ضمن كلمته بكتاب جديد لعبداللطيف راضي
محليات وبرلمانالمرشد : المحكمة الدستورية ضمان لسيادة الدستور
سبتمبر 6, 2011, 5:30 م 1147 مشاهدات 0
قال نائب رئيس محكمة التمييز وعضو المحكمة الدستورية المستشار فيصل المرشد أن المحكمة الدستورية أنه يشترط في تفسير النص الدستوري أن يثور خلاف جدي ومستحكم بين السلطتين أو في إحداهما على حده حول تطبيق نص دستوري أو أكثر سواء في مضمونها أو آثارها، أو كيفية إعمال حكمه بين أعضاء مجلس الوزراء أو فيما بين مجلس الأمة ومجلس الوزراء، وأن يكون الخلاف مستعصيا على التوفيق تقتضيه ضرورة وأهمية.
وقال انه اذا كان النص المطلوب تفسيره واضحا لا يثير خلافا حوله في التطبيق فإن ذلك يؤدي إلى اعتبار طلب التفسير غير مقبول. مشيرا الى أن ما تباشره المحكمة الدستورية في هذا الصدد لا يُعَدُّ تحكيما في نزاع بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، كما أنها لا تقوم بهذه المهمة بوصفها جهة إفتاء وتقديم المشورة وإبداء الرأي في مسألة ما. كما أن ليس من شأن التفسير أن تُقْتَحَم المحكمة في صراع سياسي، كما لا يُحمل ما تباشره على أنه من أعمال التشريع أو يَمس - من قريب أو بعيد - بمبدأ الفصل بين السلطات أو ينطوي على إخلال به، لا سيما وأن المحكمة تقوم بمهمتها وفق الإطار الذي رسمه لها الدستور، وهي لا تباشر في ذلك إلا وظيفة فنية ذات طابع قانوني مُتخصص مجرد.
وأضاف في كلمة له في تقديم كتاب الزميل عبداللطيف راضي الذي صدر حديثا بعنوان 'فهم الدستور ومنهج التفسير ..العلاقة بين الحكومة ومجلس الأمة وفق أحكام المحكمة الدستورية ' أن المحكمة تقوم بالتفسير دون توسع أو خروج على غايات النص التزاما بصحيح مقتضيات قواعد التفسير، ملتزمة بجوهر النص دون إقحام عناصر جديدة عليه أو تغيير محتواها أو الخروج عن أهدافها. بما لا يُعَدُّ تفسيرها لنصوص الدستور تنقيحا له، ولا وجه لهذا القياس على أي وجه من وجوه، لاختلاف الأمرين من حيث الطبيعة والمعنى القانوني الصحيح، فضلا عن أنه لم يقل أحد أن تفسير نصوص الدستور بمناسبة إعمال الرقابة القضائية على دستورية التشريعات يعد تنقيحا للدستور، وإلا تحولت هذه الرقابة إلى فراغ ليس لها من قوام، والحاصل أن تفسر المحكمة نصوص الدستور بناء على طلب مقدم إليها مكتمل الشروط، وإنما يقوم على في الأساس على علاقة بين فرع وأصل، ليس في ذلك من محيص. فضلا عن أن وجود جهة تختص بتفسير نصوص الدستور يعد أمرا ضروريا لحسم النزاع الذي قد ينشب بين السلطتين التشريعية والتنفيذية حول تفسير أحد هذه النصوص، وقد يصل الخلاف إلى درجة يُستَحكَمُ فيها، بما يُهدد مبدأ التعاون المفترض بينهما، وليس أدل على صحة هذا الرأي أن عدد طلبات التفسير حتى عام (2011 ) قد بلغت ثلاثة عشر طلبا، منها ما هو مقدم من مجلس الأمة نفسه.
وأضاف المستشار فيصل المرشد أنه إيمانا من المشرع بأهمية وجود جهة واحدة وحيدة تختص بالرقابة الدستورية اللاحقة على التشريعات وبتفسير نصوص الدستور التزاما بحكم المادة (173) منه، فقد أسند إلى المحكمة الدستورية الاختصاص بتفسير النصوص الدستورية، ليكون لها وحدها إصدار قرارات ملزمه بتفسير نصوصه واستنادا إلى المادة أنفة البيان فقد ناطت بالمحكمة الدستورية الاختصاص بالفصل في المنازعات المتعلقة بدستورية القوانين واللوائح.كما ناطت بالمشرع العادي تحديد صلاحياتها والإجراءات التي تتبعها وأردفت المذكرة التفسيرية أن الدستور آثر أن يعهد بمراقبة دستورية القوانين واللوائح إلى محكمة خاصة بدلا من أن يترك ذلك لاجتهاد كل محكمة على حده، مما قد تتعارض معه الآراء في تفسير النصوص الدستورية. فأصبحت بموجب ذلك هي الأصل في القيام على وضع التفسير القضائي الصحيح لأحكام القوانين وفي مقدمتها الدستور بوصفه قانون القوانين، وتنفيذا لذلك أصدر مجلس الأمة القانون رقم (14) لسنة 1973 بإنشاء المحكمة الدستورية - لتكون الرائدة في منطقة الشرق الأوسط - والذي نص في مادته الأولى على أن 'تنشأ محكمة دستورية تختص - دون غيرها - بتفسير النصوص الدستورية، وبالفصل في المنازعات المتعلقة بدستورية القوانين والمراسيم بقوانين واللوائح.....' وقد أكدت المحكمة الدستورية أيضا أن إنفرادها بالرقابة القضائية على دستورية التشريعات وتفسير نصوص الدستور هي وظيفتها الأصلية، وأساس وجودها، ضمانا لسيادة الدستور في البلاد، وخضوع سلطات الدولة لقواعده وحدوده، وتقيد كل سلطه بما فرضه الدستور على نشاطها تثبيتا لدعائم الشرعية وموجباتها.
وقال أن المحكمة الدستورية عند ممارستها لاختصاصها بالنسبة إلى التفسير الدستوري، لبيان مضمونه واستخلاص دلالته ومعانيه وتفهم غاياته وفق المبادئ الحاكمة والأسس الواردة بالدستور في ظل التنظيم المتماسك والمتكامل لأحكامه نصا وروحا، انتهاءا إلى الكشف عن حقيقة مفهومه أو دلالته لطرق التفسير المختلفة واستنباط أهدافه ومعاني ألفاظه اللغوية، تستهدي في كل ذلك بما ورد في المذكرة التفسيرية بشأن النص محل التفسير أو بما دار من مناقشات في الأعمال التحضيرية أو التمهيدية لوضع النصوص الدستورية للوقوف على المعنى الحقيقي ومدلوله المقصود والسياسة العامة التي أريد به تحقيقها، كما أنها ترجع إلى أصل النص في الدستور المرجع ومصادره في الأنظمة الدستورية المقارنة والتي استقي منها النص لفهمه، فضلا عن الآراء الفقهية التي تناولت تلك النصوص والمبادئ بالتعليق والشرح وما استقرت عليه هذه المحكمة من مبادئ في هذا الشأن.
ونوه بأن قيام المحكمة الدستورية بتفسير نص دستوري على ضوء ما يحكمه من نصوص أخرى تسنده وتكمله، لا يحول دون قيامها بتفسير ذات النص - ضمن طلب آخر جديد - في إطار نصوص أخرى بالدستور لاتصالها به في تطبيقات مختلفة متنوعة، ولا يُعَدُّ هذا التفسير إلا مكملا لتفسيرها السابق، فيُعَدُّ جزءاً منها لا ينفك عنه.
وأكد على أن في وجود جهة قضائية تختص بتفسير أحكام الدستور يعتبر صمام أمان لكيان الدولة ومؤسساتها الدستورية، والمرجع الأخير عندما يقع الخلاف ويحتدم بين السلطتين التشريعية والتنفيذية أو في إحداهما حول مفهوم أحد نصوص الدستور.
وقال أنه مهما بُذل من جهد في اختيار الألفاظ والعبارات تأتي نصوص الدستور متضمنة عبارات غامضة أو أحكام مبهمة أو نصوص قابلة لتأويلات شتى، لكونها صيغت في صورة مبادئ عامة مجردة، مما يؤدي إلى الخلاف بين السلطات العامة بشأن حقيقة المقصود منها، ومن ثم يأتي دور المحكمة الدستورية لإزالة الغموض والخلاف فيما غمُض من نصوصه وتوضيح ما أبهم من ألفاظه، مستعينة في أداء هذه المهمة بأدوات التفسير المتعارف عليها، وقواعد محددة، وصولا لتطبيق النص أو النصوص محل التفسير على الواقعة المراد تطبيقها عليها، واستجلاءً لمعناها الحقيقي المقصود، وتحرياً لوضوح الخطاب فيها، تفسيرا ملزما للكافة، وإرساءً لمدلوله القانوني وتحقيقا لوحدة تطبيقه. ودون أن يكون ذلك بمناسبة منازعة دستورية مطروحة عليها.
ووصف المستشار فيصل المرشد مؤلف الزميل عبداللطيف راضي بأنه إضافة مفيدة تعكس جانبا مضيئا من التراث القضائي للمحكمة الدستورية الرائدة في مجال تنظيم العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية على ضوء المبادئ الدستورية التي أرستها وأنه قد غلب على الدراسة الجانب العلمي والعملي على حد سواء، واصفا الجهد المبذول في ذلك بنبل الهدف، وخدمة شريحة واسعة من المستفيدين ومن رجال القضاء والقانون والدارسين والباحثين.
من جانبه قال المؤلف عبداللطيف راضي في كلمته بكتاب 'فهم الدستور ومنهج التفسير' أن من محاسن الصدف التي أتشرف بها أن يأتي صدور المؤلف تزامنا مع مبادرة حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه في الاحتفال بمضي خمسين عاما على صدور الدستور الكويتي ومن بعد كلمة سموه بتاريخ 15 يونيو2011 لأبنائه المواطنين حين قال سموه ( إنني من يحمي الدستور ولن أسمح بأي مساس به فهو الضمانة الحقيقية لاستقرار نظامنا السياسي والدعامة الرئيسية لأمن بلدنا وإن إيماننا راسـخ بنهجنـا الديمقراطي ولن نقبل عنه بديلا فهو نهج متجذر ثابت في وجدان أهل الكويت توارثوه وتمسكوا به جيلا بعد جيل).
ويتضمن الكتاب 13 طلب تفسير لمواد دستورية و3 طلبات طعون ومنازعات قدمت إلى المحكمة الدستورية من مجلس الأمة ومن مجلس الوزراء منذ العام 1981 بالإضافة إلى استعراض أراء الفقه الدستوري المصري في تفسير نصوص الدستور وأراء أساتذة القانون الدستوري في الكويت واستعراض لوقائع خلافات نيابية حكومية على فهم تطبيق بعض نصوص الدستور تم حسمها من خلال التعاون بين السلطتين داخل مجلس الأمة والتجارب الأولى قبل إنشاء المحكمة الدستورية تاريخ نشأة المحكمة ومحاولات تعديل قانونها ومنهج الفصل بين السلطات .
تعليقات