د. حسن عباس ينتقد المسلم لدفاعه عن الخطباء الموقوفين، وينتقد النومس لاصفرار وجهه فى اول اختبار سياسي

زاوية الكتاب

كتب 913 مشاهدات 0


الراى
   
 الوزير الذي يتصبب عرقاً

يستشعر الكثيرون الغضب وتنتابهم حالة ضجر شديدة عند التعرض لبعض رموزهم السياسية، فلأولئك نقول ان الصحيح هو ما قاله علي بن ابي طالب سلام الله عليه «يُعرف الرجال بالحق لا الحق بالرجال». لذا فالانتقاد وارد على كائن من كان طالما أن الحق في واد وصاحب الرأي في واد آخر.
لنأخذ مثالا عمليا على ذلك. تدرون أن الأسبوع الماضي تحدث بعض الخطباء في الشأن السوري ودعوا على النظام هناك وعلى الرئيس بأنه يقتل شعبه، وأصدر بسبب ذلك الوزير قراره بايقاف اولئك الخطباء. فهذه إجمالاً القصة ودعوني أحللها لأجزائها الرئيسية التالية: الأول أنه موضوع سياسي لا ديني كما هو واضح، والثاني أن المتحدث خطيب مُعين بوزارة الأوقاف والتي بدورها تدفع رواتب الخطباء وتتحمل تكاليف بناء المساجد، والثالث أن قوانين البلد تمنع التعرض للدول الشقيقة والصديقة، كما تمنع من جانب ثان الخطباء الابتعاد عن الأمور الدينية والتعرض للشؤون السياسية، والرابع أن لدى الوزارة الحق بانزال العقوبة بكل من يخالف القوانين ويجوز بالتالي أن يوقف عن الخطابة.
الصورة واضحة فأين المشكلة! لنبتعد عن المشاعر والعواطف ولنتدبر في القضية بتجرد وبعقلانية، فما الذي تجده غير ذلك؟ بصراحة وببساطة شديدة لن ترى سوى أن الإيقاف هو التصرف الطبيعي. أشد المعترضين جاء من قبل كتلة التنمية وبشكل خاص من فيصل المسلم، فتحذيره، مع احترامنا الشديد، لا يقدم شيئاً فحسب، بل يؤخرنا ويزيدنا شعبطة ولخبطة ومرمطة. فالمسلم يقول عند تبريره ودفاعه عن الخطيب نبيل العوضي ورفاقه الخطباء الاخرين الكلام التالي: «وجدت الأمر أكبر من خطباء تجاوزوا ميثاق المسجد، بل وجدت العوضي واخوانه انطلقوا في خطبهم من نصوص شرعية». لم أفهم معنى الكلام بصراحة! فهل كان يعتقد المسلم أن ما كان يفعله العوضي واخوانه قبل اليوم وقبل سورية كلام من خارج النصوص الشرعية؟ اعزائي بالتنمية الدولة تريد تنظيم الحديث حتى مع النصوص الشرعية، وهذا ما تفعله أنت أيها النائب والهدف من وجودك بالمجلس وهذا الواقع الذي يعيشه كل واحد فينا بالدولة لكي تنتظم الحياة المدنية. فأين الصدمة في الموضوع؟ تبرير المسلم سطحي وساذج وتلاعب بسيط على عقول الناس ولحد بعيد!
لاحظ أن الموضوع لا يخص نوع الدعاء أو باتجاه من، فمجرد القبول فيه بحجة أنه يجوز لأن سورية هي المقصودة، مجرد ذلك يستدعي بالضرورة أن الأمر نفسه يجوز للاخرين ويحق لهم بالضرورة لأن يدعوا على من يشاؤون وتصبح مشروعة بالنتيجة هنا وهنا وبغض النظر عن صحتها من بطلان دعواها، أو أن يكون خيارنا جميعاً الالتزام بقوانين البلد فتصبح بالتالي غير مشروعة هنا وهناك أيضاً!
أما المضحك في مسلسل الخطباء ليس أبطال التنمية بل وزير الأوقاف النومس، اي الوزير في حكومة التنمية. فمع اول اختبار سياسي للرجل بدت قدراته ومواهبه السياسية وعرفنا أننا بأيد تنموية أمينة! فبمجرد أن صرخ التنمويون في وجهه، رد سريعاً مصفر الوجه مرتعد الفرائص يتصبب عرقاً وهو جاثم على ركبتيه ويقول بصوت منكسر: «هذا القرار لم يصدر مني شخصياً، بل صدر بناء على طلب الوكيل المساعد كعقوبة لمخالفتهم ميثاق المساجد!».

د. حسن عبدالله عباس

الراى

تعليقات

اكتب تعليقك