البدو أو القبائل هم الوطنية والوطنية هم .. غليفص بن عكشان يسجل خلفية تاريخية لظلم القبائل لنفسها ودعوة الحضر لظلمها

زاوية الكتاب

كتب 1786 مشاهدات 0


الشاهد

القبائل والوطنية    
Friday, 29 July 2011

غليفص بن عكشان

ظلمت القبائل نفسها ودعت الآخرين لظلمها، إذ ظلمها لنفسها في الماضي البعيد والقريب أنها لم تعتن بالعلم . ما جعلها أدوات لمن يستخدمها في أغراضه تحت أي شعار ولأي غرض دون إدراك منها للمقاصد، رغم كثرة عدد أفراد القبيلة وشدة بأسها، ومع ذلك صرفت هذه الشدة للمواجهة دفاعا أو هجوما ًفيما بينها مع أدبارها عن الحضارة والسياسة، إلا إنها ماده القوة والحرب بين أمارات الجزيرة العربية، وقبل ذلك ماده الفتوح الإسلامية، مع أنها تتصف بكل الصفات الحميدة، الكرم وهو لم يذكر في الحاضرة كذكر ابن مهيد وهو قبلي، او ذكر الجرباء ابو خوزه وهو قبلي، أو كرم حاتم طي وهو قبلي، فضلا ً عن الشجاعة والنخوه والحمية واحترام الجار وحماية الدخيل والأبواب المشروعة للضيافة.
أما ظلم الآخرين للقبائل فيتمثل في كُتاب التاريخ وكلهم حضريون يعادون كل ما هو بدوي او قبلي ويصفون البدو والقبائل بالعالة والنشاز وبأنهم هامش عددي، كما كان الأتراك أبان الإمبراطورية العثمانية يصفون البدوي بالشحاذ والوسخ، والجلف، ليس الأمر يقف عند ذلك، بل ان المؤرخين الحضر جردوا القبائل من الوطنية، وذلك باتهامهم بعدم الانتماء للوطن بدافع المعاداة للبدو، إذ دأبوا على اعتبار القبائل مرتزقة ومزدوجي الولاء، خلافاً لواقع الطرفين، إذ لم يذكر التاريخ القديم أو الحديث إن القبائل أو أحدا ًمنها استعان بالأجنبي على بلاده أو دار الإسلام ولا توجد إشارة بان القبائل خانت النظام الذي تنتمي إليه، على عكس الحاضرة، فالتاريخ شاهد على أفعالهم غير الحميدة بالاستعانة بالأجنبي على دينهم وأوطانهم وأبناء أمتهم لهدم الأنظمة القائمة، وعلى سبيل المثال وليس الحصر شاور وضرغام عندما كانا وزيرين لمصر يستدعيان الصليبيين في حيفا ويافا والقدس لدخول مصر ضد نور الدين محمود ثم صلاح الدين، وكذلك الحاضر في أفغانستان والعراق في هذا الزمن، وجميع هؤلاء من الحاضرة وليسوا من القبائل، ومن كانوا يكاتبون غازي ملك العراق لاحتلال الكويت ويستعينون بإذاعة الزهور في بغداد ليسوا من القبائل بل من الحاضرة.
إذن فالبدو أو القبائل، كما تشاء التسمية، هم الوطنية والوطنية هم إذ انتماؤهم للوطن بدافع الدين والقومية والولادة والدم والاعتزاز بالكرامة وحب الحرية، وليس كما هو حال الحاضرة من اجل المال والمناصب والحسد وحب الذات، نعم المؤرخون ظلموا البدو ظلما ًصارخا ًبأن أهملوا عن عمد الأفعال الحميدة والتضحيات الجسام التي قدمتها القبائل على مستوى المجاميع القبلية أو الفردية للدولة، وحصروا التاريخ فيهم وحسب، بل حتى من كان من القبائل أقام في الحاضرة لم يذكر إلا اسمه ولم يشر إلى ما قدمه للوطن، حسداً من أنفسهم، وفات على المؤرخين من الحاضرة أن الدولة الأموية سقطت عندما ابتعدت عن القبائل، والدولة العباسية كذلك عندما صدت القبائل والعروبة، ودولة الأندلس الإسلامية قامت على القبائل وعندما تقطعت دويلات ونكفت على الحاضرة دون القبائل ذابت إلى الأبد.
نعم الحاضرة لهم فن التجارة والبيع والشراء والاحتكار، وفي سبيل المال يعملون كل شيء، وطمعا ًفي المناصب لا يتورعون عن فعل، يحبون المال حبا ًجما ويسعون لتحقيقه بأي وسيلة مشروعة او غير مشروعه، ويؤخذ عليهم الأنانية والحسد وحب الذات، فيما بينهم، ومع القبائل اشد، مثالا ًعلى ذلك المناقصات وتعطيل المشاريع بسبب تناحر الحاضرة فيما بينهم لتفوز بالمناقصة شركة احدهم دون الأخر فيقوم الأخر بتعطيل المشروع إلا أن يتم إشراكه في ذلك أو يعطى مناقصة أخرى، كما أن مجالس إدارات الشركات بسوق الأوراق المالية والبنوك جميعا ً من الحاضرة المتنفذه والصراع بينهم على أشده إذ كل منهم يسعى جاهدا ً ويستعين بمن له القدرة على القرار أن يفوز بالنصيب الأكبر من أموال الدولة بأي شكل كان. بينما القبائل جنود الحرس والجيش والشرطة مع الطبقة العاملة يسعون بكل جهد لحماية الدولة والنظام من غوائل الداخل والخارج، فهل يستوي الحامي مع الطامع المحمي في الوطنية؟ اللهم احفظ الكويت من شر الأشرار، وقيض للكويت من يكتب التاريخ بحياد وتجرد، وارزق الشعب حكومة تقوم بالعدل والمساواة بين أبناء الشعب .آمين .

الشاهد

تعليقات

اكتب تعليقك