف متباينة من مسألة الاستجواب.

 

 

 

 

تحليل: - خاص

تعليقات

اكتب تعليقك