أحمد الديين يصف الصراع الأسري بين المحمد والفهد بالبائس والمؤذي، ويخشى مما هو أسوء من استخدام الأدوات النيابية والإعلامية والمنح المالية في التحجيم والإقصاء

زاوية الكتاب

كتب 1848 مشاهدات 0



الصراع الأسري! 
 
كتب أحمد الديين
 
منذ أن طويت صفحة أزمة انتقال الحكم بعد وفاة الأمير الأسبق المغفور له الشيخ جابر الأحمد في العام 2006 لم يحتدم الصراع الأسري على نحو مكشوف، بل على نحو فاضح وبائس مثلما حدث في جلسة مجلس الأمة يوم أمس الأول!
ولئن كان الصراع في 2006 يستند إلى أسباب مفهومة في ظل الوضع الصحي للأمير السابق المغفور له الشيخ سعد العبداللّه الذي لم يكن ممكنا استمراره في تولي منصب الإمارة مع خلو منصب ولاية العهد، فإنّ الصراع الحالي صراع يصعب فهم أسبابه، خصوصا أنّه يجري في ظل عدم بروز فراغ حقيقي في مركز السلطة، ناهيك عن أنّ طرفي الصراع الحالي من أبناء العمومة المباشرين في إطار الفرع الواحد وداخل مجلس الوزراء بين الرئيس وأحد نوابه.
ولعلّه كان يمكن فهم جانب من أسباب هذا الصراع ودوافعه قبل استقالة الحكومة السابقة بين الرئيس الذي لم يكن محبذا تقديم الاستقالة وبين الشيوخ الثلاثة الموجّهة إليهم استجوابات نيابية ممَنْ دفعوا الرئيس في اتجاه استقالة الحكومة... وربما كان يمكن حسم الأمر على نحو منطقي ومفهوم بعدم إعادة توزير الشيخ أحمد الفهد والشيخ الدكتور محمد صباح السالم مثلما لم يتم توزير ابن عمهما الشيخ أحمد العبداللّه، ولكن بعد أن أعيد النائبان إلى منصبيهما السابقين في التشكيلة الوزارية الجديدة فإنّ ما حدث في جلسة الثلاثاء عبر تحريك الرئيس لبعض “أدواته” النيابية للتصويت ضد الطلب المقدّم من نائبه المستجوَب يفتح الباب أمام إثارة تساؤلات عديدة تحتاج إلى إجابات مقنعة وربما تتطلب محاولة استشراف للمستقبل واحتمالاته... إذ تبدأ هذه التساؤلات بالتساؤل المشروع عن السبب الحقيقي لإعادة توزير الشيخ أحمد الفهد على الرغم من كونه مستهدفا باستجوابه مجددا؟ ولماذا جرى تكليفه بحمل حقائبه الوزارية السابقة من دون تدوير؟!... وما إذا كانت إعادة التوزير مفروضة على الرئيس بحكم حسابات واعتبارات عائلية كان عليه أن يراعيها فيعيده، أم هي حسابات الرئيس نفسه التي استهدفت تصفية حسابات؟!
ثم يأتي التساؤل: هل كان تصويت “الأدوات” النيابية للرئيس ضد الإحالة والتأجيل يهدف فقط إلى الضغط على نائبه نحو الإسراع في قبول صعود المنصة ومناقشة الاستجواب الموجّه إليه حتى لا تتحوّل الإحالة والتأجيل مجددا إلى مادة إضافية تستغلها المعارضة النيابية ضده وتلهب الحراك الشعبي المستعر بعد قرار التأجيل الاستفزازي للاستجواب الأول الموجّه إلى الرئيس، وذلك بالتوافق مع اكتفاء الرئيس- بعد هذه الاعتراضات - بطلب تأجيل مناقشة الاستجواب الثاني الموجّه إليه مدة أسبوعين فقط حتى لا يستثير المعارضة والشارع أكثر مما استثارهما التأجيل لمدة سنة؟... أم أنّ تصويت “الأدوات” النيابية للرئيس هي رسالة موجّهة من الرئيس إلى نائبه ينبّهه فيها إلى ضرورة انضوائه التام تحت كنفه والابتعاد عن “اللعب المنفرد”؟... أم أنّه قرار مُتخذ لتحقيق هدفين أولهما تحجيم النائب؛ وثانيهما، وهو الأهم، تجاوز حالة الخلاف التي استجدت مع نواب “كتلة العمل الوطني”، خصوصا بعدما اصطفت الكتلة أو بعض نوابها في الجانب النيابي المعارض، بدءا من الانضمام إلى مجموعة “إلا الدستور” بعد سابقة إهدار الحصانة البرلمانية الموضوعية للنائب الدكتور فيصل المسلم، مرورا بتصويتهم مؤيدين لطلب عدم إمكان التعاون مع الرئيس بعد استجوابه في يناير الماضي، وصولا إلى مشاركة النائب عبدالرحمن العنجري، وإن كان قراره منفردا، في تقديم الاستجواب المؤجّل، بحيث يؤدي تصويت “نواب إلا الرئيس” إلى تحجيم “نائبه” المثير للجدل، وعودة الحال إلى سابق عهدها بين الرئيس والكتلة المعترضة على “نائبه” أكثر مما هي معترضة عليه؟... أم أنّ تصويت “الأدوات” النيابية للرئيس هو جزء من قرار أكبر وحسابات أبعد أثرا تستهدف إقصاء “نائب الرئيس” عن المشهد السياسي لاعتبارات تتصل بالمستقبل واحتمالاته والطموحات الذاتية وتحالفاتها والترتيبات الأسرية ومنافساتها؟!
أيًّا كان التفسير لهذا المظهر الأخير البائس والمؤذي من الصراع الأسرى، فإنّ ما حدث يمكن أن يكون عيّنة لبعض ما قد يحدث مستقبلا، وما قد يتخذ مظاهر أسوأ وأقسى من مجرد الاكتفاء بتحريك هذا الطرف أو ذاك “أدواته” النيابية و”وسائله” الإعلامية و”منحه” المالية في تحجيم منافسيه وإقصائهم عن الميدان وحسم الأمر لصالحه!
 
 

عالم اليوم

تعليقات

اكتب تعليقك