فهيد البصيري يقر بأن الغش في عالم اليوم أصبح ثقافة متوارثة ومقبولة في المجتمع!
زاوية الكتابكتب أغسطس 28, 2011, 12:31 ص 879 مشاهدات 0
الراى
الغش في سبيل الله!
ما قصة الغش الذي يحدث هذه الأيام؟ فكل شيء مغشوش، تذهب للكهربائي يغشك، تذهب لمعلم البناء يغشك، تذهب لشراء سيارة تجد الغشاشين بانتظارك، تأكل وجبة من احد المطاعم ثم تكتشف أنهم طبخوها وأنك أكلتها وبالعافية، حتى بعض الأطباء الخاصين يحولون مرضك البسيط إلى مرض عضال!، أما إذا كان طبيبا حكوميا فبعضهم قد تكون شهادته هي المغشوشة، وعندها قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا، وإذا أردت أن تشتكي ستكتشف أن بعض المحامين يغشونك من باب النصيحة!
وإذا عادت بك الذكريات ستكتشف ان حياتك كانت لوحة من الغش الجميل فمدرسك في الثانوية كان يغشش الطلبة، وأستاذك في الجامعة كانت شهادته مغشوشة، وصديقك الحميم كان غشاشا لا تستغني عنه، وزميلك في العمل كان غشاشا أمينا! وانك ضحية مجتمع احترف الغش، وإذا سألت أحد هؤلاء عن سبب الغش قال لك هذه هي طبيعة السوق أو المهنة أو الحياة فإذا لم تغش ستموت من الجوع، وإذا لم تكن ذئبا خبيثا كثير الأذى أكلتك الكلاب، تصورا خبيثا وكثير الأذى! وأصبح المجتمع كلابا وذئابا، وكلما طال بك العمر تعرضت لجرعة أكبر من الغش حتى تتحول إلى إنسان مغشوش. وهكذا إلى أن تسلم أمرك إلى الله وتقول اللهم اجعلني مغشوشا لا غشاشا ظلوما!
ولا يحلو الغش إلا في المناسبات، كرمضان والأعياد والفوضى والحروب والأزمات «والرزق في أطراف العجاج» ومصائب قوم عند قوم فوائد!
أما غش الموظف الحكومي فله أشكال كثيرة وأبرزها الاختلاس والسرقة والعمولة، والحكومة ليست شخصا لذلك ينعدم لدى موظف الحكومة ما يسمونه تأنيب الضمير، وقد تكون الحكومة كافرة لا سمح الله - في نظر البعض طبعا- وهنا سرقتها حلال، ويصبح الغش في سبيل الله!
وعادة ما يكون المسؤول الغشاش مواظبا على عمله يأتي مبكرا ويخرج من العمل متأخرا، ومزاجه متقلبا، ويوما يأتي فرحا ويوما متجهما فهو متوتر، وقد يكون متشددا في تطبيق القوانين لكي يكون فوق الشبهات، وقد يكون متسامحا لدرجة الإفراط، وفي هذه الحالة يشرك الكثيرين في تجاوزاته، كما أن كل عيب يغطيه السخاء! ويحرص هذا الموظف المثالي! على عدم الخروج في إجازة سنوية من العمل، وإجازاته لا تتعدى يوما أو يومين بالكثير، ولو في حالات المرض الشديد، ويعتقد البسطاء أنه مسؤول متفان في العمل والحقيقة أنه يخشى أن يتولى المسؤولية بعده من يقع على أسراره. ومن أكبر الأخطاء التي ترتكبها الحكومة إبقاء المسؤول نفسه في مكانه من دون تغيير لمدة طويلة.
والحقيقة أن الغش في عالم اليوم أصبح ثقافة متوارثة ومقبولة في المجتمع! وقد لا يتوقف عند الحالات السابقة كغش الأفراد للأفراد أو الغش الذي يمارسه المسؤول الحكومي،و يصبح خطرا يهدد بقاء المجتمع، فأخطر أنواع الغش هو ما يقوم به الكتاب المثقفون والسياسيون، والإعلاميون المحترفون، فهؤلاء هم نخبة المجتمع، ولهم مريدون وأتباع وأنصار وأحزاب، ولهم أدواتهم ووسائلهم ويمكنهم التأثير في صنع القرار، فإذا تفشى فيهم الغش، فقولوا على المجتمع السلام، فمن يقودنا هم حفنة من الغشاشين.
فهيد البصيري
تعليقات