عن الفضيحة المليونية، وقوانين الوقت الضائع- يكتب طارق المطيري ؟!

زاوية الكتاب

كتب 1122 مشاهدات 0


أما بعد: 
قوانين الوقت الضائع 

طارق نافع المطيري

لم أتمن أن تكون إطلالتي الأولى عليكم - قرّاء جريدة القبس الكرام - تحت هذا العنوان، ولا في هذا الموضوع الذي ينتقص جمال المناسبات المميزة، لكنها الحالة العامة للكويت في السنوات الأخيرة، فكم انتقصت فرحة الكويتيين جرّاء مشكلة تختلقها الحكومة، وكم من مناسبة سعيدة تحولت إلى ذكرى مؤلمة بسبب فضيحة نيابية جديدة. لقد أصبحنا نترقب في كل نهار كارثة أو أزمة أو فضيحة تباغتنا بها الحكومة، ويستقبلنا بها المجلس وليس أولها، ولن يكون آخرها ما أثارته جريدة القبس السبت الماضي 2011/8/20 عن 25 مليون دينار دفعت لنواب في مجلس الأمة، بعضها «نقداً»، هذه الفضيحة التي لا تزال تتصاعد وتيرة الغضب من وقوعها.
المشكلة الأكبر أن ردود الفعل - كعادتنا في التعامل مع المصائب - لا تتوجه التوجه المفترض، فمدار التعامل مع هذه الفضيحة يتلخص في مسارين حسب ردود الأفعال، وهما إما مسار التحويل للنيابة، وكلنا يعرف طبيعة البلاغات فاقدة القيمة التي تقدم للنيابة، كبلاغ وزير الداخلية السابق في حادثة سرقة الـ «الخمسة ملايين للإعلانات». وإما الدعوة التي استنفر لها بعض النواب، وبعض الجهات، لسن قوانين الوقت الضائع، عفواً «قوانين مكافحة الفساد»، وكأن هذه الفضيحة هي الأولى أو الأخيرة، وكأن المشكلة هي غياب تلك القوانين وليس غياب المؤتمن على تطبيق تلك القوانين وتنفيذها الحكومة، وكلنا يذكر تصريح رئيسها الشهير في 2009/11/10، حين قال «الشيك من أموالي، وأنا حر فيها»، وذلك في قضية الشيكات، والاستجواب الذي قدمه النائب فيصل المسلم له بسببها، والذي نشرته جريدة القبس، أو أن الحل في يد الرقيب على ذلك المنفذ والمحاسب له المجلس، والذي بدوره منح الثقة للحكومة ورئيسها بأغلبية 35 نائباً، رغم ثبوت إعطاء رئيس الحكومة أموالا لنوّاب باعترافه واعترافهم.
إن هذه المشكلة المستمرة وهذين المسارين المطروحين لحلها تعني بكل وضوح عدم الرغبة الجادة والحقيقية في المعالجة، بقدر الرغبة في التستر على الفضيحة، وامتصاص الغضب الشعبي، وصرفه عن المعركة المفترضة، والتي نبهت إليها القبس كذلك في افتتاحيتها المعنونة: «إنها مسؤولية المجتمع»، وكانت العبارات الأولى دقيقة في وصفها للمشكلة، حين قالت: «نظامنا الديموقراطي في خطر»، فالمسألة ليست قضية مالية أو معاملة بنكية، بل هي قضية سياسية بالدرجة الأولى، من حيث الفعل أو الأثر أو أسلوب المعالجة والحل، وعليه يكون صرف القضية على أنه اختلال في البيئة القانونية لمكافحة الفساد أو قصور في التبليغ للنيابة أو جلسة طارئة تمتص غضب الشعب ثم لا تعقد، كما حدث للطلبة غير المقبولين، ضرب من العبث والمشاركة في هذه الفضيحة بالتستر عليها، وشراء الوقت لحكومة ومجلس أهدرا من وقت الكويت وشعبها الكثير. إنه لا بديل عن إصلاح أساس المشكلة ومبدأها وليس آثارها ومظاهرها، ذلك يكمن في البيئة السياسية الموبوءة التي تنتج لنا باستمرار، ومنذ سنوات، هذه الفضيحة وأخواتها، وهنا لا فرق إن كانت الفضيحة شيكاً أو نقداً.

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك