مثل سنة 'الطبعة' و 'الدبا' و 'الهيلق' و 'الرحمة' و 'الطفحة'

محليات وبرلمان

السعدون: الكويتيون كانوا يؤرخون سنواتهم بالأحداث الموسمية:

4283 مشاهدات 0

الفلكي عادل السعدون

قال الباحث الفلكي والمؤرخ عادل السعدون ان تاريخ الكويت تخلله كثير من الاحداث والكوارث الطبيعية من امطار واعاصير وامراض وجراد ومجاعات ومن شدتها وهولها كان الكويتيون يؤرخون ويسمون سنواتهم بها مثل سنة (الطبعة) وسنة (الدبا) او (الهيلق) او (الرحمه) و(الطفحة) وغيرها.
واضاف السعدون لوكالة الانباء الكويتية (كونا) ان هذه الاحداث اثرت بشكل مباشر ليس فقط على طريقة حياة الكويتيين كحساب المواليد او الزواج انما حتى في حساباتهم الفلكية وكتابة تاريخ الايام والاشهر والسنوات وبقيت محفورة في ذاكرتهم فيقولون على سبيل المثال (ولد فلان في سنة الهيلق).
واوضح ان سنة الهيلق حدثت في العام 1868 حيث ضربت مجاعة منطقة الجزيرة العربية استمرت ثلاث سنوات حتى سنة 1871 ميلادي وقد اصاب هذه المجاعة الكويت وتسببت في هلاك بعض الكويتيين بسبب الجوع وقد استطاع الكويتيون ان يتجاوزوا هذه الازمة حيث قام المحسنون في ذاك الوقت بمد يد العون الى المعوزين والمحتاجين بما يملكون من مال وتوزيع الطعام في الاسواق والطرقات وقد اطلق الكويتيون على ذلك العام (سنة الهيلق).
واشار الى (سنة الدبا) وهي التي حدثت في 1890 (ويعرف الدبا بأنه صغار الجراد) الذي غزا الكويت واصاب المزارع واتلفها كما ملأ الابار وانتنها واستطاع الكويتيون ان يقاوموا هذا الجراد الصغير بالصبر وقد اخذوا يؤرخون بهذه السنة فعندما يقول شخص انه من مواليد سنة الدبا فهذا يعني انه من مواليد 1890 او يقال قبل سنة الدبا اي في العام 1889.
وذكر السعدون ان هناك سنوات تعد مواسم الخير كسنة الطفحة وهي سنة 1912 ميلادي ويقصد بها سنة الخير وكثرة الرزق (طفح) حيث ضربت السفن الكويتيية المغادرة للغوص رقما قياسيا فبلغ عدد السفن 812 سفينة وبلغ عدد البحارة 30 ألف بحار وبلغت ارباح محصول اللؤلؤ ستة ملايين روبية وهذه الارقام كانت في ذلك الوقت ارقاما قياسية جاوزت الحد وجعلت الكويتيين يؤرخون بهذه السنة المباركة وكانوا يتباركون بها.
واضاف ان سنة 1918 ميلادي سميت بسنة (الرحمة) عندما تعرضت مناطق عديدة من القارة الاسيوية والقارة الاوروبية الى مرض الانفلونزا الامر الذي اثار الفزع في الدول الواقعة في هذه المناطق ومنها الكويت حيث سيطر الخوف والفزع على الاهالي اعتقادا منهم بأن ذلك المرض مثل سنة الطاعون الذي اصاب الكويت عام 1831م وانتهت موجة الانفلونزا من دون ان تحصد ارواحا كتلك التي حصدها مرض الطاعون فاطلق الكويتيون على ذلك العام سنة الرحمة فيقولون على سبيل المثال (ولدت في سنة الرحمة).
وبين ان سنة الرجيبه هي العام 1872م وعرفت بسنة الرجيبة لانها حدثت في شهر رجب حيث تعرضت الكويت لمطر عظيم صاحبته رياح عاصفة عاتية نتج عنها اضرار كبيرة حيث تهدم كثير من المنازل وارتطمت السفن ببعضها البعض مما تسبب عن ذلك خسائر فادحة كما تسمى سنة 1831 (السنة الحمراء) حيث هبت على دول المنطقة موجه من الغبار الاحمر أدت الى قطع طرق المواصلات البحريه بين الكويت ودول الخليج.
وقال السعدون ان حوادث غرق السفن الشراعية الكويتية المسافرة الى شرق أفريقيا والهند والخليج العربي تسمى محليا (الطبعة) وهي كثيرة ومؤلمة ففي سنة 1845 طبعت (أي غرقت) سفينة (الوفرة) وهي من نوع البغلة عائدة من خليج البنغال وكانت حمولتها 750 طنا وملك للنوخذة يوسف الصقر في طريقها الى الكويت حيث واجهت عاصفة شديدة على ساحل المليار وغرقت بحمولتها وبحارتها وسميت السنة ب(طبعة الوفرة) فيقولون على سبيل المثال (ولد في سنة طبعة الوفرة او حتى تزوج او اشترى منزلا او اي حدث يكون له اهمية كبيرة).
واضاف انه في العام 1910 حدثت (طبعة عبداللطيف المضف) قرب الجبيل في المملكة العربية السعودية وايضا في العام 1928 حدثت (طبعة جاسم الغانم) في هيرات البحرين وحاولت سفينة أولاد سعد الناهض إنقاذها ولكنها طبعت أيضا وفي عام 1931 حدثت (طبعة منصور الخرافي) قرب بومبي وتلتها (طبعة جالبوت جاسم الغانم) عام 1932 في هيرات الكويت وفي العام 1942 حدثت (طبعة سعد بن مساعد العسكر) في المحيط الهندي.
وذكر السعدون انه في العام 1943 حدثت (طبعة فهد بن موسى) بالقرب من كاليكوت بالهند وفي نفس العام طبعت سفينة بلال ابراهيم الصقر بعد خروجها من بومبي بأربعة أيام حيث ضربتها عاصفة تسمى (ضربة الاكليل) أغرقت السفينة وتوفي النوخذة بلال ومعه 24 بحارا ونجا منهم 12.
واضاف انه في عام 1944 طبعت سفينة (فتح الخير) في المحيط الهندي المشهورة إنما أنقذوا البحارة وفي عام 1945 طبعت سفينة ولد غيث بعد مغادرتها من كراتشي وفي العام 1947 حدثت (طبعة عيال بهمن) حيث جاءها طوفان بعد خروجها من (جيوه) في الهند وكانت ضربة قوية مخيفة يطلق عليها أهل البحر (الأحيمر) وغرقت السفينة بمن فيها ومعظم بحارتها من عائلة بهمن وسميت السنة (سنة طبعة عائلة بهمن).
وقال انه في عام 1948 كان النوخذة عبدالله محمد الرضوان في رحلة إلى ساحل الهند الغربي وفي طريق العودة هبت عاصفة بعد مسيرة خمسة أيام وفي بندر كالكوت غرقت السفينة وانقسم البحارة إلى قسمين احدهما مع سليمان المهيني في سفينته والآخر مع النوخذة الرضوان في سفينة ثانية وبعد أيام غرقت سفينة الرضوان الثانية أيضا.
واشار الى ان توثيق التاريخ خصوصا بحوادث اغراق السفن يرتبط كثيرا بحركة ومسميات الرياح وقد اطلق الكويتيون اسماء على انواع ومواسم الرياح من حيث قوتها وحرارتها واتجاها فيقال (برصات) تهب فيه الرياح الموسمية المعاكسة وهو موسم يحدث خلال أشهر الصيف في بلاد الهند وتصعب على السفن الشراعية العودة إلى الكويت والخليج العربي لأن الرحلة محفوفة بالأخطار وتنتظر في الموانىء الهندية لمدة من ثلاثة إلى أربعة أشهر من آخر شهر مايو حتى آخر سبتمبر.
واضاف ان (السريان) هي رياح تقع في أواخر الربيع وهي عبارة عن زوابع رعدية تصحبها أعاصير وأمطار وتقلبات جوية مفاجئة تحدث من أول أبريل حتى منتصف مايو كما يقال (بارح) وجمعها بوارح وهي رياح شمالية غربية موسمية تهب إلى الجنوب تبدأ من الأسبوع الأول من شهر يونيو وتشتد أحيانا وتثير الغبار ويقال ايضا (غلاق السفر) وهو عبارة عن رياح موسمية حيث تكثر الأمطار والاعاصير في المحيط الهندي فلا تبحر السفن في مايو ويونيو ويوليو.
ويقال (خواهر) عندما يركد الهواء لا هبوب أو نسمة اما (دوق) فهو ركود الهواء بعد هبوب رياح شديدة و(ضربة) هي الريح الشديدة التي تهب فجأة بعد الركود اما (كوس) فهي الرياح التي تهب من الجنوب وتسبب ثقلا للشراع وكثرة الرطوبة وتكون هذه الرياح غير مواتية للسفينة اما (ولم) فهو الريح المناسبة والملائمة لوجهة سير السفينة فتكون سائرة مع الرياح والكلمة جاءت من الملاءمة بمعنى يوالم ويلائم.
واوضح السعدون ان (اربعينية الشتاء) تمتد لمدة 39 يوما من 7 ديسمبر حتى 14 يناير وتهب فيها الرياح الشمالية الغربية الباردة السريعة اما (اربعينية الصيف) فتمتد 39 يوما من 7 يونيو حتى 16 يوليو وتهب فيها الرياح الشمالية الغربية السريعة الحارة والمثيرة للغبار و(التويبع) هو موسم في فصل الصيف من 20 يونيو حتى 2 يوليو يكثر فيه الغبار.
واضاف ان (جمرة الصيف) تقع في الاسبوع الاول من شهر اغسطس وتكون الحرارة عالية جدا عن المعدل و(جواش) وتنطق باللهجة الكويتية (يواش) اي السير المتعرج ضد الريح عندما تكون الرياح في اتجاه مقابل للسفينة ويصبح من الصعوبة ان تسير وايضا رياح (السمو) وهي التي تهب في فصل الصيف وتأتي من جهة الشمال الغربي حارة جدا وعاده تهب في الأسبوع الاول من شهر يوليو.
وبين ان هناك انواعا اخرى من الرياح منها (ضربة الأحيمر) وهي رياح قوية تصل الى مستوى العاصفة وتهب في منتصف أكتوبر الى آخر أسبوع في نوفمبر وتنتج عنها أمواج عالية قد تغرق السفن ويحتاط منها نواخذة الخليج كما يقال (صنكرة) اذا وقف الهواء ويكون الجو حارا و(وعكة) حينما تشتد الحرارة مع الرطوبة وتسكن الرياح و(غره) وهي شدة الحر مع حركة الرياح و(خب) عندما تكون الرياح جنوبية أو جنوبية شرقية مشبعة بالرطوبة الشديدة.
واختتم السعدون حديثة بالاشارة الى ان رحلة السفن الشراعية الكويتية تستغرق أكثر من ثلاثة أشهر بحسب هبوب الرياح واتجاهاتها ولكن السفر من بومبي إلى كالكوت ليس سهلا فتواجه السفن رياحا وامواجا عاتية ورحلة العودة تسمى (التعلاه) من فبراير إلى أبريل وإذا تأخرت ينتهي الموسم ويسمى (اغلاق الموسم) ويعني هيجان البحر فتضطر إلى البقاء من مايو إلى آخر يوليو وهي أشهر الأعاصير.

الآن - كونا

تعليقات

اكتب تعليقك