د. حسن عباس يثني على إصرار الشعب المصري على سلمية ثورته ومحاكمة رموزه
زاوية الكتابكتب أغسطس 6, 2011, 12:38 ص 650 مشاهدات 0
الراى
في مصر... محاكمة العصر
شيء جديد يحصل للمرة الأولى في العالم العربي، أول مرة أن يحصل ويطرد الشعب العربي حاكمه ويطارده ويحاسبه بتقديمه للمحاكمة. أول مرة لأن الأمثلة العربية السابقة كانت إما أنها غير مكتملة وناقصة، أو خلافات حزبية وتنافس وتصارع داخل دائرة الحكم وبعيداً عن الإرادة الشعبية.
الشعب المصري ثار في 25 يناير وظل هكذا إلى أن أطاح برئيسه الديكتاتور. وهو من ظل على سلمية ثورته لولا بلطجية النظام الفاسد السابق، وهو من ظل ثائراً حتى لا تُسرق الثورة، والشعب هو بنفسه الذي أجبر النظام الجديد لتسريع محاسبة رموز الفساد، وبفضله قُدم الرئيس المخلوع للمحاكمة. فالشعب هو الذي مازال مراقباً على سلامة حركة ثورته.
هذه الصورة هي التي افتقدناها دائماً في المحيط الثوري العربي. فبرغم قدرة التونسيين على إزاحة رئيسهم هناك، لكنهم مازالوا قاصرين عن القضاء تماماً على شلة النظام السابق ومحاكمة بن علي الذي ظل ومنذ فراره متمتعاً بعيشة التجار وكبار الشخصيات بعدما كان يتمتع بعيشة الملوك والأمراء.
ومع أن صدام حسين أقرب الرؤساء العرب مصيراً بالذي يجري على حسني مبارك، إلا أن قسماً كبيراً من النجاح الذي تحقق للشعب العراقي يعود الفضل فيه إلى قوات تحرير أجنبية التي هي بالأصل قوات احتلال.
والرئيس اليمني المحروق هو الآخر لازال رسمياً الرئيس علي عبدالله صالح برغم مرور أشهر على الثورة. فالثوار وبرغم اصرارهم على اقصائه إلا أنهم لازالوا قاصرون عن بلوغ هذا الهدف لحد الآن.
على الطرف الآخر من ذلك فإن الذهنية العربية ترسم في مخيلتها صورة أخرى عن الرؤساء المخلوعين. فالأكثر شيوعاً لدى هذه الذهنية هي صور لتصفيات حزبية وصراعات داخلية بين أفراد مؤسسة الحكم من قبيل ما حصل لعبدالكريم قاسم، والانقلاب على «الأمير الوالد» الشيخ خليفة آل ثاني في قطر، وانقلاب السلطان قابوس على أبيه سعيد بن تيمور في عمان، والصور المتتالية التي رسمتها الجمهوريات العربية في سورية وهي توالي الانقلابات العسكرية والحزبية والتي تناقلت بين شكري القوتلي إلى حسني الزعيم إلى سامي الحناوي إلى الشيشكلي والاتاسي (ابان الحكم المزدوج) إلى الاديب ومن ثم إلى القوتلي من جديد، كل ذلك في اربعينات وخمسينات القرن الماضي.
فالمميز في الحالة المصرية هي أصالة شعبيتها إلى الآن. فالفضل يعود للشعب العربي المصري الذي حقق انجازاً كبيراً وقياسياً في هذا المضمار. فهو من تحرك بالثورة ضد نظامه الاستبدادي، والفضل يعود إليه أن حافظ على سلمية ثورته برغم بلطجة النظام السابق، والفضل يعود إليه أن استمر بثورته حتى أزاح برأس النظام، والفضل يعود إليه أن أصر على محاكمة الرموز والإصرار بتعجيل المحاكمة.
د. حسن عبدالله عباس
تعليقات