ميناء مبارك: لماذا تهددنا بغداد بالأمم المتحدة !

عربي و دولي

4182 مشاهدات 0


في يوم من الأيام اشتهيت شوربة حارة فدخلت مطعمآ في البصرة فجلست على الكرسي وجاء العامل وملأ الطاولة بما تشتهي من فجل وبقل وخضروات لفتح الشهية فسألني ماذا تريد ؟ قلت : أريد شوربة فاخبرني انه لاتوجد الآن، بل توجد فقط مرقة لحم فطلبت ان يآتيني بها وبعدما أرتشفت منها وبها بعض قطع اللحم اللذيذ حمدت الله على هذه النعمة وطلبت الحساب فصرخ على أصحابه ( شوفو ماي مرق يقول إشقد حسابك!!! ) خجلت بعد ما  شبعت من هذه النعمة وهذا الكرم فمددت يدي بربع دينار إكرامية وليس ثمن الشوربة – هذا ماقاله فهد عبد المحسن النفيسي الكويتي الذي كان يبحث عن رزقه في العراق  أيام الملكية.

وقد  تذكرت قصته وأنا استمع لمحاوري العراقي في برنامج  تحت الضوء على قناة العالم الايرانية حين قال متحديا إحدى إتهاماتي ( خير العراق يغطي العراق وعشر بلدان مثل الكويت. ليش نطمع بيكم !) ولم اجد ردا، فخير العراق كان مصدر رزقهم ورزقنا في عقود مضت، ولا نشتكي من العراق نفسه أو من العراقيين، بل وليس من بعض السياسيين من مخرجات (ديمقراطية سنة سادس) الجديدة بعد حرب تحرير العراق. بل من فساد السياسة العراقية نفسها كفكر، فالاهداف الوطنية العراقية في استراتيجيتهم تتحدث عن دفاع وأمن وسيادة وكرامة وحق العراق أكثر مما تتحدث عن تنمية وأزدهار، فكيف نتعامل مع فكر سياسي مشروعة الحضاري يقوم على التحدي ويغفل التنمية !
والتحدي هو الذي دفع المالكي  ليقول أمس الاول (سنلجأ إلى الامم المتحدة لوقف العمل في ميناء مبارك الكبير)وقد أتفقت معظم وسائل الاعلام على استخدام مفردة (التهديد ) في قراءتها لتصريح المالكي  فمالذي يجعلنا  في الكويت نقلق من صيغة اللجؤ للمنظمة الدولية ؟

 لاشك ان الكويت تدين للشرعية الدولية، لكن طلب المالكي ليس لحل مشكلة فنية وتجاوزها حتى لاتعكر صفو العلاقات بين البلدين ، بل ترمي بالدرجة الاولى لوقف العمل في إنشاءات الميناء التي وصلت 25% .وما يجعلنا نجزع هو إستيعابنا لمسارات التفاوض المريرة مع العراق المثقلة بالمراوغات ونفي الاتفاقيات وعدم إنجاز الالتزامات،ولعل آخرها القرار الاممي 833 ، فلم تصرف العراق التعويضات التي اعطيناها المزارعين العراقيين ولم تزيل ممتلكاتهم من أرضنا ، كما لم تعمل على رد المفقودين الكويتيين ولا الارشيف الوطني ولا الممتلكات  الكويتية والديون والتعويضات . واخيرا ملف صيانة العلامات الحدودية. مما يجعل التفسير الوحيد لطلب اللجؤ للامم المتحدة هو تطبيق فكر الطاغية صدام حسين التفاوضي حين طلب اثناء احتلاله الغاشم للكويت بإحالة قضية خروجه للامم المتحدة متهكما في جلسة خاصة (خل يذبون حجايتهم ونذب حجايتنا  وتمر 40 سنة ماخلصت قضية لكويت مثل فلسطين) .

إن الدفاع عن ميناء مبارك مهمة ملحة ومعقدة بحجم الرهانات التي نستهدفها ضمن خطة التنمية.و ستصل لجنة فنية عراقية للكويت هذا الاسبوع ، لكن دوافع إرسالها في فكر صانع القرار السياسي في المنطقة الخضراء  ليست دوافع اقتصادية أوتنموية  فخير العراق لو احسنت إدارته  قادر على تجاوز التحدي الذي تدعي بغداد وجوده في ميناء مبارك الكبير .  بل الهدف وقف إنشاء الميناء ، وتلك جزئية من مخطط عقلية التوسع لذا يجب  ان يبقى شمال الكويت  ارض جرداء  بلا عمران يسهل الادعاء فيها. فإذا كان التحدي جزء من الفكر السياسي العراقي  فالسيادة بعد مقدس في الفكر الكويتي ،وكمبدأ سيادي، لا موقف تفاوضي علينا رفض دخول الامم المتحدة في قضية موقع ميناء مبارك الكبير حتى لايطول علينا الامد ونقيمه في جزيرة أم النمل .

 

الآن: د.ظافر محمد العجمي –المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج

تعليقات

اكتب تعليقك