ماذا سيكتب المتنبي عن أمتنا في زمننا هذا وعن بعض حكامها؟ عمر الطبطبائي متسائلا
زاوية الكتابكتب يوليو 16, 2011, 3:07 ص 1210 مشاهدات 0
الأمة...
«أغاية الدين أن تحفوا شواربكم... يا أمة ضحكت من جهلها الأمم». المتنبي.
البيت السابق لم ولن يكن بيتاً عادياً بل هو تحفة فنية مرسومة بألوان الحروف، مبروزة ببرواز الكلمات، معلقة على حائط التاريخ! حكمة رسمت واقعاً مؤلماً آنذاك وبينت مدى تفاهة البعض باهتمامهم بظاهر الأمور وليس جوهرها في ذلك الزمن.
البيت السابق من قصيدة «من أي الطرق يأتي نحوك الكرم» التي كتبها المتنبي بعد أن انقلب على كافور الإخشيدي وهو أبو المسك كافور بن عبد اللّه الاخشيدي أحد ملوك مصر الإخشيديين، كان عبداً حبشياً اشتراه الاخشيد ملك مصر عام 312 هـ، فنسب اليه وأعتقه فترقى عنده، إلى أن أصبح ملكاً على مصر، وشرح كتاب «شرح أبي العلاء» للمعري هذا البيت قائلا: «من عادة أهل مصر إحفاء الشوارب، فاقتصروا من الدين على ذلك، وعطلوا سائر أحكامه ورضوا بولاية كافور عليهم مع خسته، حتى ضحكت الأمم منهم واستهزؤوا بهم وبقلة عقلهم».
كانت هذه المقدمة ضرورية لموضوع هذا المقال الذي يتمحور في إجابة السؤال الآتي: ماذا سيكتب أو يرسم المتنبي عن أمتنا في زمننا هذا وعن بعض حكامها؟ خصوصاً أننا:
• أمة واقعها يقول حب لأخيك ما تكرهه لنفسك.
• أمة نشرت من مفهوم الثقافة آخر ثلاثة حروف منها لالتهام عقولها.
• أمة تطالب بإصلاح حال مجتمعاتها متجاهلة ثقافة إصلاح النفس التي إذا صلحت صلح معها كل شيء.
• أمة تريد وترغب/وترغب وتريد، من دون تحريك ساكن.
• أمة انتاجها الثقافي في عهد الجاهلية أكبر بكثير من انتاجها الثقافي في عهد التحضر والتقدم والتطور.
• أمة أغلب شعبها يرى نفسه وصياً على المجتمع لا جزءا منه.
• أمة خلطت عاداتها وتقاليدها بالدين سواء كان بقصد أو من دون قصد.
• أمة حكوماتها مميزة في وأد الطموحات.
• أمة تخدرت من التفاؤل المفرط.
• أمة تجيد وبامتياز تبرير السلبية.
• أمة تستخدم من كلمة «شرف» آخر حرفين منها لتركن معنى الكلمة كاملة عليه.
• أمة تحدد مواقفها على أساس «من صاحب الفكرة» لا قضية الفكرة.
• أمة تطلق لقب «الغبي» على من يرفض الاستفادة مادياً بطرق مشبوهة، وتطلق على سراق أموالها العامة لقب «داهية».
• أمة وحدتها الوطنية ما هي الا «واحدة ونص» على ايقاع المصالح الخاصة.
• أمة تفتخر بماضي ماضيها ثم تسمعها تردد «ليس الفتى من قال أبي... إن الفتى من قال ها أنا ذا».
• أمة تفتخر بأمجاد الأندلس من دون التمعن والنظر بأسباب سقوطها.
• أمة حكوماتها تتهم محمد بوعزيزي من دون التفكر بالـ «كف» أو الصفعة من الشرطية فادية التي تسببت في اندلاع الثورة.
• أمة تطالب بتجديد الدماء وما ان يظهر شاب وسيم الفكر حتى تنهال عليه سهام الغيرة ورصاصات الحقد.
• أمة أقصى اهتماماتها التركيز على الأمور السطحية بدلاً من الجوهرية.
• أمة لغة تكفير من يخالفها الرأي أسهل بكثير من لغة الحوار والتفاهم معهم.
• أمة عقولها عارية من ثقافة الابتسامة واحترام القوانين والوقت والطوابير والبيئة.
• أمة أغلب قوانينها «حبر وورق» وتطبق حسب المزاج.
• أمة أغلب مثقفيها هم ساستها وهم أنفسهم تجارها وهم نخبتها وهم اقتصاديوها وأنفسهم رياضيوها وهم سوبرمان وباتمان وأحياناً طرزان.
• أمة لها إجابة واحدة لكل سؤال يتعلق بالمستقبل وهي «لو» تفتح عمل الشيطان.
لذلك تمنيت أن يكون المتنبي بيننا اليوم حتى نستمع إلى رسوماته الشعرية في تصوير أمتنا، ولكن قبل كل هذا هل نستحق لقب «أمة»؟
دائرة مربعة
«حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ نُمَيْر قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ رَبِيعَةَ ابْنِ عُثْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَفِي كُلّ خَيْر احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلَا تَعْجَزْ وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلَا تَقُلْ لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا وَلَكِنْ قُلْ قَدَرُ اللَّهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ». حديث صحيح رواه مسلم.
• نقل ابن حجر في الفتح عن القرطبي أنه قال في المفهم: محل النهي عن إطلاقها (يعني لو) إنما هو فيما إذا أطلقت معارضة للقدر مع اعتقاد أن ذلك المانع لو ارتفع لوقع خلاف المقدور؛ لا ما إذا أخبر بالمانع على جهة أن يتعلق به فائدة في المستقبل، فإن مثل هذا لا يختلف في جواز إطلاقه، وليس فيه فتح لعمل الشيطان، ولا ما يفضي إلى تحريم.
عمر الطبطبائي
تعليقات