في تعليقه على مسلسل الحسن والحسين، د.حسن عباس يبدى إعجابه صراحة بشخصية ابن سبأ !

زاوية الكتاب

كتب 1833 مشاهدات 0


الراى
د. حسن عبدالله عباس / مسلسل الحسنين (ع)

يصعب أن نصدق بأن النية من وراء عمل مسلسل يصور واحدة من أحلك الحقب التي مرت على الإسلام بأنها سليمة وتريد الخير. نعم اتفق معكم بأنه لا يجوز أن نحاسب النوايا وبالتالي يُفترض أن أحسن الظن، لكن بصراحة أقولها... من الصعب جداً أن أكون كذلك.
فلو كان يريدون وحدة المسلمين لوجدوا في التاريخ أزمنة أفضل من ذاك الوقت. فلو صوروا مثلاً الخليفة عمر بن عبدالعزيز الذي أزال شتم الإمام علي عليه السلام، أو لوجدوا ضالتهم في تصوير إحدى الدول الإسلامية المتأخرة عن ذاك العهد كالفاطمية مثلاً أو تاريخ الأندلس. فالمشتركات هنا كثيرة والاختلافات بين المذهبين قليلة نسبياً. لكن تصوير الأصل التاريخي الذي شق المسلمين وتصويره بأنها كذبة تاريخية فهذا لعمري استخفاف شديد بالعقل والعلم.
عندي بعض النقاط التي أريدها هنا كتفسير لما قصدته بسوء النية. النقطة الأولى وهي تركيز المسلسل على أنه لا يوجد خلاف حقيقي بين الصحابة ولكنها موجودة بفعل الوضّاعين. فإن كان الامر كذلك فعلام كل هذه الخلافات والانشقاقات والحروب التي حصلت سواء ما جرى في عهد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أو ما بعده، لدرجه أن القرآن قد تعرض لبعضها. فتصوير الأمور على أنها سليمة وبعيدة عن المشاكل فيها واحدة من شيئين: إما أنها كذب على التاريخ، بدليل ما جرى بعد ذلك من حروب ودماء اسيلت وتشكلت على إثرها فرق ودول، كتب عنها وحولها العدو والحبيب، والمسلم والمستشرق. أو لا الأمر ليس كذلك، كل ما في الأمر أن الشيعة ادعوا هذا الخلاف، وإلا فلا يوجد شيء دموي بالتاريخ!
أما الأمر الثاني فهو ما يخص الحديث عن فتنة يهودية وأنها السبب في انشقاق المسلمين وهو ما ركز عليه المسلسل. فكلما تحدثنا عن الماضي والتاريخ، لابد وأن يطل علينا سريعاً رأس اليهودي عبدالله بن سبأ وفتنة اليهود. فلو سلّمنا جدلاًً أنها شخصية حقيقية، استفهامي هو: ما هذه الشخصية «الفلتة» التي استطاعت أن تفعل كل ذلك بالملايين من المسلمين، ما هذه الشخصية العبقرية التي لعبت بعقول ملايين المسلمين وجعلتهم يجرون أذيال الخيبة والحروب مذاك الزمن ولما بعد 1400 عام من البعثة المحمدية، ما هذه الشخصية الخارقة التي استطاعت أن تجعل المسلمين ينهارون ويكونون اليوم في أرذل العمر؟! كلما فكرت في ابن سبأ أجد نفسي مخيراً بين ثلاثة أمور: إما ان الدين الإسلامي ضعيف وفاشل لدرجة أن ابن سبأ يفعل فيه كل هذه المفاعيل، أو أن الصحابة سذج وبسطاء لحد بعيد بحيث يتلاعب فيهم ابن سبأ بهذه الصورة وجعلهم يتذابحون ويتقاتلون، أو أن الدين اليهودي أصح وأسلم وأفضل من الإسلام واستطاع بذلك ابن سبأ أن ينقله للإسلام! بصراحة شخصية تستحق الإعجاب!
في كلتا الحالتين أجد سوء النية واضحة، وعلى النقيض لما يؤكد عليه القائمون بأنه عمل يريد وحدة المسلمين. وبالنهاية أقول وبما أنه قد خرج عمل بهذه الصورة، فيجب أن تخرج أعمال فنية أخرى تبدي الجانب المخفي أو وجهة النظر الثانية لإنصاف المشاهد واحترام عقله، تاركين له الاختيار والتفضيل بدلاً من منعه ومحاربته لأننا في عصر الانترنت.


د. حسن عبدالله عباس

الراى

تعليقات

اكتب تعليقك