الربيع العربي: تقاطعات الدور الخليجي والتركي
عربي و دولييونيو 19, 2011, 12:11 ص 2521 مشاهدات 0
'قحطة' شخصية محورية في المسلسل الكويتي 'درب الزلق' إنتاج 1977م ،ولجهله كانت تصرفاته عائقا امام طموحات أبناء أخته خلال موجة توزيع الثروة عبر تثمين المنازل في منتصف القرن الماضي،حيث تحول المجتمع من الفقر المدقع الى الغنى الفاحش. وقد تحولت الشخصية الى رمز في الثقافة الخليجية. وعلى شاكلتها ظهر في صيف 2008م المسلسل التركي 'نور' وكانت الشخصية المحوريه 'محمد' أو 'مهند' كما في النسخة العربية فتكشف فجأة على غير ترتيب عمق الفراغ العاطفي الذي تعيشه مجتمعاتنا نتيجة الكرم العاطفي من 'مهند'، الذي تعدى حدوده على مضيق البسفور ليصل الى خدر الغادة الحسناء هنا.
لقد وصل الطموح السياسي التركي في عالمنا العربي الى خدر الحسناء العربية في صورة تتجاوز المسموح به حتى في أحلك فترات الاتكالية في العلاقات الدولية. لقد أصبح لها مصالح عالمنا بدرجة أباحت لرجب طيب أردوغان ليقول 'إن ما يجري في سوريا مسألة داخلية تركية'. بل إن صحيفة الإيكونومست إقترحت قبل سقوط مبارك النموذج التركي كأفضل الحلول أمام النظام المصري لتجاوز أزماته . صحيح ان الصعود التركي على المسرح العربي يجري نتيجة فراغ قوة قيادي جراء تشظي المحور الخليجي المصري السوري بعوامل إيرانية، لكن حتى دور تركيا كرادع للطموح الايراني لايعتبر مسوغا لتدخلها .ففي عرف العلاقات الدولية لن تكون هذه 'الفزعة' التركية مجانية، بل إن بوادر إعتبار بلاد الشام والعراق كمناطق إهتمام ثم نفوذ قد أخذت مؤخرا طريقها الى خطابات المسئولين الاتراك .
لقد جاء الربيع العربي بفرصة لعبت من خلاله الخليجيون دورا يناسب القوة المتاحة لهم وأدت لمبادرات خليجية ناجحة.لكن ردة الفعل من بعض كتل العرب كانت محبطة لآمالنا. فالارتياح للدور التركي في سوريا مثلا لايقارن بالتشهير والرفض للدور الخليجي،ومثله الموقف المصري بدرجة ما،واليمني بدرجة أشد،رغم أن ماصنع الحداد لازال قائما بين انقرة ودمشق بدءا بالاسكندرونة مرورا بالاكراد وحتى مشاكل المياه. لقد نظر بعض العرب للدور الخليجي وكأنه تهديد،ومؤامرة غربية نحن أصابع تنفيذها،في تجاهل اخرق لحقائق عدة، فتركيا هى حليفة إسرائيل رغم التحصيل الاستراتيجي المتواضع لسفينة الحرية. و أنقرة هي عضو الناتو لــ 50 عاما وليس نحن! فكيف تولدت الثقة بحرص أنقرة عليهم، اكثر من الحرص الخليجي !وأين الخطوط الحمراء التي شاهدتها أنقره وتراجعت عنها،ويتهمنا الاخوةالعرب بتجاوزها ! فنحن لا نتسابق مع تركيا في جني الثمار،فالتعامل بفعل الطموح ليس كالتعامل بفعل الواجب .وإذا كنا نعاني من التحديات بينما تستمتع انقرة بالفرص فبالامكان تجاوز هذا الخلل عبر تكييف السياسة الخليجية للتعاطي مع الفرص بحجم الهلع من التحديات.وتكمن قوتنا لكسب الفرص في أروقة الجامعة العربية التي كان لوزنها دور في استصدار قرارات أممية غيرت وجه بلدان عربية عدة بمحرك خليجي كما في ليبيا .
لقد كان 'قحطة 'يصنع ويصلح ويبيع الاحذية ،ولم يكن قادر على تغيير مسار الامور في محيطه الاسري فتسلح بالسلبية لكن تدخله في شئون الاخرين بالشماتة والاستهزاء جعل حتى أبناء أخته يمارسون معه العقوق بتحقيره ثم ضربه .ومايثير القلق أن تركيا تختبر العرب في علاقاتها الإقليمية الراهنة،ونتيجة خلل ما أصبح 'درب الزلق 'كالربيع العربي بتحولاته الكبرى، ففقد البعض وضوح الروية، وترسخ لدى البعض الاخر أن الخليجيين هم 'قحطة' والاتراك هم 'مهند' بحسنه ووضوحه وصدقه وتضحيته .
تعليقات