الزيد يتذكر بطولة 'أشجع بنت في مصر'

زاوية الكتاب

حركة الشباب المصري كانت متواضعة قبل الثورة لكنها كانت شجاعة، فهل يتعظ المكابرون ؟

كتب 6969 مشاهدات 0

أشجع بنت في مصر

الخلاصة 
أشجع بنت في مصر 
 زايد الزيد
 
في شهر مايو 2010 وقفت مجموعة من الشباب المصري يطلقون على أنفسهم «حركة شباب 6 أبريل» أمام مبنى مجلس الشعب بوسط القاهرة (الحركة تأسست في 2008)، كان عدد المتواجدين فيها لا يتعدى المئتين، وتتقدمهم شابة لم تكمل العشرين من عمرها، البنت كانت تهتف بشكل جميل وحماسي، وكان من بين ما تقول:
أحلف بسماها وبترابها
الحزب الوطني اللي خربها
فين نواب الشعب فين
مش عايزين يطلعوا ليه
خايفين هما ولا إيه
هيلا هوبا هيلا هوبا
اصحوا ياللي تحت القبة
قاعدين جوا بتعملوا ايه
قاعدين جوا في التكييف
تحت القبة رجال أعمال
ضيعوا حق العمال
آدي حكومتك يابوجمال
ضيعت حق العمال
وآدي حكومتك يانظيف
رجعتنا عالرصيف
شاطرين بس فالانتخابات
يسرقوا منا الاصوات
لما الشرفاء في الزنازين
يبقى مكان المجرم فين
علّي وعلّي وعلّي الصوت
اللي بيهتف مش حيموت
المشهد ذاته تكرر في بداية يناير 2011، أي قبل انطلاقة ثورة 25 يناير المجيدة بثلاثة أسابيع، ولكن في مكان مختلف، هذه المرة كان التجمع أمام مبنى أمن الدولة احتجاجا على اعتقال 26 شابا من دون تقديمهم للمحاكمة، كان العدد فيما يبدو أقل من مئة، وجاءت هتافات البنت الشجاعة على الشكل التالي:
ستة وعشرين شاب ضحية
من حكومة البلطجية
لفق لفق بالقواضي
أمن الدولة واطي واطي
حضرات السادة الضباط
بيديكم كم واحد مات
دول عاملين علينا أسود
وبيتسحلوا عالحدود
اللي بيسجن أهلو وناسو
يبقى عميل من راسو لساسو
ولا عدلي ولا حبيب
ارحل ياوزير التعذيب
حسني مبارك.. باااطل
الحزب الواطي.. باااطل
مجلس شعب صباح الخير
إنت رئيسك ملياردير
هذه المشاهد وضعت على «اليوتيوب» في الشبكة العنكبوتية، وذهل العالم من شجاعة البنت، في وقت كانت فيه مظاهر قوة النظام «تتبختر» في كل زوايا الدولة ! وقبل أن تبدأ ثورة 25 يناير، ذهب «وفد» من أمن الدولة لمنزل البنت، وهددوها بالقتل إن هي نزلت إلى ميدان التحرير، فلقد شعرت «أمن الدولة» من خطورة البنت، وتهديدها لأمن عصابة الرئيس المخلوع وليس لأمن الدولة، رغم أن سلاح البنت كان فقط في شجاعتها وصيحاتها ! فمنعها أهلها من النزول للميدان، خوفا على حياتها، لكن عدم نزولها للميدان، لم يمنع نجاح الثورة التي كان لأشجع بنت في مصر فضل في التمهيد لها وإنجاحها!
بعد مشاهدتي يوم أمس (الأربعاء) للمنظر المزري للرئيس المخلوع حسني مبارك ونجليه علاء وجمال ومنظر وزير داخليتهم العادلي، في محاكمتهم التاريخية المذاعة على الهواء مباشرة، التي جرت في مقر أكاديمية الشرطة، وكانت المفارقة التاريخية أن المقر ذاته، شهد في اليوم ذاته 25 يناير الماضي، يوم اندلاع الثورة، احتفال الدولة بعيد الشرطة المصرية، وهو الاحتفال الذي حضره الرئيس المخلوع ووزير داخليته وبقية عصابة الحكم، بكامل أناقتهم، وتحيط بهم كل مظاهر القوة التي يستخدمونها ضد شعبهم ! المفارقة أنهم جاءوا للمقر ذاته، ولكن بشكل مختلف، جاءوا إليه هذه المرة وهم ذليلون يلبسون بذلات السجن!!
أقول بعد مشاهدتي للمظاهر التي بدا عليها مبارك وبعض من عصابته، تذكرت أشجع بنت في مصر، فدخلت على «اليوتيوب» لاستعيد مشاهد شجاعتها، فأدركت حينها أن الجهد إن كان صادقا وشجاعا، ولوجه الله، وإن كان المبتغى فيه هما العدالة والحق، فلا يهم إن كانت بداياته متواضعة، وتذكرت أيضا جهود القوى الشبابية عندنا في إصلاح أوضاعنا، وأيقنت أن جهودهم لابد أن تثمر مهما طال الزمن، إن كان مبتغاها وجه الله، وتحقيق العدالة، وأنا أحسبها كذلك بإذن الله، وتذكرت أيضا أن «ماذلك على الله بعزيز»، فهل يتعظ المكابرون؟! 

النهار- مقال يفرض نفسه

تعليقات

اكتب تعليقك