الزيد يكتب عن 'أصحاب المصالح' وعقلية الاستحواذ

زاوية الكتاب

'لم ييأسو بعد مجموعة الـ 26 فتحركو، وضغطو على الحكومة فاستجابت لهم بتشكيل لجنة استشارية اقتصادية'

كتب 4513 مشاهدات 0

جانب من إحدى لقاءات مجموعة الـ26

' أصحاب المصالح ' وعقلية الاستحواذ  ! ( 1 )

زايد الزيد

      انزعج ' أصحاب المصالح ' ، من عدم وجود ' مؤسسة ' لها طابع رسمي ، تحوي آمالهم وتطلعاتهم ، وتكون أداة طيعة لتحقيق مصالحهم الاقتصادية والمالية ، فوجود اللجان الأهلية أو الشعبية لهذا الغرض تحديدا ، لايمكّن ' أصحاب المصالح ' ، من تحقيق أهدافهم بالشكل المطلوب ، فقراراتها غير ملزمة ، بل حتى مسألة الالتقاء أو الاجتماع بالمسؤولين الكبار في الدولة بشكل دوري ( وهي مسألة مهمة بالنسبة لأصحاب المصالح ) تعاني من صعوبات عدة ، لقد جربوا هذه ' اللعبة ' فيما يعرف بلجنة ال ( 26 ) ، فلم ينجحوا فيها ، وكلنا شهدنا كيف ' سقطت ' شعبيا ، حينما حوصرت من كل حدب وصوب ، بالانتقادات التي فضحت نوايا ' القائمين عليها ' ، وقد أجاد الزميل الكاتب الأستاذ أحمد الديين حينما لاحظ – في مارس الماضي - صمت أعضاء اللجنة تجاه تخصيص الحكومة لمحفظتين ملياريتين من المال العام ، واحدة لانقاذ الشركات العقارية لأصحاب المصالح والثانية لانقاذ شركاتهم الاخرى ، لأن لدى أعضاء اللجنة – وفق الديين - ' منظورها المنحاز طبقيا ضد الفئات الشعبية محدودة الدخل، و المتفهم لمصالح كبار أصحاب المصالح ، الذي يوجب صمتها تجاه هذا الهدر العجيب للمال العام ' .

      لقد قام ' أصحاب المصالح ' بتسمية لجنتهم السابقة لجنة ال ( 26 ) ب' الحملة الوطنية لمواجهة استنزاف وتبديد ثروة البلاد وترشيد استخدامها ' ، ولكنهم لم ينطقوا بحرف واحد تجاه السرقات والاختلاسات ومشاريع الفساد التي تختنق بها البلاد  ، حيث كان مفهومهم لمواجهة تبديد ثروة البلاد ، ينحصر فقط في التصدي لأي صرف من المال العام ، يذهب لرفاه المواطنين ، وحينما قرر صاحب السمو الأمير في فبراير الماضي صرف منحة الألف دينار لكل مواطن ، أسقط في يديهم ، ولم يستطيعوا أن ينطقوا بشيء ، ' وكأن على رؤوسهم الطير ' ! ولكن اللجنة تفجرت من الداخل ، بسبب بيانها الأخير ، الذي صدر في أبريل الماضي ، في أعقاب الثورات العربية ، والذي تحدثوا فيه لأول مرة ، عن الفساد والنهب المستشري في البلاد ، فرغم أنهم لم يذكروا مشروع فساد واحد بعينه ، وكان حديثهم عاما رغم طول البيان ، لكنهم ذهبوا في البيان ، إلى أن الأنظمة التي سقطت كان ' القاسم المشترك بينها هو فساد الأنظمة والاستبداد والقهر واستيلاء المسؤولين الكبار في تلك الدول على ثروات شعوبها ' ، وكان هذا البيان ، الذي قيل أنه لم يحظ بعلم وموافقة غالبية أعضاء اللجنة ، بسبب تركيزه على موضوع الفساد ، مثار خلافات بينهم ، وكان هذا آخر العهد بأخبار اللجنة التي تبخرت من الوجود !!

     لكنهم بالطبع لم ييأسوا ، فتحركوا مؤخرا بشكل محموم ، وضغطوا على الحكومة ، فاستجابت لهم الأسبوع الماضي ، من خلال تشكيل لجنة استشارية اقتصادية ، وهي تضم من بين أعضائها وزراء ومسؤولين حكوميين ، و أعضاء أهليون ، أي هي لجنة حكومية أهلية مشتركة ، ووصفتها الحكومة والوسائل الاعلامية ، بأنها تحوي كفاءات وخبرات اقتصادية متميزة ، بينما الصحيح هو أن معظم أعضائها الأهليين ، أتوا من ثلاثة روافد ، الأول هو غرفة التجارة ، والثاني هو التحالف الوطني الديمقراطي ، والرافد الثالث هو قائمة الوزراء والمسؤولين الكبار السابقين في الدولة ! أما من الناحية ' المصلحية ' أو التجارية ، فإن الأغلبية الساحقة من أعضاء هذه اللجنة ، مرتبطون بشكل أو بآخر، بواحدة من المجاميع التجارية  الكبرى ، التي تسيطر على المشاريع العملاقة في البلد !

      هذه المرة ، دخل علينا ' أصحاب المصالح ' ، من باب التخويف من آثار الأزمة المالية العالمية علينا ، والمدخل السهل بالطبع ، هو تقليص الباب الأول من الميزانية العامة للدولة ! والحقيقة ، أن هذه ليست هي المرة الأولى ، التي يعبر فيها ' أصحاب المصالح ' ، عن إنزعاجهم من تضخم الباب الأول في الميزانية ، وهو انزعاج كان من الممكن أن نتفهم دوافع أصحابه ، لو أنهم وازنوا في أحاديثهم وتصريحاتهم ، بين خطر تضخم الباب الأول وبين عمليات النهب المنظم للميزانية ، من خلال المشاريع الفاسدة ! لكن هذا لم يحدث أبدا ، لم يحدث في لجنة ' اصلاح المسار الاقتصادي ' التي تأسست في العام 2001 ، ولم يحدث في لجنة ال ( 26 ) ، ولن يحدث بالتأكيد مع هذه اللجنة ! ومع ملاحظة الفارق الشكلي بين لجنة ال ( 26 ) من جهة ، وبين لجنة اصلاح المسار الاقتصادي واللجنة الحالية ، من جهة أخرى ، حيث كان جميع أعضاء الأولى ' أهليون ' ، بينما اللجنتين الأخريين تجمع بين الرسميون والأهليون ، أقول مع ملاحظة هذا الفارق الشكلي ، إلا أن اللافت للنظر ، أن الأسماء في اللجان الثلاثة تقريبا هي ذاتها ! فمثلا عضوي اللجنة الحالية الدكتور يوسف الابراهيم والدكتور عادل الصبيح ، كانا أيضا أعضاء في لجنة إصلاح المسار الاقتصادي بحكم منصبيهما كوزراء في العام 2001 !

     وأنا أزعم ، أن ' أصحاب المصالح ' ، يحاولون في كل حقبة ، أن يجدوا لأنفسهم ' مواقع متصدرة ' في الدولة ، تضمن لهم تحقيق ' المصالح الخاصة ' ، واستمرارها بشكل متدفق ، من خلال الاقتراب اللصيق بأصحاب القرار ، بوجود مثل هذه اللجان ، ولننتبه جيدا إلى أن ' أصحاب المصالح ' ، لايدخلون في هذه اللجان بأشخاصهم ، بل يضعون فيها أدواتهم والمقربين منهم ، لأسباب عديدة ربما يتسنى لنا التطرق لها لاحقا ، ويتخفون تحت شعارات ظاهرها الحفاظ على المال العام ، وباطنها نهبه ، ومن المهم التأكيد هنا أن ' البعض القليل ' من أعضاء هذه اللجان ، ليست لهم أدنى علاقة بعمليات نهب الأموال العامة ، لكن ' أصحاب المصالح ' يحشرونهم حشرا في مثل هذه اللجان ، للتغطية على فسادهم ، أو لإبعاد تهمة الفئوية عن لجنتهم !

      وللحديث بقية ..

النهار

تعليقات

اكتب تعليقك