نشر الطبطبائي لصورة الصبي على «تويتر» خطأ «يزاه الله خيرا»..د. حسن عباس ناهيا عن التجسس

زاوية الكتاب

كتب 1756 مشاهدات 0



الراى
/ لا تجسّسوا يزاكم الله خيراً!

بدأت اللعنة حينما أشارت الـ «بي بي سي» في 2005 وللمرة الاولى بأصابع الاتهام إلى مجلة «News of the World» الأسبوعية الشهيرة بأنها تتنصت على المشاهير وأفراد من العائلة المالكة، وزادت عليه بأنها ولغرض السبق الصحافي فإن «News of the World»، التي وصلت مبيعاتها لما يزيد على 2.8 مليون نسخة، لم تتورع عن رشوة الشرطة للحصول حصرياً على تفاصيل القضايا والجرائم الأمنية.
وقد نقلت «الغارديان» أن المجلة في 2002 وظفت مجموعة من المخبرين الخاصين لتتبع مصير المراهقة الانكليزية ميلي دولر التي اختفت بصورة مريبة. فاهتدت المجلة بفضل تحرياتها الخاصة إلى رقم دولر الشخصي وعائلتها، كما نجحت في الوصول للصندوق الالكتروني للفتاة، واستمعت لكل الرسائل الصوتية خلال فترة اختفائها. وتمادت المجلة بأنها لم تتورع عن حذف بعض الرسائل الصوتية القديمة حينما امتلأ الصندوق الالكتروني ولم يعد قادراً لاستقبال المزيد من الرسائل، كل ذلك املا في الحصول على المزيد والمزيد من المعلومات وتفاصيل لعلها تفيد عنصر الإثارة في الموضوع، وهو ما اعتبرته السلطات تدخلاً في سير التحقيقات والتلاعب بالأدلة، وبالتالي ضياع ما يفيد في قضية البنت.
حقيقة لا يهم الآن المزيد من التفاصيل لأني لا أريد منه سوى هذا المقدار، وأصل المشكلة الذي أطاح بنسبة كبيرة من سمعة الامبراطور ميردوخ وهو مبدأ خطورة التنصت والتجسس. فلماذا كل هذه الضجة والجلبة في قضية التنصت؟ فلو افترضنا أن المجلة لم تتلاعب بصندوق الرسائل الالكترونية للمراهقة ميلي، فهل سيكون ساعتها التنصت جائزا ومقبولا، أو هل يمكن القول بأن التنصت على المشاهير ليس بمشكلة؟
المشكلة ليست حول ما إن تسببت المجلة بضياع الأدلة وتشويه مسار التحقيقات، بل المشكلة أن التنصت والتجسس هو عمل غير أخلاقي بغض النظر عمن يقوم بالتنصت أو عمن نتنصت عليه أو ما النتائج المترتبة لهذا التنصت. فكل ذلك لا يهم، المهم أن التنصت بحد ذاته جريمة لأنه انتهاك لخصوصية الإنسان، والخصوصية كما يقول ستيوارت مل تحمل قيمة أخلاقية جوهرية ذاتية intrinsic value، فهي محبوبة لنفسها ولا يحتاج الإنسان الاتيان بدليل على احترامه لها وضرورة ثبوتها. فالخصوصية محترمة لذاتها لأنها جزء لا يتجزأ من كرامة الإنسان. بمعنى أن الإنسان لا تكتمل إنسانيته إلا مع الكرامة، والخصوصية بند رئيسي حتى تكتمل هذه الكرامة، وبالتالي لا يجوز أن تُنتهك حتى لا تُهدر الكرامة الانسانية.
بهذا التدرج حذرنا فيصل المسلم بعدم كشف شيكات رئيس الوزراء على العلن والتوجه الى القضاء مباشرة لو أراد الإصلاح الحقيقي، ولهذا نقول للمتدين الورع وليد الطبطبائي القارئ للقرآن بما فيها آية «ولا تجسسوا» بأن نشره لصورة الصبي على «تويتر» خطأ «يزاه الله خيرا»، وبهذا التدرج لا يجوز للزوج أن يتجسس على زوجته بحجة «شاك فيها»، وبهذا التدرج لا يجوز للزوجة أن تمسك بتلفون زوجها وتقرأ المسجات وتراجع الايميلات والواتسبات والتانجو والفايبر والجوجل شات والمسنجرات كلها، والأرقام الواردة والصادرة والممسوحة واللي «بغت توصل» بحجة انها «نست شلون» تلعب Angry Birds!


د. حسن عبدالله عباس

الراى

تعليقات

اكتب تعليقك