خص ((الآن)) بمقال يتحدث عن التعيينات الأخيرة

زاوية الكتاب

اليحيى: لهذه الأسباب يتهم 'الوطني' بعقد الصفقة مع الحكومة

كتب 6430 مشاهدات 0

المحامي فيصل اليحيى

خص المحامي فيصل اليحيى بمقال تساءل فيه عن أسباب اتهام كتلة  العمل الوطني من جانب خصومهم بعقد صفقة مع الحكومة ، على خلفية التعيينات الآخيرة التي حظي بها منتمون أو مقربون للكتلة ، وأجاب اليحيى عن السؤال ، وإليكم نص المقال :

لماذا يتهم الوطني ؟

ترددت كثيرا في الكتابة تعليقا على ما يدور من ردود فعل صاحبت تعيين بعض القريبين من التيار الوطني أو المحسوبين عليه في بعض المناصب القيادية، وسبب ترددي هو الجو العام المشبع بحالة التشنج التي تجعل من مجرد الاختلاف بالرأي سبب للخصومة الشخصية والتي خلقت مساحات ملتهبة عند كل طرف من الأطراف لا يقبل لأي أحد الاقتراب منها أو المساس بها مهما كان موضوعيا في تناولها.. فضلا عن تحول معظم النقاشات من حوار حول الموضوع إلى الهجوم الشخصي.الا انني قررت في النهاية الخوض في الموضوع من باب التحليل وليس من باب الدفاع او الهجوم.. محاولا تناوله من زاوية تختلف عن قصر النظر على الاتهام أو الدفاع، راجيا الا أحيد في ما أنا بصدده عن الموضوعية.
ومدخلي للموضوع هو بطرح السؤال التالي: لماذا يتهم التيار الوطني بعقد الصفقات؟
قد يقول البعض أن ذلك يأتي بسبب مواقف كتلة العمل الوطني التي تزامنت مع هذه التعيينات.. ويقابل ذلك رد أنصار التيار باستعراض مواقف الكتلة التي يرون بأنها ثابتة ومبدئية، ولكل من الرأيين وجاهته من وجهت نظر من يتبناه، وليس موضوعي هنا مناقشة أو تقييم أي من الرأيين أو الانحياز لأحدهما، فأنا أرى أن المشكلة التي نحن بصددها أقدم وأعمق من ذلك بكثير.
في تقديري أن السبب الأول والرئيسي للهجوم على هذا التيار ـ أو غيره ـ وعلى النحو الذي نشهده، هو ثقافة ساهمت كل الأطراف بغرسها - بما في ذلك التيار الوطني ـ وهي ثقافة الطعن بالآخر (عمال على بطال) بالحق والباطل دون مراعاة لأبسط قواعد الموضوعية ومتطلبات الحد الأدنى من شرف الخصومة، وها هي كل الأطراف التي ساهمت بهذا الغرس تجني ثمار غرسها تباعا وتتجرع من ذات الكأس الذي سبق أن سقته لغيرها.
فهذه التيارات التي خضعت لاستقطابات السلطة، وفشلت في بلورة مشروع وطني مشترك يساهم الجميع في تحقيقة، وعمدت لممارسة سياسة تنزيه الذات وتدنيس الآخر ومحاولة اقصائه بأي شكال من الأشكال، قد نجحت - بفضل سياستها تلك - في تلطيخ سمعة بعضها، وكانت النتيجة التي عادت عليها جميعا أنها فقدت ثقة الشارع بها وأصبح الانتماء لها تهمة يحاول كل مرشح التنصل منها بعد أن أصبح الكل في نظر الرأي العام مدان ومتهم.
لقد تجاوز الأمر ذلك حتى صار خطأ الفرد يعمم على الجميع وأصبح كل طرف يفرح بأي سقطة للآخر ليسلط عليها الأضواء ويبرزها ويضخمها، بل تجاوز الكثير هذا الحد حتى بات يسعى بكل جهد لأن يشوه أي موقف لهذا الأخر مهما كان إيجابيا وموضوعيا، فإذا عجز عن ذلك راح يجتر التاريخ ليبحث عن سقطة هنا أو زلة هناك يدنس بها غيره ليشفي بها صدره.
وسبب هذا السلوك - الذي انتهجته التيارات والذي تشكلت على اثره هذه الثقافة - هو ان كل حساباتها للخسائر والأرباح أصبحت قائمة ومنصبة فقط على نتائج الانتخابات.. فنتائج الانتخابات وعدد الأصوات - المأمول الحصول عليها - باتت هي الهدف ومسطرة القياس الوحيدة التي تسقط أمامها كل المعايير القائمة على أسس قيمية او مبدئية أو موضوعية.
وما دمنا بصدد الحديث عن الهجوم الذي يتعرض له التيار الوطني أقول: لو تعامل ابناء هذا التيار بموضوعية - على سبيل المثال - مع شيك الطبطبائي او موقف الحركة الدستورية عندما فصلت كل من الشطي والبيصيري من عضويتها أو مع الكاتب محمد عبد القادر الجاسم أو غيرها من القضايا، لوجدوا من الأطراف الاخرى من يبادلهم ذات الموضوعية في تقييم موقف تيارهم اليوم او على الاقل ألا يشارك بهذا الهجوم أو يفرح به.
وعندما أقول موضوعية لا أعني اغفال الأخطاء أو عدم إدانتها، ولكن أعني وضع كل شيء في نصابه الصحيح وتقديره بقدره دون افراط أو تفريط، دون تعميم للنقاط السوداء على الثوب الأبيض أو غض الطرف عن البقعة البيضاء في الثوب الأسود، وكلامي هنا، وإن جاء بمناسبة ما يتعرض له التيار الوطني في هذه المرحلة من هجوم، إلا أنه ليس قاصرا عليه فهو ينسحب على كل الأطراف الأخرى.
فما يعانيه التيار الوطني سبق أن عانت منه أطراف غيره، وستعاني منه أطراف أخرى في المستقبل، وعندها سنقول لتلك الأطراف لو أنكم تعاملتم بموضوعية مع غيركم لوجدتم من يتعامل بموضوعية معكم، فالمشكلة ستظل قائمة ومستمرة وسيظل الجميع يتجرع من مرارة ذات الكأس تباعا ما لم نستبدل ثقافة الطعن والاتهام (على الهوية) بثقافة النقد والتحليل الموضوعي.
تبقى كلمة أخيرة في شأن التعيينات.. نعم قد يكون جميع من تم تعيينهم من أصحاب الكفاءات ـ وهذا قد ينسحب على من سبق تعيينهم من التيارات الأخرى في مناسبات سابقة ـ ولكننا نعلم أيضا - بأنه في ظل الظروف والأوضاع السياسية التي نعيشها - أن الكفاءة ليست المعيار الذي يعتمد عليه بالاختيار، وأن السلطة - في هذا الوقت تحديدا - أصبحت لا تقدم على مثل هذه العطاءات إلا تسديدا لفواتير سابقة أو لمقابل سيدفع لها بالمستقبل، وهذا ما يثير اللغط - حاليا - حول هذه التعيينات خصوصا اذا ما صاحبتها مواقف ليست حاسمة للكتلة ولا تتسم بالوضوح اللازم في عين الرأي العام تجاه رئيس الوزراء.. على خلاف موقفها من الوزير أحمد الفهد.
وفي التحليل السياسي لا تستبع أي من الاحتمالات - بخيرها وشرها - طالما أن هناك منطق معقول يقود إليها، فقد يكون في الأمر صفقة وهذا ما يراه البعض، وقد لا يتعدى كونه مجرد سقطة لا يقاس عليها وهذا ما يرجحه طرف آخر، وقد تكون محاولة للاستدراج والاستقطاب والاحتواء من قبل السلطة من باب'اترس الحلج تستحي العين' وهي سياسة نجحت فيها السلطة أحيانا وفشلت فيها أحيانا أخرى، وقد يكون شيء آخر غير كل ما تقدم، ولكن يبقى المحك في ترجيح أي من هذه التحليلات أو غيرها هو مواقف الكتلة من رئيس الوزراء تحديدا والتي سيكشف عنها القادم من الأيام.
وكلمتي ما بعد الأخيرة أوجهها للأخوة الأفاضل الذين تم تعيينه أو الذين سيتم تعيينهم في المستقبل.. أرجو ألا يعتبر هذا المقال بأي شكل من الأشكال موجه ضد أشخاصكم، فلكم منا كل الاحترام والتقدير وتمنياتنا لكم دائما بالنجاح بالتوفيق فيما يخدم البلد.

المحامي/ فيصل صالح اليحيى

الآن: رأي - فيصل اليحيى

تعليقات

اكتب تعليقك