بدر خالد البحر يتهم معارضي تعديل المادة الثانية بالظلم والفسق

زاوية الكتاب

كتب 1510 مشاهدات 0



القبس
الكافرون الظالمون الفاسقون
كتب بدر خالد البحر :
   
قال عظيم فلاسفة الطب والأدب أبو علي الحسين بن سينا في مطلع قصيدته «العينية»:
هبطت إليك من المحل الأرفع .. ورقاء ذات تعزر وتمنع
التي حين تقرأها تجد أن لابن سينا رأياً في النفس يتجه نحو إكراه الروح داخل الجسد، ولذلك وبسبب أفكاره الأخرى كفّره الغزالي، وأكد ذلك ابن كثير، ولم يخرج عن هذا الرأي ابن القيم، وصنّفه ابن تيمية بأنه من الباطنية.
فهذا عظيم الفلاسفة ومن حقه أن يتفلسف، لكن أن يأتينا العلمانيون أصحاب «البطل» و«السعبولة» ويتفلسفون، فهذا غير مقبول! إذ إن الإنسان، من الناحية العلمية، كي يتفلسف صح يحتاج إلى أن يكون صاحياً وليس «طينة»، لا يكاد يصحو من السكر، فيتفلسف وهو لا يسيطر على خلايا عقله المتخثر، فيطعن بأشد ما يبغض كيانه، «الدين وكتاب الله».
***
ما زالت الهجمة على كتيب «معاملة الحكام في ضوء الكتاب والسنة» بدعوى أنه يفتري على دستورنا الوضعي، ولأنه في رأينا فيه من الأحاديث ما لم يفهم فقه أصولها المنتقدون له، فالمؤلف، رحمه الله تعالى، الذي توفي في حادث مروري في منتصف عمره، وضع الحقيقة بعينها نصاً وسنداً وتصنيفاً، لا كما في بعض كتب المذاهب التي تلفق الروايات من دون سند، كذباً وزوراً، وتدّعي صحتها، والمجال هنا لا يتسع لتثقيف العامة في علوم فقه الحديث وأصوله وعلم الجرح والتعديل، ولكن الخطورة تكمن في أن المنتقدين أطلقوا رأياً عاماً على الكتيب بأنه «يفتري على الدستور وعلى نظام الحكم»، ولا ندري إن كانوا يقصدون أن هذا الافتراء قد جاء أيضاً، والعياذ بالله، من الآيات القرآنية التي احتواها الكتيب؟ كآية {يَا أَيُّهَا الَّذ.ينَ آَمَنُوا أَط.يعُوا اللَّهَ وَأَط.يعُوا الرَّسُولَ وَأُول.ي الْأَمْر. م.نْكُمْ} وآية {وَمَا كَانَ ل.مُؤْم.نٍ وَلَا مُؤْم.نَةٍ إ.ذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخ.يَرَةُ م.نْ أَمْر.ه.مْ وَمَنْ يَعْص. اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُب.ينًا}، وآية {وَإ.ذَا ق.يلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إ.لَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإ.لَى الرَّسُول. رَأَيْتَ الْمُنَاف.ق.ينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا} فإن قصدوا ذلك فإننا نبرأ منهم إلى الله.
إن تلك الهجمة على الكتيب، قد اتصلت بهجمة أخرى على القرآن الكريم يشنها المعارضون أنفسهم، وهذه المرة ضد تعديل المادة الثانية، كي لا تصبح الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع، ووصفوها بالمؤامرة على الدستور! إن الأمر ليس ترفاً فكرياً أو مادة للجدل نملأ بها أحاديث المجالس أو نحشو بها مقالاتنا، بل هي من الخطورة التي تخرج صاحبها من الملة، وتردي به في النار، وعلى بعض العلمانيين المسلمين مراجعة معتقداتهم، فإن كانوا لا يريدون تعديل المادة الثانية ولا يريدون تطبيق الشريعة الإسلامية لأنهم يعتقدون أن شرع الله تعالى لا يصلح لهذا الزمان والمكان، وأن حكم غيره أفضل منه أو مساو له، أو أنهم يستخفون به، فإنهم بذلك يصبحون كافرين، وإن كانوا لا يريدون تعديل المادة الثانية، ولا يريدون تطبيق شرع الله ظلماً وعدواناً فقط، فإنهم بذلك ظالمون، وإن كانوا لا يريدون تعديل المادة الثانية ولا تطبيق شرع الله محاباة لمصالحهم وشهواتهم ورغباتهم الدنيوية فقط، فإنهم بذلك فاسقون، وجميع هؤلاء في جهنم إن ماتوا على ذلك، مصداقاً للآيات التي ذكرناها الأسبوع الماضي، ولا بأس بالتذكير لعظم الفجور والنذير، وهي: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ ب.مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئ.كَ هُمُ الْكَاف.رُونَ}، والآية {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ ب.مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئ.كَ هُمُ الظَّال.مُونَ}، والآية {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ ب.مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئ.كَ هُمُ الْفَاس.قُونَ}.

***
إن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان.

بدر خالد البحر

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك