الضحك على ذقّن الوحدة الوطنية مع أحمد الديين ؟!
زاوية الكتابكتب يونيو 7, 2011, 12:25 ص 1015 مشاهدات 0
الضحك على ذقن الوحدة الوطنية!
كتب احمد الديين
اعتماد الحكومة في جلستها الأخيرة مشروع قانون حماية الوحدة الوطنية تمهيدا لإحالته إلى مجلس الأمة يمثّل في ظني مجرد حركة استعراضية غير جادة تهدف إلى رفع العتب يفترض بنا ألا ننخدع بها ولا نعوّل عليها كثيرا.
وبادئ ذي بدء لابد من توضيح أنّ هناك قوانين مقرّة تحظر ازدراء أي فئة من فئات المجتمع الكويتي من بينها قانون المطبوعات والنشر الذي يحظر في المادة 21 منه نشر كل ما من شأنه “المساس بكرامة الأشخاص أو حياتهم أو معتقداتهم الدينية والحضّ على كراهية أو ازدراء أي فئة من فئات المجتمع” حيث يفرض القانون على المدان بهذه المخالفة عقوبة غرامة تصل إلى ثلاثة آلاف دينار كويتي ولا تزيد على عشرة آلاف دينار، مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد ينصّ عليها قانون آخر، هذا بالإضافة جواز أن تأمر المحكمة بإلغاء ترخيص الصحيفة أو تعطيلها مدة لا تزيد على سنة وإغلاق المطبعة المستخدمة في الطبع، وهناك أيضا قانون الإعلام المرئي والمسموع الذي يحظر في المادة 11 منه بثّ كل ما من شأنه “الدعوة أو الحضّ على كراهية أو ازدراء أي فئة من فئات المجتمع” ويفرض عقوبات مماثلة... ومع ذلك كله فقد تراخت التشكيلات الحكومية المتعاقبة عن تطبيق هذا الحظر القانوني تجاه وسائل الإعلام التي تعمّدت إثارة الفتن الطائفية والقبلية والفئوية والمناطقية وازدرت على نحو متكرر بعض فئات المجتمع الكويتي وحضّت على كراهيتها علنا... ما يؤكد أنّ المشكلة لا تكمن في نقص تشريعي يجب استكماله بتشريعات جديدة، وإنما المشكلة تكمن أساسا في النهج السلطوي الذي لم يتورع عن اللعب بالأوراق الطائفية والقبلية والفئوية لأغراض تفتيت المجتمع وإلهائه في صراعات جانبية وإشغاله في معارك وهمية لينصرف عن الاهتمام بقضاياه الأساسية في الإصلاح والتغيير.
وأمامنا أمثلة وشواهد عديدة يكفي أن أشير هنا إلى ثلاثة منها... فجميعنا يذكر الأزمة المفتعلة في العام 2008 حول قضية التأبين التي شارك في تأجيجها وزير الداخلية السابق عبر تصريحاته النارية والتقارير المفبركة الصادرة عن بعض أجهزته الأمنية، التي هيّجت الرأي العام، وفي المقابل فقد استغل رئيس مجلس الوزراء تلك الأزمة ذاتها وذلك عبر توزيع متفق عليه للعب أدوار مختلفة بما يخدم مشروعه السياسي!
وتكرر الأمر ذاته في إثارة ما يُسمى قضية “مزدوجي الجنسية” التي ساهمت بعض الأطراف السلطوية في رعايتها وتسريب بعض وثائق ومضبوطات متصلة بحالات شخصية معينة لعرضها أمام وسائل إعلامية موجّهة لهذا الغرض، بالإضافة إلى استخدام السلطة ورقة “المزدوجين” في الضغط السياسي على بعض نواب المعارضة وعدد من نشطائها خصوصا من أبناء القبائل، وذلك ما استفز مشاعر جموع الكويتيين من أبناء القبائل الذين استهدفتهم تلك الحملة الموجّهة بالتعميم وبالتشكيك في انتمائها الوطني!
هذا بالإضافة المثال الثالث وهو التجاهل الحكومي لما سبق أن جاء في النطق السامي وما ورد في الخطاب الأميري أمام مجلس الأمة في افتتاح دور الانعقاد الثاني في شأن تشكيل لجنة لبحث ملف الوحدة الوطنية!
إنّ السلطة التي تتقدم الآن بمشروع قانونها في شأن الوحدة الوطنية ليست بريئة من المشاركة في العبث بالنسيج الوطني الاجتماعي ومحاولة تمزيقه إن لم تكن بعض أطرافها راعية لهذا العبث ومساهمة في محاولات التمزيق ومحرضة عليها، وبالتالي فلن يكون مجديا إقرار الحكومة مشروع قانون جديد في هذا الشأن، إذ إنّ هناك قوانين مقرّة من مجلس الأمة ومصدّق عليها من الأمير ومنشورة في الجريدة الرسمية لم يتم تفعيلها، وإن تمّ ذلك أحيانا فإنما يكون بصورة انتقائية مفضوحة أو تحت ضغط الرأي العام... وهذا ما سيتكرر مع مشروع القانون الجديد بعدما يتمّ إقراره، فالعلّة ليست في القوانين وإنما علتنا في الطرف المعني بتنفيذها.
تعليقات