إبراهيم المليفي يتذكر فهد العسكر في الذكري الستين لرحيله
زاوية الكتابكتب أغسطس 11, 2011, 12:23 ص 1370 مشاهدات 0
الجريدة
الأغلبية الصامتة: ستينية فهد العسكر
إبراهيم المليفي
الأغلبية الصامتة: ستينية فهد العسكر
أحسنت رابطة الأدباء صنعا حينما قررت إحياء الذكرى الستين لوفاة شاعر الكويت فهد العسكر منتصف الشهر الحالي، كي تقرع الجرس في سمائنا المشبعة بالسياسة، وتلفت الانتباه إلى أن المشروع الثقافي في الكويت يحتضر بسبب هيمنة أشباه المثقفين على مؤسساتها الثقافية. وإلى أن الجهل قادر على محو اسم فهد العسكر من المدرسة التي حملت اسمه لعقود طويلة.
أربع سنوات كاملة مرت على أواخر السبعينيات، وأنا لا أكاد أعرف تاريخ صاحب التمثال المنصوب عند مدخل مدرستي الابتدائية في كيفان، فقط قيل لي إنها لشاعر اسمه فهد العسكر، من هو هذا؟ ولماذا سميت مدرستنا باسمه؟ لم يتطوع أحد بإعلامنا!! ربما لأنه خارج المنهج.
لا أريد أن أتجنى على معلماتي آنذاك، ولكن ذاكرة الأطفال طرية وتنغرس فيها الكثير من الأحداث والوجوه والأسماء، ألم تقل الحكمة إن “العلم في الصغر كالنقش على الحجر”؟ بالنسبة إلي لم ينقش معلومة عن العسكر أكثر مما ذكرته سابقا، شاعر واسمه كذا، لقد أوشكت سيرة شاعر كبير مثل فهد العسكر أن تندثر كما اندثرت سير مبدعين مثله، ولم يتبقَّ من ذكرهم سوى سطر في كتاب مؤرخ نسي أن العمل الجيد لا يمكن أن يخلده التاريخ دون حفظ وتدوين، وهنا تثور إشكالية من يتحمل وزر المحافظة على إنتاج المبدعين، هل المبدع نفسه أو طلابه أو الدولة؟
لقد وصل تاريخ الشاعر الضرير فهد العسكر إلى مرحلة حرجة عندما انتقل إلى رحمة الله عام 1951، ولم تكن أشعاره قد صدرت من قبل في كتاب يلملم شملها، ومصير إبداعه الشعري بكامله كان متوقفا على صديقه الشاعر الراحل عبدالله زكريا الأنصاري الذي كان يجالسه ويستمع إلى شعره ويسجله، وكان قد عقد النية للرد على قصيدة أهداها العسكر له ومطلعها:
“ذري القلب يطوي حبه ويواريه … ذريه فقد أقصى هواك أمانيه”
ولكنه اضطر في 10 أكتوبر 1950 للسفر إلى القاهرة للعمل كمحاسب في بيت الكويت بعد أن تم اختياره من قبل مجلس المعارف. وأصيب الأنصاري بحزن شديد عندما بلغه نبأ وفاة العسكر أواخر صيف 1951، وزاد من حزنه أنه لم ينجز ما اعتبره دينا في رقبته لم يقم بوفائه لصديقه، فقرر أن ينجز ما هو أكثر من الرد على قصيدة، ويذكر في مقال نشر له في مجلة البيان الصادرة عن رابطة الأدباء أواخر الستينيات:
“فقررت أن أحفظ لهذا الشاعر شيئا من تاريخ حياته، وأن أكتب شيئا عن شعره الجميل، وعن جلساته الأدبية، وعن طريقة حياته، فرحت أكتب إلى الكثيرين من أصدقائه ومحبيه، وإلى الذين يختلفون إليه، ويزورونه، وإلى الذين يتتبعون قصائده، ويحفظون أشعاره، لجمع ما يمكن جمعه من شعره وقصائده، ومختلف آثاره الأدبية”، وقد نجح الأنصاري في مهمته وأنقذ سيرة شاعر من الاندثار عندما أصدر كتابه (فهد العسكر، حياته وشعره).
لقد أحسنت رابطة الأدباء صنعا حينما قررت إحياء الذكرى الستين لوفاة شاعر الكويت فهد العسكر منتصف الشهر الحالي، واستجابت لندائه في قصيدة “اذكريني” عندما قال:
“أنا إنْ مِتُّ أَفِيكُمْ يا شبابْ شاعرٌ يَرْثي شبابَ العَسْكرِ؟”
كي تقرع الجرس في سمائنا المشبعة بالسياسة، وتلفت الانتباه إلى أن المشروع الثقافي في الكويت يحتضر بسبب هيمنة أشباه المثقفين على مؤسساتها الثقافية، وإلى أن الجهل قادر على محو اسم فهد العسكر من المدرسة التي حملت اسمه لعقود طويلة.
الفقرة الأخيرة:
من أشعار فهد العسكر:
يا بني العُربِ إنما الضعف عار
إي وربي سلوا الشعوب القوية
كم ضعيف بكى ونادى فراحت
لبكاه تقهقه المدفعية
تعليقات