أين ستذهب حينها، إلى رئيس الوزراء أم الأمة أم إلى سمو الأمير؟ علي خاجه يطرح هذا التساؤل في حال توقيع الوثيقة

زاوية الكتاب

كتب 1161 مشاهدات 0

علي خاجه

 

دستور الشعبي غير

علي محمود خاجه 

 
أعلم أنه إلى حين نشر هذا المقال سيهلل ويطبل الكثيرون حول الوثيقة التي بادر بها عضو كتلة العمل الشعبي مسلم البراك في “جمعة الرد” التي طالب بها بأن يرحل سمو رئيس الحكومة ونائبه، على أن تجهز “وثيقة الزنقة” كما أسماها البراك يوم الأحد؛ ليتم تمريرها على النواب لكشف من سيوافق ومن سيرفض أمام الشعب على حد تعبيره.
وقبل البدء لا بد أن أشير إلى أني من الموقعين على عريضة عدم تكليف الشيخ ناصر المحمد قبل شهر تقريبا كي لا يفسر ما سأكتبه بنحو غير صحيح، فما أكثر التخوين هذه الأيام!
وقبل البدء أيضا أقول إنه لو أوتيت أنا كمواطن الآن بوثيقة رحيل سمو الرئيس ونائبه فسأوقع وأختم وأبصم عليها فورا.
طيب، نتجه الآن للكلام الدستوري المنطقي البعيد عن العاطفة والتشنج، “الشعبي” يريد من النواب، ونضع عشرين خطاً تحت النواب، أن يوقعوا على وثيقة تطالب برحيل رئيس الحكومة ونائبه، على أي أساس؟ يقول قائل على أساس أنهم لا يصلحون وفشلوا في إدارة الحكومة أو الحكومات المتعاقبة… وأقول صحيح، وهذا رأيي أيضا.
لكن من أي منطلق دستوري قانوني نبرر هذه الوثيقة؟ فالنواب لهم أدواتهم الرقابية التي خصص لها الدستور فصلا كاملا من الشرح والتفصيل والتحليل، وإن كنا نريد الدستور واحترامه فعلينا تطبيقه دون الالتفاف عليه؛ حتى إن كان الغرض سليما والنوايا طيبة.
ثم لنفرض جدلا أن الوثيقة تم توقيعها من النواب، فأين تذهب الوثيقة حينها؟ إلى رئيس الوزراء أم الأمة أم إلى سمو الأمير؟ أعتقد أنه في حال تسليمها إلى أحدهم فإن الرد الطبيعي والمنطقي والمعقول هو أنكم أنتم ممثلو الأمة، وإن كنتم تريدون إقرار أمر ما فعليكم إقراره بالسبل الدستورية والقانونية، ووثيقتكم هذه لا تمثل شيئا أبدا، بل هي خلق عرف جديد فيه التفاف على الدستور والأدوات الدستورية.
هذا عطف على أن هذه الوثيقة يمكن أن تستغل كممسك للوقوف ضد الرئيس أو نائبه حتى إن كانت القضايا غير عادلة، بمعنى أنه من الممكن أن يوجه استجواب إلى الرئيس على خلفية فصل طالب من مدرسة، وإن لم يقف من وقع على الوثيقة من النواب مع مقدمي هذا الاستجواب غير المنطقي فإنه سيوصم بالتحالف والخيانة العظمى من قبل بقية فرقة الوثيقة.
لو رجعنا إلى الماضي القريب أو البعيد نيابيا فإننا لن نجد وثيقة كتلك أبدا، فلا المطالبون من النواب بالتعليم المشترك أو حق المرأة أو الدوائر الخمس قاموا بتوقيع وثيقة؛ لأن العقل هو المتسيد، فلا يجوز لنائب أن يستحدث أمرا غير دستوري لتحقيق هدف دستوري.
اختيار الوزارة وحل المجلس هما قراران للأمير فقط دستوريا، وتقديم النصح والمشورة هما الأمران الوحيدان اللذان من الممكن عملهما اليوم من قبل النواب في سبيل التغيير أو الحل؛ بالإضافة طبعا إلى تحقيق عدم التعاون أو طرح الثقة داخل قبة البرلمان.
لذا دعونا لا نستحدث أي أمر يخالف الدستور وقواعده العامة وقوانينه المنظمة في سبيل الوصول إلى أهدافنا، خصوصا ممن يمتلك الأدوات الكافية لصنع مصير الدولة وأعني هنا النواب، فإن لم يتحقق ذلك فعلينا أن نحترم الأغلبية، وإن عارضت أفكارنا ومعتقداتنا، وأن نحسن اختيارنا فعلا في المرة المقبلة.
آخر جملة: لقد تلطخت أيدينا بدم الدستور مرارا وتكرارا بتصفيقنا وتهليلنا لمنتهكيه وكارهيه فمتى تصحو العقول؟

خارج نطاق التغطية:
قد يكون الوزير الفهد مستقيلا حين نشر هذا المقال، وإن كان ذلك فهذا لا يعني انتهاء قضايا استجوابه، بل تجب ملاحقته قضائيا على ما طرح في محاور الاستجواب، أما إن لم يستقل فلا مناص من المنصة.

الجريدة

تعليقات

اكتب تعليقك