تساؤلات عديدة يثيرها د.حسن عباس حول مؤتمر «القبس» للوحدة الوطنية

زاوية الكتاب

كتب 847 مشاهدات 0



الراى
مؤتمر «القبس» للوحدة الوطنية

 
افتتاحية «القبس» يوم الاثنين الماضي كانت تدور حول ضرورة الدعوة لمؤتمر يجمع أبناء الوطن للتحاور ولرسم «خطة طريق تقود

عملية الإصلاح السياسي» كما قالت، وهي بالمناسبة دعوة ليست الأولى كونها قد دعت للأمر نفسه قبل أعوام عدة.
العنوان لهذا المؤتمر جيد، والهدف من ورائه كموضوع نظري أيضاً ممتاز وجميل، ولكن الشيطان يسكن في التفاصيل. فما تفاصيل وأجندة

هذا المؤتمر، من هم الحضور، من الذي سيتسيّد المؤتمر، ما القوانين المنظمة لهذا المؤتمر، ما القوة التي يمتلكها هذا المؤتمر، ماذا لو لم يحظ

المؤتمر بقبول كل الكويتيين، فساعتها هل ستكون الآثار والنتائج كالعنوان الذي سعت إليه «القبس»؟
أذكر أن الفيلسوف السياسي الأميركي (أظنه معاصراً إلى الآن) البروفيسور جون راولز في كتابه الشهير «نظرية العدالة» طرح نقاشاً

فكرياً مؤثراً جداً حول مفهوم العدالة على اعتبار أنها (أي العدالة) مشكلة ومعضلة فكرية رئيسية لدى المفكرين والدول وبالتالي العقود

الاجتماعية والدساتير المنظمة للعلاقة بين الحاكم والمحكوم. ملخص إجابة البروفيسور في كتابه أن العدالة تختلف باختلاف الخلفية الفكرية

والمذهبية والقبلية والطبقية والعلمية التي يحملها كل إنسان، فالمرأة بالنسبة لها العدالة كل شيء ينصف بنات جلدتها، في حين أن العدالة لدى

القومي كل ما ينقذ ويحمي فصيل هذا الإنسان، والأمر نفسه لدى المفكر والشرقي والعامل والتاجر والجاهل، وغير ذلك، فالمعنى يتسع

وبازدياد كلما تنوعت قائمة الخلفيات التي يحملها أفراد المجتمع.
إذا عرفنا ذلك، نقول كيف سنحدد ما إن كان المؤتمر حقا مؤتمراً عادلاً ينصف الجميع، وهل المعارضة الحالية منصفون ووطنيون بحسب

وجهة نظر فريق الموالاة مثلا؟ وقس على ذلك الهويات والشخصيات والتيارات. فمن حيث المبدأ ما المعيار الذي على أساسه يُحسب هذا

الفريق وطنياً لكي يشارك ويصوّت من عدمه! فما الضمان أن توصيات المؤتمر لن تكون ظالمة ومنحازة لهذا الجانب أو لذاك؟
طيب مؤتمر شعبي قبلنا بالأمر، لكن ما معيار الوطنية، هل بالمال، بالعائلة، بالشهادة، بالنفوذ؟ ثم ما الهدف الوطني المقصود، فمثلاً هل تقبل

القبس بتعديل قانون الجنسية بحيث يكون الكويتيون سواسية، أو تعديل الدوائر بمعنى تساوي نسب التصويتات، هل هو إيقاف نظام التوارث في

الحكم مثلا، أم الغرض منه تعديل الدستور، أم استبداله تماماً بآخر، أم وطني بمعنى «طاح الحطب» وبلا زعل وخصام طائفي، مجموعة

طويلة عريضة من الاستفسارات والاستفهامات التي لن تكفيها مقالة واحدة.
كلام لا يبدو أنه مؤثر بأكثر من عنوانه الجميل. للأمانة نحن نعاني من أزمة ثقة، وإلا فنحن نمتلك مقومات دستورية تعفينا من كل هذه

الشوشرة التي ستقلب نظامنا المستقر الذي قطع مسيرة طولها 50 عاماً من الزمان لتعيدها إلى الصفر. نحن بلد مؤسسات وتأتي المؤسسة

التشريعية على رأسها وتمثل جميع فئات وأطياف المجتمع. فهناك مقترحات مختلفة بخصوص الوحدة الوطنية، مقترحات يمكن التناقش

حولها بعيدا عن فتح باب الفتن والقلاقل كتلك الدعوة التي لا تصلح لأبعد من تطييب الخواطر وترطيب الأجواء المشحونة.


د. حسن عبدالله عباس

الراى

تعليقات

اكتب تعليقك